موسوعة ( الشعر العربي)
شعراء صدر الاسلام
بقلم- فالح الحجية
10

ابو ذؤيب الهذلي

هو خويلد بن خالد بن محرث بن زبيد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار وهو أحد المخضرمين مِمَّن أدرك الجاهليَّة والإسلام.

ولد ابو ذؤيب الهذلي في الجاهلية ونشا وشب فيها وقال الشعر فيها و من الشعراء المخضرمين أدرك الجاهليه وألأسلام وهو أشعر بني قومه ( هذيل) ....

وفد على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليلة وفاته فأدركه وهو مسجّى على فراش الموت فاسلم .. وشهد دفنه . .و.سكن المدينة المنوره وكان شاعر مجيدا فحلا وفارسا لا يشق له غبار وكان مضيافا وفي ذلك يقول:

لاَ دَرَّ دَرِّيَ إِنْ أَطْعَمْتُ نَازِلَهُمْ
قِرْفَ الْحَتِيِّ وَعِنْدِي الْبُرُّ مَكْنُوزُ

وشارك في الكثير من الغزوات والفتوحات ألأٍسلاميه في صدر الاسلام و عاصر عهد عثمان بن عفان حيث خرج غازيا في الجيش الذي توجه الى فتح شمال افريقيه سنة \ 26 هـجرية تحت أمرة عبدالله بن سعد بن ابي السرح وشهد فتح افريقيا وعاد مع عبدالله بن الزبير وجماعة آخرين حاملين بشرى النصر والفتح الى الخليفة عثمان بن عفان وفي ذلك يقول الشاعر ابو ذؤيب الهذلي في
عبد الله بن الزبير:

فَصَاحِبَ صِدْقٍ كَسِيدِ الضَّرَا
ءِ يَنْهَضُ فِي الْغَزْوِ نَهْضًا نَجِيحًا

و لما ذهب للجهاد كان معه اولاده الخمسة مقاتلين و مجاهدين فلما وصلوا مصر فتك الطاعون – وكان هذا المرض منتشرا فيها – باولاده الخمسة فاماتهم الطاعون الواحد بعد الاخر في حياته .

عايش ابو ذؤيب الهذلي ثلاثة عصور الجاهلي والاسلامي والاموي وقد توفي في العصر الاخير .

اشتد حزنه على اولاده فأثر ذلك في نفسيته وقوته فرثاهم كثيرا

وقد توفي ابو ذؤيب الهذلي في غزوته الى شمال افريقيا بعد عودة المسلمين من الانتصار والفتح فوافته المنية عام \سبعة وعشرين هجرية الموافق \ 648 ميلادية في مصر ودفن هناك .

وتعد قصيدته العينية في رثاء اولاده الخمسة من عيون الشعرالعربي في الرثاء :

أَمِـنَ الـمَنونِ وَريـبِها تَتَوَجَّعُ
وَالـدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ

قـالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً
مُـنذُ اِبـتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ

أَم مـا لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً
إِلّا أَقَـضَّ عَـلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ

فَـأَجَبتُها أَن مـا لِـجِسمِيَ أَنَّهُ
أَودى بَـنِيَّ مِـنَ البِلادِ فَوَدَّعوا

أَودى بَـنِيَّ وَأَعـقَبوني غُـصَّةً
بَـعدَ الـرُقادِ وَعَـبرَةً لا تُقلِعُ

سَـبَقوا هَـوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ
فَـتُخُرِّموا وَلِـكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ

فَـغَبَرتُ بَـعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ
وَإَخـالُ أَنّـي لاحِـقٌ مُستَتبَعُ

وَلَـقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ
فَـإِذا الـمَنِيِّةُ أَقـبَلَت لا تُدفَعُ

وَإِذا الـمَنِيَّةُ أَنـشَبَت أَظـفارَها
أَلـفَيتَ كُـلَّ تَـميمَةٍ لا تَنفَعُ

فَـالعَينُ بَـعدَهُمُ كَـأَنَّ حِداقَها
سُـمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ

حَـتّى كَـأَنّي لِـلحَوادِثِ مَروَةٌ
بِـصَفا الـمُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ

لا بُـدَّ مِـن تَـلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر
أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ

وَلَـقَد أَرى أَنَّ الـبُكاءَ سَفاهَةٌ
وَلَـسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ

وَلـيَأتِيَنَّ عَـلَيكَ يَـومٌ مَـرَّةً
يُـبكى عَـلَيكَ مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ

وَتَـجَلُّدي لِـلشامِتينَ أُريـهِمُ
أَنّـي لَـرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ

وَالـنَفسُ راغِـبِةٌ إِذا رَغَّـبتَها
فَـإِذا تُـرَدُّ إِلـى قَـليلٍ تَقنَعُ

كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَوى
بـاتوا بِـعَيشٍ نـاعِمٍ فَتَصَدَّعوا

فَـلَئِن بِـهِم فَجَعَ الزَمانُ وَرَيبُهُ
إِنّـي بِـأَهلِ مَـوَدَّتي لَـمُفَجَّعُ

وَالـدَهرُ لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ
فـي رَأسِ شـاهِقَةٍ أَعَـزُّ مُمَنَّعُ

وَالـدَهرُ لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ
جَـونُ الـسَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ

صَـخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ
عَـبدٌ لِآلِ أَبـي رَبـيعَةَ مُـسبَعُ

أَكَـلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ
مِـثلُ الـقَناةِ وَأَزعَـلَتهُ الأَمرُعُُ

بِـقَرارِ قـيعانٍ سَـقاها وابِـلٌ
واهٍ فَـأَثـجَمَ بُـرهَةً لا يُـقلِعُ

فَـلَبِثنَ حـيناً يَـعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ
فَـيَجِدُّ حيناً في العِلاجِ وَيَشمَعُ

حَـتّى إِذا جَـزَرَت مِياهُ رُزونِهِ
وَبِـأَيِّ حـينِ مِـلاوَةٍ تَـتَقَطَّعُ

ذَكَـرَ الـوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ
شُـؤمٌ وَأَقـبَلَ حَـينُهُ يَـتَتَبَّعُ

فَـاِفتَنَّهُنّ َ مِـن الـسَواءِ وَماؤُهُ
بِـثرٌ وَعـانَدَهُ طَـريقٌ مَـهيَعُ

فَـكَأَنَّها بِـالجِزعِ بَـينَ يُـنابِعٍ
وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ

وَكَـأَنَّـهُنّ َ رَبـابَـةٌ وَكَـأَنَّهُ
يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ

وَكَـأَنَّما هُـوَ مِـدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ
فـي الـكَفِّ إِلّا أَنَّـهُ هُوَ أَضلَعُ

فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الض
ضُـرَباءِ فَـوقَ الـنَظمِ لا يَتَتَلَّعُ

فَـشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ
حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ

فَـشَرِبنَ ثُـمَّ سَمِعنَ حِسّاً دونَهُ
شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ

وَنَـميمَةً مِـن قـانِصٍ مُتَلَبِّبٍ
فـي كَـفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ

فَـنَكِرنَهُ فَـنَفَرنَ وَاِمـتَرَسَت بِهِ
سَـطعاءُ هـادِيَةٌ وَهـادٍ جُرشُعُ

فَـرَمى فَـأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ
سَـهماً فَـخَرَّ وَريـشُهُ مُتَصَمِّعُ

فَـبَدا لَـهُ أَقـرابُ هـذا رائِغاً
عَـجِلاً فَـعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ

فَـرَمى فَـأَلحَقَ صاعِدِيّاً مِطحَراً
بِالكَشحِ فَاِشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ

فَـأَبَـدَّهُنّ َ حُـتوفَهُنَّ فَـهارِبٌ
بِـذَمـائِهِ أَو بـارِكٌ مُـتَجَعجِعُ

يَـعثُرنَ فـي حَدِّ الظُباتِ كَأَنَّما
كُـسِيَت بُرودَ بَني يَزيدَ الأَذرُعُ

وَالـدَهرُ لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ
شَـبَبٌ أَفَـزَّتهُ الـكِلابُ مُرَوَّعُ

شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ فُؤادَهُ
فَـإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ

