العدالة لغة:يقال رَجُلٌ عَدْلٌ: وهو مَا قَامَ فِي النُّفُوسِ أَنه مُسْتقيم، وَهُوَ ضِدُّ الجَوْر، وهو الَّذِي لَا يَمِيلُ بِهِ الْهَوَى فيَجورَ فِي الْحُكْمِ، والعَدْلُ مِنَ النَّاسِ: المَرْضِيُّ قولُه وحُكْمُه([1]).والعدالة اصطلاحًا:قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:((والمراد بالعدل: مَنْ لهُ مَلَكَةٌ تَحْمِلُه على مُلازَمة التَّقوى والمُروءةِ. والمُرادُ بالتَّقوى: اجْتِنابُ الأعمالِ السَّيِّئةِ؛ مِن شِرْك أو فسقٍ أو بدعةٍ([2]))).كيف تثبت العدالة؟قال ابن الصلاح – رحمه الله -:((تَارَةً تَثْبُتُ بِتَنْصِيصِ مُعَدِّلَيْنِ عَلَى عَدَالَتِهِ([3])، وَتَارَةً تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَ ةِ؛ فَمَنِ اشْتَهَرَتْ عَدَالَتُهُ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ أَوْ نَحْوِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَشَاعَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِالثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ، اسْتُغْنِيَ فِيهِ بِذَلِكَ عَنْ بَيِّنَةٍ شَاهِدَةٍ بِعَدَالَتِهِ تَنْصِيصًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ فِي فَنِّ أُصُولِ الْفِقْهِ.وَمِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ، وَمَثَّلَ لِذَلِكَ بِمَالِكٍ، وَشُعْبَةَ، وَالسُّفْيَانَي ْنِ، وَالْأَوْزَاعِي ِّ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ فِي نَبَاهَةِ الذِّكْرِ وَاسْتِقَامَةِ الْأَمْرِ، فَلَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ هَؤُلَاءِ وَأَمْثَالِهِمْ ، وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ مَنْ خَفِيَ أَمْرُهُ عَلَى الطَّالِبِينَ([4]))).
[1])) ((لسان العرب)) (11/ 430).
[2])) ((نزهة النظر)) (69).
[3])) ظاهر كلام ابن الصلاح – رحمه الله –. هنا أنه يشترط مُعَدِّلَيْنِ لإثبات العدالة، ولكنه بيَّنَ في موضع آخر أنَّ الصواب الاكتفاء بمعدِّلٍ واحدٍ، حيث قال – رحمه الله – ((علوم الحديث)) (109): ((اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَثْبُتُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ، أَوْ لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ؟
فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ إِلَّا بِاثْنَيْنِ، كَمَا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي الشَّهَادَاتِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ - وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي اخْتَارَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ - :أَنَّهُ يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ، لِأَنَّ الْعَدَدَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي جَرْحِ رَاوِيهِ وَتَعْدِيلِهِ، بِخِلَافِ الشَّهَادَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ)).
[4])) ((علوم الحديث)) (105).