وقال رحمه الله في موضع آخر
ما نصه :
" وأيضاً فإن الله عاب على المشركين شيئين :
أحدهما
أنهم أشركوا به مالم ينزل به سلطاناً .
الثاني
تحريمهم مالم يحرمه الله ،
كما بينه صلى الله عليه وسلم
في حديث عياض عن مسلم ،
وقال :
{ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا
لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا
وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ } [1] ،
فجمعوا بين الشرك والتحريم ،
والشرك يدخل فيه
كل عبادة لم يأذن بها الله ،
فإن المشركين يزعمون أن عبادتهـم
إما واجبـة و إما مستحبة ،
ثم منهم من عبد غير الله ليتقرب به إلى الله ،
منهم من ابتدع ديناً عبد به الله ،
كما أحدثت النصارى من العبادات .
وأصل الضلال في أهل الأرض
إنما نشأ من هذين:
إما اتخاذ دين لم يشرعه الله ،
أو تحريم مالم يحرمه .
ولهذا كان الأصل
الذي بنى عليه أحمد وغيره مذاهبهم ;
أن الأعمال عبادات وعادات ،
فالأصل في العبادات لا يشرع منها
إلا ما شرعه الله ،
والأصل في العادات لا يحظر منها
إلا ما حظره الله ،
وهذه المواسم المحدَثة
إنما نهى عنها
لما أُحدِثَ فيها من الدين
الذي يُتقرب به " [2] اهـ .
==============
[1] - سورة الأنعام ، الآية : 148 .
[2] - المجموع ، ج 4 ، ص 195 – 196 .