بارك الله فيكم وجعلكم مباركين حيثما كنتم
جميل ومفيد بارك الله في مجهودكم الكبير
ولكم بالمثل ، وللحديث تتمة إن يسر الله ذلك ولشيخنا سعد الحميد مقال نافع في أهمية العلل في المجلس .
شرفني مروركم الكريم استاذنا العربي الكريم, ولكم مثل ما دعوتم لي مباركين.
افادكم الله وايانا شكراً على مروركم الطيب.
ننتظر منكم كل جديد في اثراء اهمية علم الحديث.
شكراً لكم.
قال ابن سيرين رحمه الله: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثه
قال الشافعي: مثل الذي يطلب العلم بلا إسناد مثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب فيها أفعى تلدغه وهو لا يدري
وقال سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن معه سلاح فبأي سلاح يقاتل
وقال يزيد بن زريع: لكل دين فرسان وفرسان هذه الدين أصحاب الأسانيد
وعن محمد بن حاتم بن المظفر قال: إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها بالإسناد وليس لأحد من الأمم قديمها وحديثها إسناد موصول، إنما هي صحف في أيديهم وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم فليس عندهم تمييز ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي اتخذوها عن غير الثقات
وقال الحافظ ابن حزم: نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم شيء خص به المسلمون دون جميع الملل والنحل، أما مع الإرسال والإعضال فيوجد في اليهود لكن لا يقربون به من موسى قربنا من نبينا، بل يقفون حيث يكون بينهم وبينه أكثر من ثلاثين نفسا، وإنما يبلغون إلى نوح وشمعون، وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق، وهذه الأمة الشريفة زادها الله شرفا بنبيها إنما تنقل الحديث عن الثقة المعروف في زمانه بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ والأطول فالأطول مجالسة لمن فوقه، فمن كان أقصر مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها وأكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل ويضبطوا حروفه ويعدوه عدا
إلى أهل الحديث وطلبته ومحبيه , وإلى الساعين في جمع وتحقيق ونشر دواوينه وأسفاره وكتبه , في كل مكان وزمان , وشرق وغرب , وقطر ومصر,فإن الأسانيد المتصلة نقل العدل عن العدل بالكتب المروية والدواوين المسندة إلى صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم , ونقلتها المعدلين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم وأرضاهم فأسوق اليكم بعض اقوال عمالقة العلم والنجوم في سماء العلوم:
وفي سراج المريدين للقاضي أبي بكر بن العربي المعافري ما نصه: والله أكرم هذه الأمة بالإسناد، لم يعطه أحد غيرها، فاحذروا أن تسلكوا مسلك اليهود والنصارى فتحدثوا بغير إسناد فتكونوا سالبين نعمة الله عن أنفسكم، مطرقين للتهمة إليكم، وخافضين المنزلتكم، ومشتركين مع قوم لعنهم الله وغضب عليهم، وراكبين لسنتهم. [فهرس الفهارس 1/80]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعله سلماً إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأئمة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنّة أهل الإسلام والسنة يفرقون به بين الصحيح والسقيم والمعوج والمقيم. وغيرهم من أهل البدع والكفار، إنما عندهم نقولات يأثرونها بغير إسناد وعليها من دينهم الاعتماد، وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل ولا الحالي من العاطل. وأما هذه الأمة المرحومة وأصحاب هذه الأمة المعصومة فإن أهل العلم منهم والدين هم من أمرهم على يقين، فظهر لهم الصدق من المين كما يظهر الصبح لذي عينين [مجموع الفتاوى: 1/9.]
جزاكم الله خيرا على الموضوع الطيب
والحقيقة أن علم الحديث هو درة تاج العلوم الإسلامية وفخرها
ويكفي هذه الأمة فخرا وشرفا أنها الوحيدة التي تذخر بمثل هذا العلم الذي ما عرفت الأمم مثله
وكما ذكرتم ونقلتم عن الإمام ابن حزم وكلامه في الفصل في الملل والأهواء والنحل عن الإسناد وأنه خصيصة لهذه الأمة
ومما يذكر في هذا الشأن وليس فيما نقلتموه بارك الله فيكم ما قاله حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما: ((كنا إذا قال الرجل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرأبت إليه أعناقنا,وأصغينا إليه بآذاننا، وابتدرته أبصارنا، أما وقد ركب الناس الصعب والذلول, فلم نأخذ من الحديث إلا ما نعرف)).
