تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: المنتقى من مقدمة السيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,554

    Lightbulb المنتقى من مقدمة السيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري

    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين هذا منتقى من مقدمة كتاب السيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري :

    * إن الاهتمام بكتابة السيرة النبوية ظهر مبكرًا في تاريخ الإسلام ، وقد تناولها بالتصنيف المؤرخون والمحدثون في القرون الأولى .

    * وتمتاز
    كتابات المؤرخين مثل الواقدي والبلاذري بالعناية بمراعاة ترتيب الأحداث ترتيبًا زمنيًا وموضوعيًا ، في حين تظهر التجزئة للأحداث في كتابات المحدثين الذين التزموا بقواعد الرواية وتمييز الأسانيد عن بعضها ، وربما قطَّعوا الرواية الواحدة فخرَّجوا بعضها في مكان وبقيتها في مكان آخر لموضوعات ( تراجم ) مؤلفاتهم ...

    *
    وبعض المؤلفين جمع بين صفتي المحدث والمؤرخ مثل محمد بن إسحق وخليفة بن خياط ، ويعقوب بن سفيان الفَسَوي ، ومحمد بن جرير الطبري ، وهؤلاء أفادوا من منهج المحدثين بالتزام سرد الأسانيد ومحاولة إكمال صورة الحادث عن طريق جمع الأسانيد أحياناً أو سرد الروايات التي تشكل وحدة موضوعية تحت عناوين دالة .

    * ولكن سائر الذين كتبوا في السيرة اهتموا بجمع ما أمكنهم من الروايات وتدوينها دون أن يشترطوا الصحة فيما يكتبونه ، وأحالوا القاريء على الأسانيد التي أوردوها ليعرف الصحيح من الضعيف ..
    ويشذ عن ذلك البخاري ومسلم حيث شرطا الصحة فيما روياه من روايات السيرة ضمن كتابيهما في الصحيح.

    * وكان المتخصصون في القرون الأولى يعرفون الرواة وأحوالهم والأسانيد وشروط صحتها ، فكان بوسعهم الحكم على الروايات وتمييزها ، لكن هذه المعرفة بالرجال والأسانيد لم تعد من أسس الثقافة في القرون المتأخرة ، بل يندر أن تجد من يهتم بذلك من مثقفي هذا العصر ...

    * ولكن كبار المؤرخين في عصرنا يترسمون مناهج ( النقد التاريخي ) الذي ظهر ونما في الغرب خلال القرنين الأخيرين ، وهم يتعاملون مع روايات السيرة من خلال هذه المناهج النقدية التي وضعت بعد استقراء الكتابات التاريخية الغربية ، ولم تكيف للتعامل مع الرواية التاريخية الإِسلامية التي لها سماتها الخاصة والتي من أبرزها وجود سلاسل السند التي تتقدم الرواية عادة ، والتي يعتمد منهج المحدثين عليها بالدرجة الأولى في الحكم على الرواية بالصحة أو عدمها .

    * وما أعظمها من خسارة أن نئد جهود المئات من كبار العلماء الذين قدموا لنا هذه الخدمة الخاصة بالتعامل مع " الرواية التاريخية الإِسلامية " بسبب جهلنا بقيمتها والتزامنا الحرفي بمنهج النقد التاريخي الغربي Historical Method .
    وهنا تلزم الإِشارة إلى أن إهمال نقد الأسانيد في الرواية التاريخية الإِسلامية والاكتفاء بنقد المتون يوقعنا في حيرة أمام الروايات الكثيرة المتعارضة عندما تكون متونها جميعاً متفقة مع المقاييس والقواعد النقدية العقلية ، وهذا يحدث مع كثير من تفاصيل الأحداث التأريخية ، وخاصة المتعلقة بتاريخ صدر الإِسلام . إن ذلك يحتم على الباحث استعمال منهج المحدثين في نقد الأسانيد وإلا فإنه سيقف أمام العديد من المشاكل دون حــــــل أو ترجيح .





    نكمل إن شاء الله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,554

    افتراضي رد: المنتقى من مقدمة السيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري

    * إن هذا لا يعني غمط منهج النقد الغربي حقه ، والتعسف في الحكم عليه ، فلا شك أنه ثمرة عقول مفكرين كبار ... وهو يلتقي في كثير من جزئياته وقواعده وأصوله بمنهج العلماء المسلمين الذين سبقوا الغربيين في هذا الميدان بعدة قرون ، مما يدل على جذور التأثير الإِسلامي في الفكر الأوروبي منذ أن حصل التماس بين الغرب وحضارة الإِسلام في العصور الوسطى الأوروبية.

