بسم الله الرحمن الرحيم
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود أبو عبد البر
الأخ المعتدل بنى كل اعتراضه على قول إبراهيم عليه السلام "ربنا اغفر لي ولوالدي...الآية"، والجواب على هذا الاعتراض سهل يسير لا يحتاج لكل هذه التعسفات التي يصنعها الأخ لمخالفة صريح القرآن.
قوله صلى الله عليه وسلم: ربنا اغفر لي ولوالدي قد يكون قصد بوالديه آدم وحواء عليهما السلام، وهذا احتمال، وهذا الاحتمال أقرب من الادعاء أن الأب هو العم في الآية.
هذا من أبعد الإحتمالات ورده من أسهل ما يكون ... إذ كيف يترك والديه الأقربين وحقهما اعظم من حق الأبعدين ثم يستغفر لهذين الأبعدين وهما ممن غفر الله لهما ولا يحتاجان إلى استغفار ... على الأقل آدم مغفور له قطعا لأنه نبي والإستغفار لمغفور له لغو وعبث ينزه عنه الأنبياء المعصومون.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود أبو عبد البر
وكذلك يحتمل أن إبراهيم استغفر لأبيه بعد موته وأن تقييد فلما تبين له أنه عدو لله محمول على الآخرة
تعليق العلم بالآخرة بعيد أيضا ولا تسعفه اللغة لأن الله تعالى قال : ( فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ) وهي عبارة بصيغة الماضي الذي يدل على سبق العلم ... وحتى إمام المفسرين الإمام الطبري رحمه الله قد رجح الرواية الأخرى التي صرح فيها حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه أن الخليل عليه السلام ترك الدعاء لآزر لما علم بموته على الكفر ... فكيف نترك روايته التي أخذ بها التابعون ونقدم هذا الإحتمال البعيد ؟
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود أبو عبد البر
وحديث شفاعة إبراهيم لأبيه يوم القيامة ثابت في الصحيح فكيف يشفع له بعد أن تبين له أنه عدو لله تعالى؟؟ هذا هو الذي لا يعقل.
هذه الرواية سبق وقلت بأنها لا تخلف عن الآية في شيء فأي فائدة فيها ؟ ... لقد جاءت بصيغة الأب وليس الوالد ، ولو كان في لفظة الأب حجة لاكتفينا بالآية القطعية ولارتفع هذا الخلاف من أصله.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود أبو عبد البر
ثم الدليل أن إبراهيم استغفر لأبيه بعد موته أن الله تعالى نهانا عن الاقتداء بإبراهيم في هذا الاستغفار كما في سورة الممتحنة ولو كان الموضوع أن إبراهيم استغفر له حتى تبين له أنه عدو لله ما استثنى الله تعالى هذا من الاقتداء فأكثر العلماء على جواز الاستغفار للمشرك الحي فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أحد: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" وقال في فتح مكة: "لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم".
منع الإستغفار للكافر بعد موته على الكفر ثابت لا خلاف فيه بنص القرآن ولو جاز لسيدنا إبراهيم لجاز لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم بالأولى ولكن الآية صريحة في منعه من ذلك ... وإنما جاء استثناء دعوة إبراهيم عليه السلام ليس لأجل ما فهمته انت بل حتى لا يتوهم أحد انه دعى له بعد الموت وهو ما دعى له إلا قبل ذلك ... والدليل رواية ابن عباس رضي الله عنه في هذا الشأن التي تثبت توقفه عن الإستغفار له بعد موته وهي في أصل الموضوع فراجعها.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الإمام الأثري
الأخ الملقب بالمعتدل :
باختصار أنت جئت بكلام مخالف لظاهر القرآن و سميته البرهان الساطع
فأنا أسألك و أريد الجواب بدون لف و دوران
أين أدلتك الصحيحة الصريحة التي لا يتطرق إليها الإحتمال ( حتى لا يسقط الإستدلال بها فيصير البرهان خافتا لا ساطعا ) على هذا الزعم الذي زعمته .و إليك ملخص ما قاله الإخوة لك و ما أضيفه على كلامهم .