وَيَـعوذُ بِـالأَرطى إِذا مـا شَفَّهُ
قَـطرٌ وَراحَـتهُ بَـلِيلٌ زَعـزَعُ

يَـرمي بِـعَينَيهِ الـغُيوبَ وَطَرفُهُ
مُـغضٍ يُـصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ

فَـغَدا يُـشَرِّقُ مَـتنَهُ فَـبَدا لَهُ
أَولـى سَـوابِقَها قَـريباً توزَعُ

فَـاِهتاجَ مِـن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ
غُـبرٌ ضَـوارٍ وافِـيانِ وَأَجدَعُ

يَـنـهَشنَهُ وَيَـذُبُّهُنَّ وَيَـحتَمي
عَـبلُ الـشَوى بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ

فَـنَحا لَـها بِـمُذَلَّقَينِ كَـأَنَّما
بِـهِما مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ

فَـكَأَنَّ سَـفّودَينِ لَـمّا يُـقتَرا
عَـجِلا لَـهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ

فَـصَرَعنَهُ تَـحتَ الغُبارِ وَجَنبُهُ
مُـتَتَرِّبٌ وَلِـكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ

حَـتّى إِذا اِرتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً
مِـنها وَقـامَ شَـريدُها يَتَضَرَّعُ

فَـبَدا لَـهُ رَبُّ الـكِلابِ بِكَفِّهِ
بـيضٌ رِهـافٌ ريـشُهُنَّ مُقَزَّعُ

فَـرَمى لِـيُنقِذَ فَـرَّها فَهَوى لَهُ
سَـهمٌ فَـأَنفَذَ طُـرَّتَيهِ الـمِنزَعُ

فَـكَبا كَـما يَـكبو فِنيقٌ تارِزٌ
بِـالخُبتِ إِلّا أَنَّـهُ هُـوَ أَبـرَعُ

وَالـدَهرُ لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ
مُـستَشعِرٌ حَـلَقَ الحَديدِ مُقَنَّعُ

حَـمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ
مِـن حَـرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ

تَـعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها
حَـلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ

قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها
بِـالنَيِّ فَـهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ

مُـتَفَلِّقٌ أَنـساؤُها عَـن قـانِيٍ
كَـالقُرطِ صـاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ

تَـأبى بِـدُرَّتِها إِذا ما اِستُكرِهَت
إِلّا الـحَـميمَ فَـإِنَّـهُ يَـتَبَضَّعُ

بَـينَنا تَـعَنُّقِهِ الـكُماةَ وَرَوغِهِ
يَـوماً أُتـيحَ لَـهُ جَرىءٌ سَلفَعُ

يَـعدو بِـهِ نَـهِشُ المُشاشِ كَأَنّهُ
صَـدَعٌ سَـليمٌ رَجـعُهُ لا يَظلَعُ

فَـتَنادَيا وَتَـواقَفَت خَـيلاهُما
وَكِـلاهُما بَـطَلُ اللِقاءِ مُخَدَّعُ

مُـتَحامِيَينِ الـمَجدَ كُـلٌّ واثِقٌ
بِـبَلائِهِ وَالـيَومُ يَـومٌ أَشـنَعُ

وَعَـلَيهِما مَـسرودَتانِ قَضاهُما
داودٌ أَو صَـنَعُ الـسَوابِغِ تُـبَّعُ

وَكِـلاهُـما فـي كَـفِّهِ يَـزَنِيَّةٌ
فـيها سِـنانٌ كَـالمَنارَةِ أَصلَعُ

وَكِـلاهُما مُـتَوَشِّحٌ ذا رَونَـقٍ
عَـضباً إِذا مَـسَّ الضَريبَةَ يَقطَعُ

فَـتَخالَسا نَـفسَيهِما بِـنَوافِذٍ
كَـنَوافِذِ الـعُبُطِ الَّـتي لا تُرقَعُ

وَكِـلاهُما قَد عاشَ عيشَةَ ماجِدٍ
وَجَـنى الـعَلاءَ لَو أَنَّ شَيئاً يَنفَعُ

امير البيـــــــــــ ـان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز

******************************