عدتُ كما وعدتُ و لله الحمد ...
قال أستاذنا الأديب النحوي الشيخ محمد بوسلامة ـ حفظه الله ـ :
(( .. و منه كلمة ( لمسيد ) فإنا نطلق هذا اللفظ على المدرسة و لقد كنت أتحير في وجه إطلاق هذه التسمية على المدرسة و ألتمس لها المخارج فلا أجد لها مخرجا رضيا إلى أن وقع في نفسي أن أصلها المسجد ، و مما يسهل فهم هذا هو أن تعلم أن المدرسة كانت قائمة في المسجد أو في مكان تابع للمسجد ، فكان الطالب في جميع مراحله إذا ذهب إلى المدرسة قال إني ذاهب إلى المسجد و إذا أقبل قال كنت في المسجد و إذا سئل عنه قيل هو في المسجد فكانت هذه الكلمة كثيرة الدوران في ألسنة الناس و القاعدة أن كل ما كثر استعماله و كان مستثقلا طلبت له الخفة ، و لست أقول إن كلمة المسجد ثقيلة و إنما أقول إننا لما طلبنا الخفة أكثر مما طلبت العرب خف كلامنا ثم نظروا فلم يجدوا بدا من الحذف ثم نظروا فلم يجدوا أولى بالحذف من الجيم فحذفوها و أعطوا حركتها و هي الكسرة لحرف السين ثم أشبعوا الكسرة فتولد عنها ياء سهلت النطق لأن التخفيف قد لا يحصل بمجرد الحذف ، و الذي يعين على ما نحن فيه أن بعض أهل الجزائر ما زالوا يطلقون لمسيد على المسجد و يصدقه أن أهل بلاد شنقيط ما زالوا إلى هذا اليوم يطلقون لمسيد على المسجد و لا يقولون المسجد إلا في نادر الاستعمال و قد تصرح العرب بأصل الكلمة شذوذا فيستفاد من ذلك الشذوذ معرفة الأصل .. ))
.
[ مجلة ( منابر الهدى ) الجزائرية ، العدد (05) ، (ص69) ] .