وقد كرس المستشرقون جهودهم المالية والفكرية لدارسة القرآنِ الكريم والإسلام، ووقفوا منهما موقف الخصومة والاستنكار حتى أضحى القرآنُ الكريم هو أغنى المواضيع عندهم على الإطلاق، و أنشئت في العالم معاهد وكليات غرضها الرئيس هو حرب الأمة الإسلامية في كتابها الكريم وأخلاقها وسلوكها، والعمل على غرس مبادئ الكفر والإلحاد.
مصدر القرآن الكريم
المؤلف: الدكتور عبد الودود بن مقبول حنيف
ـــــــــــــــ ـــ
القرآنَ الكريم هو المعجزة العظمى والحجة البالغة لخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم, فهو كتاب إعجاز وهداية، وكتاب تشريع ورشد, فقد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه "ألا إنها ستكون فتنة فقلت ما المخرج منها يا رسول الله قال كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم".[1]
وقد كرس المستشرقون جهودهم المالية والفكرية لدارسة القرآنِ الكريم والإسلام، ووقفوا منهما موقفالخصومة والاستنكار حتى أضحى القرآنُ الكريم هو أغنى المواضيع عندهم على الإطلاق، و أنشئت في العالم معاهد وكليات غرضها الرئيس هو حرب الأمة الإسلامية في كتابها الكريم وأخلاقها وسلوكها،والعمل على غرس مبادئ الكفر والإلحاد.
وكان من أقوالهم وافتراءاتهم على القران أنهم قالوا أنه مجموعة من الافتراءات والأساطيرِ وأنه صياغةٍشِعرية ينطلقُ فيها خَيالُ النبي صلى الله عليه وسلم, وليس أدل على ذلك من قول المستشرق الفرنسيكارادي فو "ظل محمد زمناً طويلا يُعْرف في الغرب معرفةً سيئة، فلا تكاد توجد خرافة ولا فظاظة إلاونسبوها إليه".
وكانت من أكثر المشكلات التي واجهتهم وأكثر القضايا التي خاضوا فيها قضية "مصدر القران الكريم".
فقسم الكاتب كتابه بعد المقدمة التي بين فيها الموضوع وأهميته والجهود التي بذلت فيه, جعل كتابه في ثلاثة فصول وخاتمة.
الفصل الأول: تعريف القرآنِ في اللغة والاصطلاح, وذكر فيه الكاتب التعريف اللغوي والاصطلاحي للقران الكريم وهي مقدمة معتادة لازمة.
الفصل الثاني: عن مصدر القرآنِ الكريم, وفيه تحدث عن موضوعه الأساسي, فذكر فيه اعتقاد المسلم الجازم بصحة القرآن الكريم وصحةِ مصدره فهو موحى من عند الله تعالى بواسطة أمين الوحي جبريل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الفصل ثلاثة مباحث :
المبحث الأول: المنَزِّل وهو المولى جل وعلا عن طريق جبريل عليه السلام, فالوحي اصطلاحا هو "كلام الله تعالى المنزل على نبي من أنبيائه إما بكتاب أو برسالة ملك في منام أو إلهام", ولا يمكن معرفة الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بما نقله لنا الصحابة رضوان الله عليهم، فهم قد شاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم حال نزول الوحي عليه.
المبحث الثاني: منزل على محمد صلى الله عليه وسلم, فسيدنا محمد هو النبي المرسَلُ من عند الله تعالى لتبليغ الناس القرآن خاتم الكتبِ السماوية وهذا هو الاعتقاد الوحيد لدى جميع المسلمين ولهذا يتحدثون عن هذا النبي بإيجابية, أما المستشرقون فمعظمهم يتحدثون عن النبي صلى الله عليه وسلم بسلبية واضحة ويبينون للناس –حاشاه- بأنه أسطورة وأنه رجلٌ مبتدعٌ كذابٌ مخادع.
المبحث الثالث: وصوله إلينا عن طريق التواتر منقولا عن الصحابة رضوان الله عليهم, والصحابي هو كل من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام, وعلم الإسناد هو خصيصة هذه الأمة, فقال ابن المبارك وقال ابن المبارك: "الإسناد من الدين، فلولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".
والقران الكريم يعتمد على النقل والروايةِ والإسناد ولا يسمحُ فيه بالرأي أو التفكير أو النظر أو الاجتهاد, ونقله الصحابة بأمانة, وضبطوا ألفاظه وكلماته وحروفه كما سمعوه من النبي وتلقوه مشافهة فأوصلوه وقرؤوه ونقلوه إلى من بعدهم لينقلوه بنفس الدرجة من الأمانة.