1- ذكر لك الإخوة أحاديث في البخاري و مسلم أن آية ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ } .أنزلَها اللهُ في أبي طالبٍ ( وهي واضحة في أن أبا طالب مات مشركا و هي ملة عبد المطلب كما قال أبو طالب ) فلا تراوغ و كذلك آية { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } نزلت في أبي طالب .
فإذا كنت لا تعتمد تصحيح الألباني و تضعيفه كما تزعم أنت و فرقتك فهل تريد إسقاط البخاري و مسلم أيضا .
و إليك هذه الإضافة من عندي :
في الصحيحين عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ذكر عنده عمه أبو طالب فقال"لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار تبلغ كعبيه يغلي منهما دماغه" وفيهما أيضا عن العباس بن عبدالمطلب أنه قال يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال "نعم هو في ضحضاح من نار ولولا ذلك كان في الدرك الأسفل من النار" وفي رواية لمسلم قال قال "وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح" ولمسلم أيضا من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال"إن أهون أهل النار عذابا أبو طالب وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه "
هل تكلمت أصلا عن أبي طالب حتى ترد بهذا الكلام ؟ ... الغرض هو إثبات إيمان آباء النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لم يخرج من صلب كافر او رحم كافرة ... اما الفروع فهذا أبو لهب مقطوع بكفره بنص القرآن الصريح الذي لا يختلف فيه اثنان ... فردك هذا بلا جدوى.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الإمام الأثري
2- ذكرت حديث (لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحامالطاهرات) فذكر لك الإخوة أن السيوطي نفسه ضعف الحديث و قد حكم عليه ابن الجوزي و الشوكاني أنه موضوع و قال ابن كثير : ( منكر جدا ) و قال الألباني العلم : ( إسناده واه و من دون عكرمة لا أعرفهم ) فالحديث ساقط و هو مسلسل بالمجاهيل و إن كنت تريد تصحيحه بالقوة فوثِّق لنا رجاله و أثبت إتصال السند ، و إلا فحجتك ساقطة لا وزن لها .
تركت هذا الحديث لأنه وإن قواه غيركم بشواهد اخرى إلا اننا لن نتفق معكم فيه مهما حاولنا ... ولهذا التجأت إلى غيره فدعك منه.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الإمام الأثري
3- نقلت لنا حديثين :ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر في التفسير بسند صحيح على شرط الشيخين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لم يزل على وجه الأرض من يعبد الله عليها.
وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في الزهد والخلال في كتاب كرامات الأولياء بسند صحيح على شرط الشيخين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( ما خلت الأرض من بعد نوح عليه السلام من سبعة يدفع الله بهم العذاب عن أهل الأرض ) في آثار أخر.
و الرد عليك : أن الحديث الأول ليس موجودا في مصنف عبد الرزاق و لا في تفسير ابن المنذر لا بسند صحيح و لا غير صحيح . و الحديث الثاني ليس موجودا عند أحمد و لا الخلال لا بسند صحيح و لا غير صحيح .
ما يدريك ان الحديث ورد بنفس المعنى حتى وإن اختلفت الألفاظ قليلا وذلك لا يضر قطعا ؟
لعلك اعتمدت على نص الحديث بحروفه فاستعملت خاصية البحث السريع معتمدا على بعض الألفاظ التي لم تكن في الحديث الآخر ... أو كانت نسختك ناقصة كما هو شأن بعض النسخ الرقمية أو لم تبحث جيدا بكل بساطة.
والدليل ان الحديث الذي تنكر وجوده في كتاب الخلال موجود فيه بحروفه في الصفحة 24 من النسخة التي حققها أسامة الشريف
###
فعاود البحث من جديد بكل تان وضبط ولا تحكم بسرعة.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الإمام الأثري
4- ادعيت أن السيوطي معصوم من الخطأ إذ كيف يحكم بأن الحديثين صحيحين و على شرط الشيخين و لا يكونا كذلك
عجيب فهمك يا أخي !!!!!!!!... فالعصمة للأنبياء ... وأنا استبعدت فقط وقوع مثل ذلك من عالم كبير ومحدث متفق على علو كعبه في الحديث ... لأن من هم دونه في هذا الفن لا يخفى عليهم ما كان على شرط الصحيحين ... فلا تقولني ما لم أقل.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الإمام الأثري
و في نفس الوقت نسبت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه أخبر الأعرابي بالكذب ليطيب خاطره ، و لا تقل لي قال ذلك بعض المشايخ فهذا القول ممجوج مستهجن و لو قاله أبو بكر الصديق .