    * ولكن الذي يهم فى هذه المقدمة منهج المحدثين الذي يهتم مباشرة بالتعامل مع " الرواية الحديثية " ومن ثم يمكن سحبه إلى أقرب ميدان ليتعامل مع " الرواية التأريخية " وهو الذي يلتقي كثيراً مع " منهج البحث التاريخي " .

    * وقد استقر منهج المحدثين في كتب مصطلح الحديث منذ القرن الخامس للهجرة على يد الخطيب البغدادي ، ولم تلحق به إضافات أساسية ، وإن أعيدت الصياغة والترتيب لأغراض مدرسية على يد ابن الصلاح والقاضي عياض ، وجرت إضافات دقيقة نتيجة تطبيق الحافظ الذهبي والحافظ ابن كثير ومن بعدهما الحافظ ابن حجر لهذا المنهج في مؤلفاتهم ، ولكن المنهج لم يتعرض لتعديل جوهري ، بل تعد إضافات الذهبي وابن كثير وابن حجر في جزئيات القواعد العامة ، وهي إضافات مهمة...

    * إن الجمع بين معطيات منهج المحدثين ومنهج النقد الغربي يعطي أمثل النتائج إذا حَكَمت الأخير معايير التصور الإسلامي...

    *وإذا كان النقد التاريخي يبدو ضعيفًا في دراساتنا ، فإن التحليل للروايات والتعامل معها يبدو أكثر قصورًا ؛ بسبب النظرة التجزيئية للقضايا ، والسطحية في التعامل مع الروايات ، وعدم وضوح التصور الإِسلامي لحركة التاريخ ودور الفرد والجماعة والعلاقات الجدلية بين القدر والحرية وقانون السببية والربط بين المقدمات والنتائج ، فضلاً على أن الكتب التاريخية القديمة لا تمدنا بمنحى واضح في التحليل والتصور الكلي بسبب اعتمادها على سرد الرويات فقط ؛ إذ قلما يشير المؤرخ الإِسلامي القديم للسنن والنواميس والقوانين الاجتماعية التي تحكم حركة التاريخ ...

    * على الرغم من أن المفكرين المسلمين تعاملوا مع الفلسفة والمنطق منذ القرون الأولى وأفادوا منها في بناء علوم اللغة وأصول الفقه بوضوح وتصرفوا في ذلك بعقليتهم اليقظة التي تنفي ما يناقض المعتقد الإيماني والتصور الإسلامي ، ونجحوا في ذلك إلى حد كبير ، وكان نجاحهم في تخطي التجربة يرتبط بمدى وضوح العقيدة وصفائها في عقولهم .

    * ويرى العديد من الدارسين - وخاصة من المستشرقين - أن علماء المسلمين عنوا بنقد أسانيد الروايات وأهملوا نقد متونها ... وهنا يلزم الانتباه إلى أن هذا الكلام ليس على إطلاقه ، برغم توسع علماء المسلمين في نقد الأسانيد إلا أنهم لم يهملوا نقد المتون ومحاكمتها ، بل عنوا بذلك أيضاً ، ويصعب حصر الشواهد على ذلك لكثرتها ، ولكن لا بأس من الإشارة إلى بعض المحاكمات التاريخية التي استندت إلى نقد المتن :
    ... وقد وقع اختلاف في تاريخ غزوة ذات الرقاع بين قدامى المؤرخين بناء على محاكمة المتن ، فأخرها البخاري ، وتابعه ابن القيم وابن كثير وابن حجر إلى ما بعد خيبر ، خلافاً لرأي ابن إسحق والواقدي ، بناء على اشتراك أبي موسى الأشعرى وأبي هريـــرة فيها ، وقد قدما على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر مباشرة .

    * ... ولكن لا بد من الاعتراف بحقيقة تاريخية وهي أن القرون الثلاثة الأولى انصب فيها جهد المؤرخين على جمع الروايات وتدوينها وتصنيفها في الكتب ، مع قدر من الانتقاء ، يتضح من المقابلة بين المؤلفات ومصادرها الأقدم ، حيث يُسقط المتأخر مجموعة من روايات المتقدم ، كما فعل ابن هشام مع ابن إسحق ، والطبري مع مصادره الأولية .
    وبرغم أن الانتقاء نفسه يمثل عملاً نقديًا إلا أن الجهد الضخم الذي بذل في تثبيت الروايات وحفظها في الكتب استنفد طاقة الأوائل من المؤرخين ، وقام المتأخرون منهم بدور التلخيص لأعمال الأوائل والتذييل عليهم .





