عموم المصيبة بإنتشارالغيبة
كانوا يقولون في الماضي المجالس مدارس وأقول نعم المجالس مدارس ولكن مجالس من إنهامجالس أهل التقى والعلم والأدب التي لايقوم منها من جلس فيها إلا وقد ارتفع إيمانه واستفاد علما وأدبا وأمامجالس أهل الغفلة واللهو فإنها تفسد القلب وتبلدالذهن فهي لاتخرج عن القيل والقال والوقوع في أعراض المسلمين والحديث عن النساء بكلام يخرج عن حدود الأدب والحياء وكثير من مجالس المسلمين اليوم تنتشرفيها آفات اللسان ولعل أكثرها انتشارا الغيبة نعم الغيبة التي أصبحت فاكهة يتفكه بها بعض الناس ويتلذذون بها نعم إن بعض الناس ممن في قلوبهم مرض لايتورعون عن نهش أعراض المسلمين وتتبع عوراتهم والبحث عن زلاتهم وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي برزه الأسلمي قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يامعشرمن آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لاتغتابوا المسلمين ولاتتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته * وقدحرم الله سبحانه وتعالى الغيبة قال تعالى (ياأيها الذين ءامنوا أجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولاتجسسوا ولايغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم ان يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم ) ، الحجرات قال القرطبي في تفسيره :مثل الله الغيبة بأكل الميتة لأن الميت لايعلم بإكل لحمه كما أن الحي لايعلم بغيبة من اغتابه وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إنما ضرب الله هذا المثل للغيبة لأن أكل لحم الميت حرام مستقذر وكذا الغيبة حرام في الدين وقبيح في النفوس قال قتادة : كما يمتنع أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا كذلك يجب أن يمتنع من غيبته حيا واستعمل أكل اللحم مكان الغيبة لأن عادة العرب بذلك جارية قال الشاعر: فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا والغيبة عرفها النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بمايكره قال أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان في أخيك ماتقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ماتقول فقد بهته قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري قال ابن التين :الغيبة ذكر المرء بمايكرهه بظهر الغيب وكذا قيد الزمخشري وأبو نصر القشيري في التفسير والمنذري وغيرواحد من العلماء من آخرهم الكرماني قال :الغيبة أن تتكلم خلف الإنسان بمايكرهه لوسمع وكان صدقا قال وحكم الكناية والإشارة مع النية كذلك انتهى كلامه رحمه الله والغريب أن بعض الناس يتكلم عن محاسن الأخلاق وعن الحقوق ولايكاديسلم أحدامن لسانه وإن من أكبر التناقضات أن ترى شخصا يحث على مكارم الأخلاق ثم يقع في أعراض المسلمين ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) البقرة نعم إن بعض الناس مولع بنقد الآخرين يقول شيخ الإسلام ابن تيمية إن بعض الناس لاتراه إلا منتقدا داءا ينسى حسنات الطوائف والأجناس ويذكر مثالبهم فهو مثل الذباب يترك موضع البرء والسلامة ويقع على الجرح والأذى وهذا من رداءة النفوس وفساد المزاج انتهى كلامه رحمه الله وماذا يستفيد المغتاب من تشويه صورة أخيه المسلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس ابن مالك :لايؤمن أحدكم حتى يحب لإخيه مايحب لنفسه رواه البخاري ومسلم فأين من يقع في أعراض المسلمين من هذا الحديث العظيم وهذا الذي يقع في أعراض المسلمين لوفكربعقله لوجد أن فيه من العيوب مايشغله عن عيوب الناس وكما قال أحد السلف طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى ولايذكر أحدا من المسلمين إلابخير وليعلم أن الدنيا زائلة وأن العمرقصير والعبد لايدري متى يفجأه الموت والله المستعان
رد مع اقتباس