الفصل الثالث: شبهات المستشرقين حول مصدر القرآن.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الاستشراق في اللغة والاصطلاح فعرفه ابتداء لغة واصطلاحا ثم ليتحدث عن أهم ما في الكتاب من مباحث وهو:
المبحث الثاني: دحض ونقد أهم شبهات المستشرقين حول مصدر القرآن.
- الشبهة الأولى: بشرية القرآن فقالوا: "أن مصدر القرآنِ هو محمد، فهو قرآن محمد أو كتاب محمد" وأن مؤلفه هو النبي فكان يغير ويبدل فيه حسب هواه وكذلك اتهموا الصحابة به, فرد الكاتب على الشبهة فذكر الحوادث الموثقة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم "هكذا أنزلت" وغير ذلك من الادلة التي تدحض الشبهة.
- الشبهة الثانية: أن مصدر القرآن هو الديانات الأخرى, فقالوا أن مصدر القرآنِ هو الديانات الأخرى وأن محمدا صلى الله عليه وسلم نقل القرآن عن راهب من رهبان الكنيسة واختلفوا في اسم الراهب فمنهم من قال بأنه بحيرا ومنهم من قال ورقة بن نوفل, فذكر الكاتب الوقائع التاريخية الثابتة التي تنفي تماما هذا الادعاء.
- الشبهة الثالثة: أن مصدر القرآن الحنيفية ورجالها قبل البعثة المحمدية.
قال بعض المستشرقين ومنهم تسدال ومستر كانون إلى أن مصدر القرآن هو الحنيفية ورجالها قبل البعثة المحمدية مستدلين بتشابه كثير من أحكام القران مع ما كانت تنادي به الحنيفية ومستغلين حديث النبي صلى الله عليه وسلم "إِنيِّ أرسلت بحنيفية سمحة" فالنبي لم يعاصرهم ولم يلتق بهم إلا نزرا يسيرا, وما لخلاف في ذلك أن تكون أصول الإسلام والحنيفية متفقة ومتشابهة فالإسلام كان امتدادا طبيعيا لدين إبراهيم عليه السلام.
- الشبهة الرابعة: الحالة التي كانت تعتري النبي صلى الله عليه وسلم حالة صرع.
ولعل أول من قال ذلك الكاتب البيزنطي ثيوفانيس وتبعه نولدكه وقال رودينسون "القرآن هَلوسة سمعية وبصرية وهذيان" فهل هذا القران بكل هذا الإحكام والإتقان وحسن النظم والصياغة وعدم التعارض بين دقائق كلماته هل يعقل أحد من في رأسه مسحة من عقل أن يصدق مثل هذا الاتهام العاري تماما من الواقعية أو المنطقية.
- الشبهة الخامسة: أن القرآن لم ينقل عن طريق التواتر بل عن طريق الآحاد.
وهذه الشبهة حاول فيها المستشرقون بعد ان نال القران منهم حاولوا أن يشككوا في صدق جمعه ونقله فقالوا أن زيدا بن ثابت جمعه من الرقاع والأكتاف فتعرض بذلك لعمل الرجال وليس للقرآن الكريم ويظنون بذلك أنهم يستطيعون أن يشوهوا القران, ولعل المستشرقين الذين لا يعلمون شيئا عن علم الإسناد الذي اختص الله به الأمة أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يحفظون القران في صدورهم وفي الرقاع والأكتاف ولهذا فما كانت الرقاع والأكتاف إلا وسيلة من وسائل التثبت والتيقن وليست كل وسائل الجمع.
- الشبهة السادسة: أن القرآن حُرِّف وبُدِّ ل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه الشبهة ابعد من سابقتها حيث اشترط العلماء نقل القران بالتواتر جيلا فجيلا يأخذه الجيل اللاحق عن الجيل السابق بعموم قرائه, ولعل الانسان إذا استمع القران في ماليزيا يجده مطابقا لما يسمعه في جنوب افريقيا وكلاهما مطابق لما يتلى في مكة المكرمة والمدينة المنورة مهبط الوحي ومستقر النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعد هذا العرض النفيس جاءت الخاتمة وتضمنت أهم النتائج التي توصل إليها الكاتب مؤكدا على ما خرج به من كتابه.
جزى الله القارئ الكريم الدكتور عبد الودود حنيف خير الجزاء ونسأله سبحانه أن يبارك له ويتقبل منه.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــ
[1] أخرجه الترمذي في سننه، كتاب فضائل القرآن
|