وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا
فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ
وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ
فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ
إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ
ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا
فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
الاعراف 175
لا الاعداء .. ولا المحبين .. ولا غير ذلك ..!
بل هو نفسه
أخذ المشرط وبفن متقن .. سلخ الجلد دون ان يبقي المشرط شيئا من اللحم ملتصقا فيه ..!
بل انتزع بكامل لحمه وشحمه من الايات
دعونا نبكي سويا ايها الاخوة
القرآن الكريم يتكلم عمن ( انسلخ ) مما اتاه الله من العلم والمعرفة ..!
بعد أن اتاه الله اياها واتاه من الحكمة .. والفهم .. والمنزلة العالية بين المسلمين ..
حتى صار يشار اليه بالبنان
وصار له اتباع وطلاب ومحاضرات
ودروس ..
وتنقّل من بلد الى بلد
حتى وصل الى مرحلة ان ذل تابعه
وفتنه متبوعوه كما في وصف بعض السلف لأحدهم
لكن في الاخير
نسأل الله العافية والسلام
( انسلخ )
ماذا يعني انسلخ ..؟
اي نزع جلده كما يقول الراغب الاصفهاني ..!
الان الله عز وجل ( آتاه ) اياته
وتفضل عليه بها .. وصار يدعو بها
ليس من كيسه
بل من الله عز وجل الذي اتاه اياها
لكن هناك ( انسلال ) , وبتعبير القرآن ( انسلاخ ) عن شيء الى شيء آخر
وصفه بالسلخ كما ينسلخ جلد ( البهيمة ) عن لحمه
لكن :
من هو القائم بفعل الانسلاخ .؟
هل هي الايات نفسها انسلخت من هذا العالم ..؟
او هو الذي انسلخ منها .؟
بتعبير القرآن
الشخص نفسه هو من جنى على نفسه
طيب ماذا حصل بعد ذلك ؟
شمه الشيطان بخرطومه حتى لحق به .. فالهمه الخطوة الاولى
فاستلهم هو الثانية ..!!
كما قال الرجل الذي طلع على نصرانية من فوق الحصن وقد رآى جمال حضارتها وبهجتها
فأغرته بذلك فاحبها حتى بلغت من قلبه شغافه
فطلب ان يتزوج بها .. فاشترطت عليه ان يترك دينه الاسلام ..
ويتحول الى ( الحضارة ) النصرانية ..!
وقد كان حافظا للقرآن
فوافق على ذلك واعلن نصرانيته ..
مالذي حصل ..؟
لقيه اخوانه الذي نصحوه عن ذلك فقالوا له :
يا فلان ماذا بقي معك من القرآن ..؟
فقال : والله لم يبقى شيء سوى قوله تعالى :
( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) ..
فاصار من ( الغاويين ) يعني الجهل مع الاعتقاد الفاسد ..!
والسبب انه اخلد الى الارض وزخارفها وحضارتها وجمال شعبها
وغره حسن حدائقها وجمال نسائها
حتى ظن ان هذا هو الاسلوب الامثل لحقيقة المعيشة
التي ارادها الله منا
فاتبع هواه للبحث عن مشتبهات الايات
ليخبر الناس ان انسلاخه جاءت به مدلولات الشريعة
حتى ينفك عن حصار الناس له
انه انت يافلان لماذا تغيرت ..؟
ليش انتكست ؟
قال انا لم انتكس .. بل فعلي هذا قول آخر في المسألة
قال بهذا الامام فلان وفلان
وذكره فلان في كتابه الفلاني ..؟
نعم .. هو قد يكون انفك من هذه الازمة بتخفيف الوطئ عليه من المطاردة وملاحقة الناس له ..!
لكنه نسي او تناسى ان الله يعلم ما تخفي القلوب
وبعد ان انسلخ من الايات والخير والفضل ولم يعد بقي منه شيئ
ماذا حصل له ..؟
صار كالكلب
يلهث وراء الدنيا
ولو لفتت اليه ادنى اوساخها وسهل عليه ايجادها
سيلهث ويلهث ويلهت .. حبا وشحا وجشعا
بل ( شبقا ) بلذائذها
حتى يصبح بهيميا في اكله وشربه ومعيشته
بل ونظرته الى حقيقة هذه الحياة
والتي هو فيها حارس لأموال الناس وقصورهم ..!
في النهاية من هم هؤلاء الذين هم كالكلاب
ممن انسلخوا من ايات الله
ولحقهم الشيطان ينهش من لحمهم ويشتم انتن ما به ..؟
هم ( الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ) ..
بعد أن ساقها اللّه إليهم، فلم ينقادوا لها، بل كذبوا بها وردوها،
لهوانهم على اللّه، واتباعهم لأهوائهم، بغير هدى من اللّه ..
كما يقول السعدي رحمه الله
ولهذا
اقصص مثل هذه القصص على الناس ايها المسلم
ليتاملوا حال من خسروا دينهم بعد ان غرتهم انفسهم ..
ولتنتبه عن ان تفعل مافعلوا
فتصبح كالكلب
الذي يلهثه مالم يقم به حبا وشحا وطمعا ...!!
اللهم انا نسأل الثبات على صراطك المستقيم حتى نلقاك وانت راض عنا
اللهم صل على نبينا محمد وآله