لكل فن رجال ولكل مقام مقال:
الراوي الوسط أو من فيه مقال، بل والثقة أحيانا، لا يكون حاله في كل حديثه سواء، بل يتردد بين الصواب والخطأ بحسب درجته من الضبط، وبحسب ملابسات كل رواية، ومردُّ ذلك وفهمُه إلى النقاد من أهل هذا الفن، وأمَّا الولوع بإطلاق التقويمات المعروفة، والحكم على أحاديث الرجل بناءً على ما التصق به من التقويم، فالثقة حديثه صحيح أبدًا، والصدوق حديثه حسن يحتج به، وهكذا، دون النظر في الأحوال التفصيلية للرواة، ولا للقرائن المُحْتَفَّة بالخبر، فأمرٌ بينه وبين تطبيقات النقاد بون شاسع.
تراجع أحاديث حماد بن سلمة في علل الرازي والدارقطني مثلا، مع النظر في ترجمته من تهذيب الكمال، وما في حاله من التفصيل، وتباين قوة روايته عن مشايخه، ومع ذلك كلما مر حماد بن سلمة في إسناد خبر فلا تكاد تجد فيه عند المصححين والمخرجين والمحققين الآن إلا التوثيق المطلق، دون استثناء أو تفصيل.