الله عز وجل لا يسأل كل نفس إلا ما أتاها ، فمن عنده علم يرد به على الشبهات، ويعلم أن الشبهات منتشرة لدرجة أنها تؤثر في عوام الناس وسكت عنها هو ، وهو فقط ، الذي سيسأله الله عن سكوته عن الشبهات .
أما صغار طلاب العلم فلن يسألهم الله إلا عن أنفسهم .
بل إن الله - بحسب ما فهمت من العلماء - لن يسأل العالم : لماذا لم ترد على الشبهة الفلانية رغم أنك علمت بها ؟
إن كانت المصلحة في عدم الرد عليها
فبعض الشبهات تكون مكتومة ، ولا يعرفها إلا عدد قليل من أمثال الذين يحفرون في قاع البحار
فلو أن العلماء اهتموا بالرد على كل الشبهات لحدث أن :
1) أشغلهم عن عملهم الأصلي وهو نقل ما تعلموه لطلاب العلم فينشغل العلماء بمحاربة الشبهات ويتركوا طلبة العلم بلا علم
فيصير الجيل الثاني بعدهم أنصاف متعلمين وما أضر هؤلاء على الأمة
2) الإعلاء من شأن أصحاب الشبهات
3) المساهمة في نشر الشبهات ، فبعد أن كان عدد الذين يعرفون هذه الشبهات بضعة آلاف من الذي يتابعون مواقع النصارى وشبهاتهم ، صار ، بسبب انشغال العلماء بالرد عليها رغم أنها أساساً لم تنتشر في الأمة ، الأمر واضح كالشمس وصارت الشبهة على ألسن العوام في وسائل المواصلات ، وليس من المصلحة نقل الشبهات من الأماكن الضيقة إلى الأماكن العامة منعاً للإثارة والتشكيك وهز عقيدة البسطاء . لكن لو انتشرت الشبهة وذاع سيطها فسيُقيد الله من عباده من يرد عليها إن شاء الله لأن الله تكفل بحفظ دينه بنفسه ولن يزول دينه وكتابه القرآن إلا في آخر الدنيا قبل قيام الساعة على شرار الخلق وذلك أيضاً حفاظاً عليه .
وصدّق يا أخي دحية أني كنت مثلك لكني وجدت أنه بعد عامين من تتبع الشبهات " الخاصة بالأشاعرة والمعتزلة والصوفية والشيعة " لم أستفد شئ ، وكل ما أجد شبهة، ولا أكون على اتصال بعالم أو طالب علم متمكن ليرد عليها ، يهتز شئ من إيماني، ولا يثبتني إلا أن أقول " من المؤكد أن هناك من هو أعلم مني ليرد على ذلك حتى ولم ييسر الله لي الوصول إليه " لذلك قررت عدم الدخول في أماكن الشبهات لأني سأتضرر ولن أنفع ، ولن أجد أحد يساعدني في الرد، فعليك نفسك فقط، لن يعجبك هذا الكلام ، أعلم، فقد كنت مثلك منذ عامين أو ثلاثة، لكن ، الآن أنا لا شئ، لست طالب في الفقه، ولست طالب في العقيدة، ولست طالب في الحديث، ولست طالب في التفسير، مجرد مثقف عنده معلومات. هذا هو حالي ، لأني لم أهتم طيلة العامين الماضيين إلا بالبحث عن الشهبات والجدال مع أصحاب المنتديات من الفرق المخالفة ، وثمرة ذلك: ضياع الوقت والعمر .
