قال الشيخ العلامة محمد البشير الابراهيمي في الاثار
"من سنن العرب أنهم يجعلون الاسم سمة للطفولة، والكنية عنوانًا على الرجولة. لذلك كانوا لا يكتنون إلا بنتاج الأصلاب وثمرات الأرحام من بنين وبنات، لأنها الامتداد الطبيعي لتاريخ الحياة بهم، ولا يرضون بهذه الكُنى والألقاب الرخوة إلا لعبيدهم، وما راجت هذه الكُنى والألقاب المهلهلة بين المسلمين إلا يوم تراخت العرى الشادّة لمجتمعهم، فراج فيهم التخنّث في الشمائل، والتأنّث في الطباع، والارتخاء في العزائم، والنفاق في الدين؛ ويوم نسِي المسلمون أنفسهم فأضاعوا الأعمال التي يتمجّد بها الرجال، وأخذوا بالسفاسف التي يتلهّى بها الأطفال، وفاتتهم العظمة الحقيقية فالتمَسوها في الأسماء والكُنى والألقاب؛ ولقد كان العرب صخورًا وجنادل يوم كان من أسمائهم صخر وجندلة، وكانوا غصصًا وسمومًا يوم كان فيهم مرّة وحنظلة؛ وكانوا أشواكًا وأحساكًا يوم كان فيهم قتادة وعوسجة. فانظر ما هم اليوم. وانظر أيّ أثر تتركه الأسماء في المسمّيات. واعتبر ذلك في كلمة (سيدي) وأنها ما راجت بيننا وشاعت فينا إلا يوم أضعنا السيادة، وأفلتت من أيدينا القيادة. ولماذا لم تشِع في المسلمين يوم كانوا سادة الدنيا على الحقيقة؛ ولو قالها قائل لعمر لهاجت شرّته، ولبادرت بالجواب درّته"
"الاثار"ج3ص539.