    - يتبع إن شاء الله -
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,554

    افتراضي رد: المنتقى من مقدمة السيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري

    * وتبرز في مؤلفات متأخرة محاكمات دقيقة للمتون ، كما يتضح ذلك بجلاء لمن يطلع على ( البداية والنهاية ) لابن كثير و ( فتح الباري ) للحافظ ابن حجر في شرحه لقسم المغازي من صحيح البخاري ...

    * وأيضًا لا بد من توضيح : أن الجانب النظري لنقد المتن كان متبلورًا إلى حد كبير منذ القرون الأولى في كتب مصطلح الحديث ، كما في أقسام المدرج والمعلل والمضطرب والشاذ والمنكر والموضوع وغيرها ، مما يدور الكلام فيها على نقد الأسانيد والمتون معًا ، ولكن القصور كان في تطبيق ذلك عمليًا عند التعامل مع الرواية التأريخية ، التي لم تحظ بالقدر نفسه من النقد الذي حظيت به الأحاديث النبوية .

    * إنَّ إثبات المعجزة الخالدة ( القرآن الكريم ) ونفي بقية المعجزات الثابتة بالنقل الصحيح إنما هو في الحقيقة خضوع وانصياع للفكر المادي والفلسفات الوضعية ، ولا بد للمسلم من الاستعلاء والاعتزاز الذي يحقق له الاستقلال التام في النظر والبحث العلمي .

    * إنَّ إثبات المعجزة الخالدة ( القرآن الكريم ) ونفي بقية المعجزات الثابتة بالنقل الصحيح إنما هو في الحقيقة خضوع وانصياع للفكر المادي والفلسفات الوضعية ، ولا بد للمسلم من الاستعلاء والاعتزاز الذي يحقق له الاستقلال التام في النظر والبحث العلمي .


    * ... فليس من الصحيح إهمال أخبار الأبطال التاريخيين بحجة أنهم مجرد دمى في حركة المجتمع الواسعة . ولكن هؤلاء الأفراد لم يبرزوا لمجرد تفوقهم وامتيازهم على أقرانهم ووجود الاستعداد عندهم ؛ إذ ما كانت هذه السمات المميزة لتظهر لولا العقيدة التي مست شغاف قلوبهم وأوقدت وهجًا منيرًا في عقولهم وبصيرة عميقة في نفوسهم ، فكان أن حدث التغيير الكبير في بناء الشخصية العربية ومقوماتها ، وهذا الفهم سيعطي الفضل الأكبر للعقيدة ويمنع الانزلاق نحو تمجيد " الفردية " والإغراق في غرس نزعة الاستعلاء والغرور . ويكفي أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بطل الأبطال كان ينحني لله تعالى ويخشع بالدعاء ويرد إليه الفضل أولاً وآخرًا في كل نصر وفتح .

    * ... وقد ظهر جليًا أن الاعتماد على صحيح الروايات وَحَسَنها يكفل توضيح الأبعاد التاريخية للسيرة النبوية دون حاجة إلى الضعيف من الروايات .

    * ويلاحظ القاريء أن الروايات الضعيفة من الناحية الحديثية لم تستبعد نهائيًا بل تمت الإفادة منها في الموضوعات التي لا تتعلق بالعقيدة أو الشريعة ، حيث لم نجد روايات صحيحة وفق معايير المحدثين ، حيث يمكن التعامل معها وفق معايير منهج النقد التاريخي.

    * وقد نبه الحافظ ابن حجر إلى أنه " يوجد كثير من أسباب النزول في كتب المغازي ، فما كان منها من رواية مُعتمِر بن سليمان عن أبيه - يعني سليمان بن طرخان التيمي صاحب السيرة - أو من رواية إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة ، فهو أصلح مما فيها من كتاب محمد بن إسحق ، وما كان من رواية ابن إسحق أمثل مما فيها من رواية الواقدي " .

    * وتجدر الإشارة إلى أن صحيح البخاري من أوسع كتب السنة التي استقصت روايات أسباب النزول إضافة إلى أنها في أعلى درجات الصحة . وأن أوسع الصحابة رواية لأسباب النزول هو ابن عباس . ويلي صحيح البخاري في كثرة العناية بأسباب النزول مستدرك الحاكم ومعظم ما أورده الحاكم من حديث ابن عباس ( 29 رواية ) ويليه حديث عائشة ( 7 روايات ) .
    أما أوسع كتب السنة رواية لأسباب النزول فهو مسند أحمد ( 28 رواية ) معظمها صحيح وقليل منها ضعيف ، حيث أورد معظم ما أورده البخاري وزاد عليه .








    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •