قال العلامة المعلمي في التنكيل ج1ص644
..إنما حكى هذه الكلمة-
«ليس بثقة»- عن ابن معين محمد بن وضاح الأندلسي، وابن وضاح قال فيه الحافظ أبووليد ابن الفرضي الأندلسي وهو بلديه وموافق به في المذهب: «له خطأ كثير بحفظ عنه ن وأشياء كان بغلط فيها، وكان لا علم عنده بالفقه، ولا بالعربية» .
وكان الأمير عبد الله بن الناصر ينكر عليه هذه الحكاية ويذكر انه رأى اصل ابن وضاح الذي كتبه بالشرق وفيه: سألت يحيى بن معين عن الشافعي فقال: هو ثقة. كما حكاه أبن عبد البر في (كتاب العلم) . ولم ينقل أحد غيره عن ابن معين أنه قال في الشافعي: «ليس بثقة» أو ما يؤدي معناها أو ما يقرب منها، ولابن معين أصحاب كثيرون اعرف به وألزم له وأحرص على النقل عنه من هذا المغربي، وكان في بغداد كثيرون يسرهم أن يسمعوا طعنا في الشافعي فيشيعوه.
فأما قول ابن عبد البر «قد صح عن ابن معين من طرق أنه يتكلم في الشافعي على ما قدمت لك حتى نهاه أحمد بن حنبل وقال له: لم تر عيناك مثل الشافعي» فالذي قدمه هو قوله: «ومما نقم على ابن معين وعيب به أيضا قوله في الشافعي، فقال أحمد: من أين يعرف يحيى الشافعي؟ هو لا يعرف الشافعي ولا يعرف ما يقول الشافعي - أو نحو هذا، ومن جهل شيئا عاداه! قال ابوعمر: صدق أحمد بن حنبل رحمه الله أن ابن معين كان لا يعرف ما يقول الشافعي، وقد حكى عن ابن معين أنه سئل عن مسالة من التيمم فلم يعرفها، ولقد احسن أكثم بن صيفي في قوله ك ويل لعالم أمر من جاهلة، من جهل شيئا عاده ومن أحب شيئا استعبده» .
والتكلم في الرجل قد يكون بما ليس بجرح ن فلا يصلح قولهم: «كان يتكلم فيه» متابعة لكلمة:«ليس بثقة» . وقدم ابن عبد البر أيضاً أن ابن معين سئل عن الشافعي فقال ك لا أحب حديثه ولا ذكره.
وهذا تكلم للشافعي ولا يعطي معنى: «ليس بثقة» ولا ما يقرب منها، وقد جاء أن ابن معين رأى كتاب للشافعي تسميته لمقاتلي علي رضي الله عنه بغاة، فأنكر ذلك، وعرضه على أحمد فقال أحمد: فماذا يقول؟ أو كما قال - يعني أن هذا الوصف هو الذي وصف به الكتاب والسنة الطائفة التي تقاتل أهل الحق مطلقا -: فقد يكون ابن معين عد ذلك ميلا إلى التشيع فأو حشه ذلك، وقد تواتر أن أحمد وابن معين كانا يكثران الاجتماع والمذاكرة، فلما ورد الشافعي بغداد لزمه أحمد وقصر في مجالسة ابن معين، وهذا أيضا مما يوحش ابن معين وقد كان ابن معين اعتاد من أصحاب الحديث أن يهابوه ويحترموه ويلاطفوه كما ترى شواهد في ترجمته من (التهذيب) وفي ترجمة موسى بن إسماعيل، فكأن الشافعي، لما ورد بغداد قصر في ذلك، وهذا أيضا مما يورث الوحشة، وقد كان الشافعي حسن الظن بإبراهيم بن آبى يحيى يكثر الرواية عنه، وابن معين والجمهور يكذبون ابن ابي يحيى، فلا بدع أن تجتمع هذه الأمور في نفس ابن معين فيقول في الشافعي: «لا أحب حديثه ولا ذكره» ولا يعطي ذلك معنى: «ليس بثقة» ولا تقارب. وقد روى الزعفراني وغيره عن ابن معين ثناء على الشافعي في الرواية كما تراه في (للتهذيب) و (تذكرة الحفاظ) وراجع ترجمة الزبير بن عبد الواحد الأسدابادي في. التذكرة) ..