أخشى ان يكون في كلامك عن الصديق ما يستوجب توبتك او تجديد إيمانك لطعنك في أقوى المؤمنين إيمانا رضي الله عنه ... والله لو قالها من دونه من الصحابة وثبتت عنه ما وسعك إلا التصديق بها.
واعلم ان ذلك القول ليس كذبا من النبي كما تزعم لأن التورية جائزة ولا كذب فيها لو كنت تعلم ... فقد أخبر النبي أعرابيا سأله عن الساعة وخشي أن يفتتن إن هو قال له لا أعلم فيشك في نبوته فأجابه بالتورية كما في الصحيح :
أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : متى تقوم الساعة ؟ وعنده غلام من الأنصار ، يقال له محمد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن يعش هذا الغلام ، فعسى أن لا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة "
قال ابن حجر في فتح الباري :
وقال الداودي : المحفوظ أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك للذين خاطبهم بقوله تأتيكم ساعتكم , يعني بذلك موتهم , لأنهم كانوا أعرابا فخشي أن يقول لهم لا أدري متى الساعة فيرتابوا فكلمهم بالمعاريض , وكأنه أشار إلى حديث عائشة الذي أخرجه مسلم " كان الأعراب إذا قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم سألوه عن الساعة متى الساعة ؟ فينظر إلى أحدث إنسان منهم سنا فيقول إن يعش هذا حتى يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم " إنتهى
هل كذب النبي صلى الله عليه وسلم هنا في رأيك ؟
فحديث السائل عن مصير أبيه من هذا القبيل ... فقد قاله النبي صلى الله عليه وسلم شفقة أو خوفا من الفتنة لا سيما وقد وجد ما يدل على ذلك في حديث آخر :
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان فأين هو قال في النار قال فكأنه وجد من ذلك فقال يا رسول الله فأين أبوك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار قال فأسلم الأعرابي بعد وقال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبا ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار .
الراوي: عبدالله بن عمر - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1288
أنظر إلى قول الراوي : فكأنه وجد من ذلك وقول السائل "فأين أبوك "
لتدرك ما قاله بعض العلماء أنه مما يفهم منه الحنق أو ما يشبه الغيرة ... فلولا ان الرجل كره نجاة والدي النبي صلى الله عليه وسلم دون والديه لما سأل عنهما ... وهو بعد لم يسلم فخشي النبي فتنته أكثر وإبعاده عن الإسلام فأجابه بالمعاريض ... لكن النبي في نفس الوقت كلفه تعبا وطلب منه ما طلب جزاء قلة ادبه ، لأنه كان ينبغي أن يكتفي بمراده الأصلي دون التفتيش عن حال الوالدين الشريفين فإن ذلك مما لا يفيده بشيء.
بخلاف من سأل عن حال ابيه ولم يزد شيئا فإن النبي قد جبر خاطره.
قال القرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم :
وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( إنّ أبي وأباك في النار )) جبرٌ للرجل ممّا أصابه ، وإحالة له على التأسّي حتّى تهون عليه مصيبته بأبيه ؛ وذلك لَمَّا حفظ الحرمة ، ولم يقل : أين أبوك ؟ بخلاف من قال ذلك للنبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال له : ((حيثما مررْتَ بقبر كافر فبشِّرْه بالنار )) ، فكان الرجل يفعل ذلك ، فشقَّ عليه حتّى قال : لقد كلَّفني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شططًا. إنتهى
فإذا كان العلماء قد فهموا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أنه جبر لخاطر السائل ، فكيف تستبعد ان يكون بالتورية والمعاريض إذا لم يكن للإجابة بالحقيقة أي سبيل ؟ ... هل تقدر على إثبات العكس بدليل صريح ؟ ... وهل ترى حرمة المعاريض ؟
سيبقى الاحتمال قويا يمتنع معه الإستدلال.