"فَانْظُر كَيفَ كَانَت مجاهداتهم ، وعباداتهم ، وقيامهم اللَّيْل ، وصيامهم النَّهَار _أي :الخوارج_ ؛ نقمةً عَلَيْهِم ، وبليةً ومحنةً لَهُم ، لم تعد عَلَيْهِ بنفعٍ قطّ ، إِلَّا مَا أصيبوا بِهِ من الخسار والنكال والوبال ، فَكَانَت تِلْكَ الطَّاعَات الصورية ،من صَلَاة وَصِيَام وتهجد وَقيام ، هِيَ نفس الْمعاصِي الْمُوجبَة للنار.
وَهَكَذَا ؛ كل من رام أَن يُطِيع الله على غير الْوَجْه الَّذِي شَرعه لِعِبَادِهِ ، وارتضاه لَهُم ؛ فَإِنَّهُ رُبمَا يلْحق بالخوارج بِجَامِعٍ وُقُوع مَا أطاعوا الله بِهِ ، على غير مَا شَرعه لَهُم ، فِي كِتَابه ، وعَلى لِسَان رَسُوله_صلى الله عليه وسلم_ .
وَإِنِّي أخْشَى أَن يكون من هَذَا الْقَبِيل ؛ مَا يَقع من كثير من المتصوفة ، من تِلْكَ الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال ، التي لم ترد فِي الشَّرْع ، على صِفَاتٍ لم يَأْذَن الله بهَا ، مَعَ مُلَازمَة تِلْكَ الثِّيَاب الخشنة الدرنة ، وَالْقعُود فِي تِلْكَ المساطب القذرة ، وَمَا يَنْضَم إِلَى ذَلِك من ذَلِك الهيام ، والشطح وَالْأَحْوَال ، الَّتِي لَو كَانَ فِيهَا خيرٌ ؛ لكَانَتْ لرَسُول الله _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_ وَأَصْحَابه الَّذين هم خير الْقُرُون ".