الصحابي: هو: من لقى النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا ومات على الإسلام.
قولنا: (معرفة الصحابة والتابعين)؛ وَهَذَا عِلْمٌ كَبِيرٌ عَظِيمُ الْفَائِدَةِ؛ بِهِ يُعْرَفُ الْمُتَّصِلُ مِنَ الْمُرْسَلِ([1]).
قولنا: (الصحابي: هو: مَنْ لقِي النبيَّ صلى الله عليه وسلم مسلمًا ومات على الإسلام)؛ قال ابن حجر – رحمه الله -: ((وهو مَنْ لَقِيَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به، ومات على الإسلام، ولو تَخَلَّلتْ رِدَّةٌ
في الأصح.
والمرادُ باللِّقاءِ: ما هُو أعمُّ مِنَ المُجالَسَةِ، والمُماشاةِ، ووصولِ أَحدِهِما إِلى الآخَرِ، وإِنْ لَمْ يكالِمْهُ.
والتعبير باللُّقيِّ أَوْلَى مِنْ قولِ بعضِهم: الصحابيُّ مَنْ رأَى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يُخْرِج ابنَ أُمِّ مكتومٍ، ونحوَه مِنَ العُمْيان، وهُمْ صحابةٌ بلا تردُّدٍ.
وقولي: "مؤمنًا به"، يُخْرِجُ مَنْ حصَل لهُ اللِّقاءُ المذكورُ، لكنْ، في حالِ كونِه كافرًا.
وقَوْلي: "بهِ"، يُخْرجُ مَنْ لَقِيَهُ مُؤمِنًا، لكنْ، بِغَيْرِهِ مِنَ الأنبياء، لكنْ؛ هل يُخْرِج مَنْ لَقِيَهُ مُؤمِنًا بأَنَّهُ سَيُبْعَثُ ولَمْ يُدْرِكِ البَعْثَةَ؟ فيه نَظَرٌ([2]).
وقَوْلي: "وماتَ على الإِسلامِ"، يُخْرِجُ مَنِ ارتدَّ، بعد أَنْ لَقِيَهُ مؤمنًا، وماتَ على الرِّدَّةِ، كعُبَيْدِ اللهِ بنِ جَحْشٍ، وابن خَطَلٍ.
وقَوْلي: "ولو تخلَّلت رِدَّةٌ"، أي: بَيْنَ لُقِيِّهِ لهُ مُؤمِنًا بهِ، وبينَ موتِه على الإِسلامِ، فإِنَّ اسمَ الصُحْبَةِ باقٍ لهُ، سواءٌ رجع إِلى الإسلامِ في حياتِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم، أَمْ بعده، سواءٌ لقيه ثانيًا أَمْ لا.
وقَوْلي: "في الأصحِّ" إشارةٌ إِلى الخِلافِ في المسأَلةِ، ويدلُّ على رُجْحانِ الأوَّلِ قصةُ الأشعثِ بنِ قيسٍ؛ فإِنَّه كانَ ممَّنِ ارتدَّ، وأُتِيَ بهِ إِلى أَبي بكرٍ الصديق أسيرًا؛ فعاد إلى الإسلام فقَبِلَ منه وزَوَّجه أُخْتَهُ، ولَمْ يتخلَّفْ أحدٌ عَنْ ذكْرِه في الصَّحابةِ، ولا عَنْ تخريجِ أحاديثِهِ في المسانيد وغيرها([3]))).
كَيْفَ تَثْبُتُ الصُّحْبَةُ؟
قال ابن حجر – رحمه الله -: ((يُعْرَفُ كَوْنُه صحابيًّا.
1- بالتواتر.
2- أَو الاستفاضَةِ والشُّهْرةِ.
3- أَو بإخبارِ بعضِ الصحابةِ.
4- أَو بعضِ ثقاتِ التَّابِعينَ.
5- أَو بإِخباره عن نفسه بأنه صحابي([4]))).
الصحابة كلهم عدول.
قولنا: (الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ)؛ قال ابن الصلاح – رحمه الله -: ((لِلصَّحَابَةِ بِأَسْرِهِمْ خَصِيصَةٌ، وَهِيَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، بَلْ ذَلِكَ أَمْرٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ، لِكَوْنِهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ مُعَدَّلِينَ بِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ مِنَ الْأُمَّةِ([5]))).
التابعي: هو: من لقى ولو صحابيًا، ومات على الإسلام.
قولنا: (التَّابِعِيُّ: هُوَ: مَنْ لَقِيَ وَلَو صَحَابِيًّا، وَمَاتَ عَلَى الإِسْلَامِ)؛ قال ابن حجر – رحمه الله -: ((التَّابِعيُّ؛ وَهُوَ مَنْ لَقِيَ الصَّحابِيَّ، وهذا متعلِّقٌ باللُّقِيِّ وما ذُكِر معهُ، إِلاَّ قيدُ الإِيمانِ بهِ، فذلك خاصٌّ بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هُو المُختارُ، خلافًا لِمَن اشْتَرَطَ في التابعي طولَ الملازمة، أو صحةَ السماعِ أو التمييز([6]))).
المخضرم: هو: من أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم، ولم يره.
قولنا: (المُخَضْرَمُ: وَهُوَ: مَنْ أَدْرَكَ زَمَنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَسْلَمَ، وَلَمْ يَرَهُ)؛ قال ابن الصلاح – رحمه الله -: ((الْمُخَضْرَمُو نَ مِنَ التَّابِعِينَ؛ هُمُ الَّذِينَ أَدْرَكُوا الْجَاهِلِيَّةَ ، وَحَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَسْلَمُوا، وَلَا صُحْبَةَ لَهُمْ، وَاحِدُهُمْ مُخَضْرَمٌ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - كَأَنَّهُ خُضْرِمَ أَيْ قُطِعَ عَنْ نُظَرَائِهِ الَّذِينَ أَدْرَكُوا الصُّحْبَةَ وَغَيْرَهَا.
وَذَكَرَهُمْ مُسْلِمٌ فَبَلَغَ بِهِمْ عِشْرِينَ نَفْسًا، مِنْهُمْ: أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ ، وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ الْكِنْدِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيُّ، وَعَبْدُ خَيْرِ بْنُ يَزِيدَ الْخَيْوَانِيُّ ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلٍّ، وَأَبُو الْحَلَالِ الْعَتَكِيُّ رَبِيعَةُ بْنُ زُرَارَةَ.
وَمِمَّنْ لَمْ يَذْكُرُهُ مُسْلِمٌ: مِنْهُمْ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوَبَ، وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.([7]))).


[1])) ((التقريب)) للنووي مع الندريب (664).
[2])) وهي مسألة اختلف فيها أهل العلم: هل مَنْ لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به أنه سيبعث، ثم مات قبل أن يبعث، كورقة بن نوفل – مثلًا - هل يُعَدُّ صحلبيًا أمْ لا؛ ذهب بعض أهل العلم كالذهبي وابن كثير أنه لا يُعَدُّ صحابيَّا، وذهب غيرهم أنه يُعَدُّ صحابيًّا. والله أعلم.
[3])) ((نزهة النظر)) (140، 141).
[4])) السابق.
[5])) ((علوم الحديث)) (294).
[6])) ((نزهة النظر)) (143، 144).
[7])) ((علوم الحديث)) (303، 304).