وكان الإمام الشافعي -رحمه الله وطيب ثراه - يقول: ((لولا أهل المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر)). -يشير إلى فضل أهل الحديث-
وإضافة إلى ما ذكرتم أقول
أن أهل الجرح والتعديل والعلل كانوا بمثابة الحصن الحصين للتعرف على الرواة والحفاظ على المرويات حتى أنه قيل ليحيى القطان ألا تخاف أن يكون من تتكلم فيهم – أي بالجرح – خصمائك أمام الله ، فقال: ((لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلى من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خصمي ويقول لي لما لم تذب الكذب عن سنتي)) .
فكانوا بحق حراس حدود لهذا الدين العظيم ولسنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم .
فصنفوا المصنفات وألفوا الكتب في تراجم الرجال ومعرفة أحولهم ومن تكلم فيهم بجرح أو تعديل
ولم يكونوا يحابوا أحدا في هذا ، فلا تدخل الأهوء في هذا الأمر - إلا في مواقف محصورة -.
فهذا علي بن المديني لما كان يسأله الناس عن أبيه أصحيح الحديث هو أم ضعيف ، يقول اسألو غيري
فيقولون سألناك فيطرق رأسه - حزنا - ويقول: أبي ضعيف.
وهذا يحيى بن معين يتكلم في صاحب له ممن كان يحبه
فقد نقل عنه الحسين بن حبان قوله في محمد بن سليم القاضي : ((هو والله صاحبنا ، وهو لنا محب ، ولكن ليس فيه حيلة البتة ، وما رأيت أحداً قط يشير بالكتاب عنه ولا يرشد إليه)).
وقال : ((قد والله سمع سماعاً كثيراً ، وهو معروف ، ولكنه لا يقتصر على ما سمع ، يتناول ما لم يسمع)) ، فقال رجل : يكتب عنه ؟ قال : لا.
والمواقف كثيرة وعديدة
ولذلك قال الخطيب البغدادي
((ليس أحد من أهل الحديث يحابي في الحديث أباه ، ولا أخاه ، ولا ولده . وهذا علي بن عبد الله المديني ، وهو إمام الحديث في عصره ، لا يروى عنه حرف في تقوية أبيه بل يروى عنه ضد ذلك)).
وقال الذهبي: ((الكلام في الرواة يحتاج إلى ورع تام ، وبراءة من الهوى والميل ، وخبرة كاملة بالحديث وعلله ورجاله)).
وقال الشيخ المعلمي اليماني: ((أئمة الحديث عارفون متيقظون يتحرزون من الخطأ جهدهم ، لكنهم متفاوتون في ذلك)).
وقال أبو حاتم الرازي: ((لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسل إلا في هذه الأمة)).
فقال له رجل : يا أبا حاتم ربما رووا حديثا لا أصل له ولا يصح ؟
فقال: ((علماؤهم يعرفون الصحيح من السقيم ، فروايتهم ذلك للمعرفة ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الآثار وحفظوها ، ثم قال أبوحاتم رحم الله أبا زرعة ، كان والله مجتهدا في حفظ آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
وبالنسبة للعلل، فكان عبد الرحمن بن مهدي -رحمه الله- يقول: ((إنكارنا الحديث عند الجهال كهانةٌ)).
وجاء رجل لأبي زرعة الرازي فقال له ما الحجة في تعليلكم الحديث
فقال أبو زرعة -رحمه الله- : الحجة أن تسالني عن حديث فأذكر لك علته ثم تذهب لمحمد بن مسلم بن وارة فتسأله عن نفس الحديث ولا تذكر له أنك سألتني ، ثم تذهب لأبي حاتم فيعللانه، فإن وجدت اختلاف بيننا فاعلم أن كل واحد منا تكلم على مراده ، وإن وجدتنا متفقين فاعلم حقيقة هذا العلم
ففعل الرجل ما قاله له أبو زرعة فوجد الاتفاق ، ثم قال الرجل: أشهد أن هذا العلم إلهام .
ولهذا لما جاء رجل من الوضاعيين وقال لهارون الرشيد -رحمه الله- : أين أنت من ألفين حديث وضعتهم وما نطق بهم النبي صلى الله عليه وسلم
فقال هارون: ((فأين أنت يا عدو الله من إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها نخلاً فيخرجونها حرفاً حرفاً))
فرحم الله أئمة الحديث وأهله، فهم النجوم الزاهرة، والححج الباهرة، حراس حدود هذا الدين، والذائدون عنه الذود المتين
وجزاكم الله خيرا
فكرة طيبة ، و جهد مشكور
فجزاكم الله خيراً