هذه بعض النقول عن الأئمة المالكيين فيما يخص اعتبار فقه الظاهرية ورجالها
قال ابن العربي في شرحه على الترمذي المسمى بعارضة الأحوذي 1/169: (وانعقد الإجماع على وجوب الغسل بالتقاء الختانين وإن لم ينزل وما خالف في ذلك إلا داود ولا يعبئ به، فإنه لولا الخلاف ما عُرِف)اه
وقال ابن العربي في العواصم من القواصم ص249 : ( فلما عدتُ وجدتُ القول بالظاهر قد ملأ المغرب بسخيفٍ كان في بادية إشبيلية يُعرف بابن حزم نشأ وتعلَّق بمذهب الشافعي ، ثم انتسب إلى داود ثم خلع الكلَّ ، واستقل بنفسه ، وزعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع ، ويحكم لنفسه ويشرع ، وينسب إلى دين الله ما ليسَ فيه ، ويقول على العلماء ما لم يقولوا ، تنفيراً للقلوب عنهم و تشنيعاً عليهم... وخرج عن طريقِ المشبهة في ذات الله و صفاته فجاء بطوام قد بيناها في رسالة الغرة ) اه
وقال ابن العربي عن ابن حزم أيضا: (واتفق له أن يكون بين أقوام لا نظرَ لهم إلا المسائل، فإذا طالبهم بالدليل كاعوا ، فتضاحك مع أصحابه منهم، وعضدته الرياسة، بما كان عنده من أدبٍ، وشُبَهٍ كان يُوْردها على الملوك مع عامتهم، فكانوا يحملونه حفظاً لقانون المُلك، و يحمونه لما كان يُلقي إليهم من شُبَه البدع و الشرك) اه
وقال القاضي أبو بكر: إني لا أعدهم من علماء الأئمة, ولا أبالي بخلافهم, ولا وفاقهم)اه
قال ابن رشد الجد رحمه الله :
[وأما إن كان هذا المسؤول عنه لا ينكر القياس جملة ، و إنما ينكر بعض وجوهه؛ إذ منه جلي ، و خفي ، و يخالف فيما ينكر من وجوهه ما عليه جمهور الفقهاء ، و عامة العلماء ، فلا يكون ذلك جرحة فيه ، إن كان من العلماء الراسخين في العلم ، الذين قد كملت لهم آلات الاجتهاد ، فكان فرضه ما أداه إليه اجتهاده .
و أما إن كان لم يلحق بهذه الدرجة ، و كان فرضه التقليد ، فترك ما عليه الجمهور ، و مال إلى الشذوذ ، بغير علم ، و لا معرفة ، إلا باتباع هواه في اتباع غير المستحسن من هذه الأقوال ، فما هُدِيَ لرشده ، و لا حصلت له البشرى من الله ، عز و جل ، على فعله ؛ لأن الله عز وجل يقول : { فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ } . و ذلك جرحة فيه ، لأن الله عز و جل ، يقول : { يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيد بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ }.و بالله تعالى التوفيق ، لا شريك له] . انتهى
أسباب عدم الاعتداد بمذهب الظاهرية
لجمهور أهل العلم أسباب جعلتهم لا يعتبرون المذهب الظاهري ولا يعتدون بخلافه ومن هذه الأسباب :
السبب الأول : - وهو الرئيس - هو عدم قولهم بالقياس أما ابن حزم فكلامه في ذلك مدون في الإحكام والمحلى وأما داود فوقع الخلاف في إنكاره القياس فمن أهل العلم من يرى أنه ينكر القياس جملة وتفصيلا ومن أهل العلم من يرى أنه ينكر من القياس غير الجلي وقد تقدمت أقوالهم في ذلك
والسبب الثاني : أن داود لم يكن مجتهدا مستقلا بل كان مجتهدا منتسبا إلى المذهب الشافعي بل كان متعصبا له ثم ادعى الاجتهاد ولم يسلم له , ذكر ذلك بعضهم لكن قد يقال : إن فتوى المجتهد المنتسب كالمستقل في العمل بها والاعتداد بها كما تقدم معنا في كلام ابن الصلاح عند ذكر مراتب المجتهد غير المستقل
السبب الثالث : أن صاحب المذهب وناقله عليهم مآخذ عقدية فداود اتهم بالقول بخلق القران وأما ابن حزم فينحو منحا المعتزلة في الصفات ( )
السبب الرابع : كثرة شذوذهم كما تقدم في كلام أهل العلم والأمثلة على ذلك كثيرة وفي كلام بعض الأئمة السابق إشارة إلى بعضها
تنبيه مهم : المذهب الظاهري لم يحفظ كما حفظت بقية المذاهب في أصوله وفروعه وقواعده ويدل على عدم الحفظ أمور :
1- أن ما نقله ابن حزم في المحلى والإحكام إنما يمثل اجتهاداته هو لا اجتهادات داود وأصحاب المذهب وهذا لا يخفى على من طالع المحلى وقارن آراء ابن حزم بآراء داود , لأن ابن حزم كان يدعي الاجتهاد كما لا يخفى أيضا بل يُلزم كل الناس بالاجتهاد حتى العذراء في خدرها والبدوي في البرية
2- أن المسائل الموجودة في المحلى على فرض أنها اجتهادات داود وأصحابه فهي مسائل منتقاة في الأبواب الفقهية ولا تمثل الفقه من ألفه إلى يائه كما هو الحال في بقية المذاهب
3- أن المذهب الظاهري ليس فيه كتب في قواعد الفقه كما هو الحال في بقية المذاهب
4- أن المذهب الظاهري ليس فيه مخرجون وأصحاب وجوه ومرجحون كما هو الحال في بقية المذاهب
5- أن المذهب الظاهري إنما نقل إلينا عن طريق ابن حزم فقط, وهذا على فرض أن ما في كتب ابن حزم يمثل المذهب الظاهري, أما بقية المذاهب فقد تناقلتها الأجيال عبر آلاف العلماء وملايين الناس
6- أن المذهب الظاهري قد اندثر فلم يعد أحد يتمذهب به منذ قرون