ضع لنفسك منهجية لترتقي في كل علم، وصدّقني أن كل العلماء يقولون نفس كلامي
وسؤالي لك لأثبت لك صحة الكلام:
1) هل أنت حافظ للقرآن الكريم كله مع إجازة من شيخ متقن ؟
2) هل حفظت كتاب واحد صغير من كتب غريب القرآن التي تهتم ببيان معان ألفاظ القرآن الصعبة ؟
3) هل قرأت كتاب واحد من كتب التفاسير المختصر الصغير مثل التفسير الميسر لمجمع الملك فهد أو زبدة التفسير للأشقر أو المختصر في التفسير لمركز تفسير للدراسات القرآنية، بحيث تكون مررت على القرآن كله ختمة تفسير لفهم القرآن ؟
4) هل أتقنت الآجرومية في النحو والبناء في الصرف ؟
5) هل حفظت الأربعين النووية بأحد شروحها وعمدة الأحكام بأحد شروحها ؟
6) هل أتقنت الورقات في أصول الفقه للجويني أو الأصول من علم الأصول لابن العثيمين ؟
7) هل ذاكرت أو قرأت كتاب في شرح مقدمة أصول التفسير لابن تيمية أو أصول التفسير لابن العثيمين مع شرحها ؟
8) هل ذاكرت نخبة الفكر لابن حجر العسقلاني بأحد شروحها أو أتقنت البيقونية في المصطلح ؟
9) هل أتقنت متناً من متون الفقه في أي مذهب من المذاهب الفقهية مثل أخصر المختصرات أو عمدة الطالب في الفقه الحنبلي أو حتى منهج السالكين لابن السعدي في فقه الدليل أو حتى الفقه الميسر الصادر عن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ؟
10) هل أتقنت الواسطية لابن تيمية وثلاثة الأصول والتوحيد وكشف الشبهات لابن عبد الوهاب ؟
إن كنت أتقنت كل ذلك عن ظهر قلب فأنصحك أن ترتقي لمستويات أعلى في كل منها لأنك بإتقانك لما سبق لن تكون من كبار طلاب العلم بل ستكون أنهيت مرحلة " المبتدئ " في طلب العلم . لأنه لا يوجد طالب علم قوي بإتقانه لفرع من فروع العلوم مع جهله بمبادئ وأصول باقي العلوم الشرعية ،
وإن لم تكن انهيت كل ما سبق ، فأنصحك أن تتمه أولاً ، فوالله لا يكلف الله نفساً إلا وسعاً، وأمثالنا ليس أهلاً للرد على الشبهات ، وها قد ذقت أنت ما ذقته أنا من التخبط والنتيجة لا شئ مفيد لك ولا شئ مفيد للمسلمين ولا شئ مفيد لغير المسلمين.
ستقول لي: ما علاقة العلوم السابقة بفهم الأحرف السبعة ؟
أقول لك: عندما تكون طالب علم جاد في الطلب، فستجد من العلماء من يهتم بك إن شاء الله، ويجيب عن أسألتك، لكن لو كنت مقتصر على جمع القيل والقال فلن يلتفت إليك العلماء لانشغالهم مع طلاب العلم الجادين ، وكما قيل: اعط للعلم كلك يعيطك بعضه، فهل فعلت ذلك ؟ وليس العلم بالبحث عن الشبهات، فالشبهات تجد إجاباتها وأنت تسلك طريق العلم وليس العلم هو الذي تجده وأنت تسلك طريق الشبهات . صدّقني نصيحة مجرّب .
ولو كنت مهتم بموضوع الأحرف السبعة فليس أمامك إلا أن تحفظ القرآن كله ثم تأخذ إجازة بالسند من شيخ مجاز في بلدك، ثم تبدأ في دراسة القراءات القرآنية من منظومة الشاطبية في القراءات السبع على أحد المقرئين المجازين بالقراءات، ووقتها فقط ستكون دخلت في وسط علماء القراءات ، وستكون اكتسبت صفة " طالب علم القراءات " وستجد ألف من تسأله، وألف من يجيبك، لكن لو لم تحفظ القرآن وشغلت نفسك بهذا فلا أعتقد أن أي عالم سيفرغ وقته ليشرح لك، والله لا أقصد أن أقسو عليك، ولكني أنقل لك تجاربي فقط.
ملحوظة: قال الله عز وجل " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "
هل أنت أعددت نفسك لحرب الشبهات بدراسة دينك كما بينت لك في النقاط العشرة السابقة ؟
ألا تعلم أن الذين يقومون بجمع المخطوطات من القرآن ومقارنتها والنظر في كتبنا ليسوا عوام النصارى أو صغار طلاب علمهم بل القساوسة العلماء ومؤسسات علمية نصرانية كبيرة
هل تعتقد أنك ومثلي يقدرون على مجابهة هؤلاء
دع الشبهات للعلماء لأن الذين يثيرونها علماء مثلهم من الدين الآخر .
والسلام عليكم