الداعية بين التدبر والتفكر الحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : { أَفَلَا تَعْقِلُونَ } [ البقرة 44] قوله تعالى : { أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ } [ الأنعام 50] قوله تعالى : { أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ } [ الأنعام 80] قوله تعالى : { أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } [ يونس3] قوله تعالى : { أَفَلَا تُبْصِرُونَ } [ القصص 72] " آيات كثيرة في القرآن الكريم الكتاب المقروء تحث المسلم على التفكر في كتاب الله المنظور ، سدس آيات الكتاب الكريم تتحدث عن الخلق ، والقرآن مليء بالنصوص الآمرة بالنظر في الآيات والتفكر والتبصر والتذكر ، ومنها : قوله تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } [ يونس 67]. قوله تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }[الرعد :3] قوله تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [ الرعد 4] قوله تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِ ينَ }[الحجر 75] . قوله تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى }[طه 54] قوله تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ } [ الروم 22] قوله تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ } [السجدة :26]. بل قال النبي صلى الله عليه وسلم في آيات التدبر والتفكر " ويل لمن قرأها ولم يتدبرها " فعندما تتدبر آيات الله تعالى وتفكر فيها المقروءة والمنظورة ترقق قلبك ، وتنشط ذاكرتك ، وقيل :إن النظر للخضرة والماء يزيد النظر بهاء . فكيف لداعي لا يتفكر فهو إذا لا يفكر. فهذا أمر من الله تعالى ورسوله لكي نتدبر ونتفكر هذا للمسلمين جميعا ، فما للداعية الذي يحمل بين جوانحه وضلوعه نارا وحرقة على الأمة لو تركت خارجه لأحرقت كل الشر في العالم ، فهو من باب أولى أوجب له أن يجلس قبل طلوع الشمس وقبل الغروب يتفكر وهو يقول الأذكار ، يسبح بفكره ويفكر للأمة كي تنهض ولا يستقل بحاله ونفسه .فأنت أخي الداعية على ثغر من ثغور الدين ، فاحذر أن يؤتى الثغر من قبلك . قال الحسن : " إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا فأنتم تركبونه فتقطعون به مراحله ، وإن من كان قبلكم رأوه رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار " التدبر والتفكر يجعل حياتك كلها منظمة ، فكما تفكر في خلق السموات والأرض، وتفكر في الكون حولك ، وتتدبر آيات الله المقروءة ، قال ابن القيم :" وتدبر الكلام أن ينظر في أوله وآخره ثم يعيد نظره مرة بعد مرة ولهذا جاء على بناء التفعل كالتجرع والتفهم والتبين وقال أيضاً : " إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه ، وألق سمعك ، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه ، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله. اجعل دائما قلما في جيبك واكتب ما يمليه القلب الغيور – غيور على الناس أن يعصوا الله ، غيور على دينه يريد أن يرجع لازدهاره يملأ الدنيا عدلا كعهده . فيكتب خواطره المنبعثة من التدبر في آيات الله تعالى ،والتفكر في مخلوقاته، فالداعية لا تجده خاليا، دائما كسيده صلى الله عليه وسلم دائم الفكر والفكرة . تأمل في حقيقة الحياة (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) تأمل في الوجود بعين فكر*****ترى الدنيا الحقيرة كالخيال ومن فيها جميعا سوف يفنى****ويبقى وجه ربك ذو الجلال تأمل في حقيقة النفس (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) تأمل في الكون وآياته لله في الآفاق آيات لعل أقلها هو ما إليه هداك ولعل ما في النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناك والكون مشحون بآيات إذا حاولت تفسيرا لها أعياك كن متفكرا في خلق السموات والأرض والنفس، متدبرا لآيات الله تعالى في كتابه الكريم ؛ تكن مفكرا في حياتك ، مدبرا في شئونك. وصل اللهم على محمد وآله وسلم وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين عادل الغرياني