الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أئمة الهدى ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد
أيها الإخوة الكرماء، والمشايخ الفضلاء، والأحبة الأجلاء
هذه سنة حسنة، سنها أخونا الفاضل ( فريد البيدق ) في ملتقى أهل الحديث، واقتدى به الإخوة في شبكة الفصيح، وغيره من المنتديات، ألا وهي:
التدرب والمرانة على ضبط الكلم
وشكل الألفاظ في سياقاتها المختلفة
فيكون في ذلك فوائدُ كثيرة، منها الاطلاع على عيون كلام أهل العلم، ومنها الاهتمام باللباب دون القشر، ومنها تحرير كثير مما يشكل على طلاب العلم وأحيانا على الكبار من أهل العلم، ومنها اكتساب السليقة في هذه اللغة الشريفة التي هي الآلة لارتقاء الرتبة المنيفة من علوم الشريعة.
وكثير من الناس يتوقف - في طريق تعلم العربية - عند شدو طرف من علم النحو، لا يسمن ولا يغني من جوع، وآية ذلك أنك تراه لا يكاد يقيم بلسانه عبارتين، ولا يستطيع أن يضبط بيده آيتين. فإن آتاه الله حظا من العقل وحسن الفهم استطاع - مع الكلفة - أن يأتي على أواخر الكلم ضبطا.
وأما ضبط بنية الكلم ومعرفة المشكِل فمن أبعد ما يكون عن طرف أنفه، ثم بعدُ قد تراه شامخا بهذا الأنف، وكأنه قد نال ما لم ينله الأوائل، وحصل ما لم يحصله الأكابر.
وقديما قال أبو الحسن الماوردي:
( قلما تجد بالعلم معجبا وبما أدركه مفتخرا إلا من كان فيه مقلا ومقصرا، لأنه قد يجهل قدره، ويحسب أنه قد نال بالدخول فيه أكثره. وأما من كان فيه متوجها ومنه مستكثرا، فهو يعلم من بعد غايته وعجزه عن إدراك نهايته ما يصده عن العجب به )
وهذه الطائفة ضد طائفة أخرى، وإمامها أبو عمرو بن العلاء القائل:
( ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال )
اللهم اجعلنا من هذه الطائفة، ولا تجعلنا من الطائفة الأولى، بفضلك يا ذا الجلال والإكرام.
وهذا أوان الشروع في المقصود، والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.