وأما عن الأسرىٰ: فعن عمر رضي الله عنه قال: فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَىٰ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِأبي بَكْرٍ وَعُمَرَ: «مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَىٰ؟» فَقَالَ أبو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ الله هُمْ بنو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَىٰ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَىٰ الْكُفَّارِ، فَعَسَىٰ الله أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا تَرَىٰ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟»، قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ الله مَا أَرَىٰ الَّذِي رَأَىٰ أبو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَىٰ أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ – نَسِيبًا لِعُمَرَ- فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا ، فَهَوِيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ أبو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللهصلى الله عليه وسلم وَأبو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَىٰ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ» – شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ الله صلى الله عليه وسلم- وَأَنْزَلَ الله تعالى:{ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض}إِلَىٰ قَوْلِهِ:{فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا}[الأنفال: 67- 69] فَأَحَلَّ الله الْغَنِيمَةَ لَهُمْ([1]). ففدىٰ النبي صلى الله عليه وسلم الأُسارىٰ بمال. وجاء في بعض الروايات أن قدر الفدية كان أربعة آلاف درهم([2]). وعن أَنَس بن مَالِكٍ أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، قَالَ: وَاللَّهِ لَا تَذَرُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا([3]). وقال النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم في أُسَارَىٰ بَدْرٍ: «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بن عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَىٰ لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ»([4]). فضائل من شهد بدرًا من الصحابة والملائكة: عَنْ رِفَاعَة بن رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ – وهو مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ- قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَىٰ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: «مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ» – أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ([5]). وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب لما قَالَ للنبي صلى الله عليه وسلم - في قصة حاطب بن أبي بلتعة- دَعْنِي يَا رَسُولَ الله أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الله اطَّلَعَ عَلَىٰ أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ»([6]). وجاء عبد لِحَاطِب يَشْكُو حَاطِبًا للنبي صلى الله عليه وسلموقَالَ: يَا رَسُولَ الله لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَ ةَ»([7]). وأُصِيبَ يَوْمَ بَدْرٍ حارثة وَهُوَ غُلَامٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَىٰ النَّبِيِّ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُ الْأُخْرَىٰ تَرَىٰ مَا أَصْنَعُ؟ فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَيْحَكِ أَوَهَبِلْتِ أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّهُ فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ»([8]).
([1]) صحيح: أخرجه مسلم (1763)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم.
([2]) «مجمع الزوائد» 6/90، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في «الكبير»، «الأوسط» ورجاله رجال الصحيح.
([3]) صحيح: أخرجه البخاري (4018)، كتاب: المغازي، باب: (12).
([4]) صحيح: أخرجه البخاري (4024)، كتاب: المغازي، باب: (12). قال النبي صلى الله عليه ذلك وفاءً للمطعم، فالمطعم كان ممن مزقوا صحيفة قريش الجائرة وأخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم من شعب أبي طالب، وأيضًا هو الذي أدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في جواره بعد عودته من الطائف.
([5]) صحيح: أخرجه البخاري (3992)، كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرًا.
([6]) متفق عليه: أخرجه البخاري (3983)، كتاب: المغازي، باب: فضل من شهد بدرًا، مسلم (2494)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أهل بدر وقصة حاطب بن أبي بلتعة.
([7]) صحيح: أخرجه مسلم (2495)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أهل بدر وقصة حاطب بن أبي بلتعة.
([8]) صحيح: أخرجه البخاري (3982)، كتاب: المغازي، باب: فضل من شهد بدرًا.