نظرة حول آخر إصدارات الدكتور محمد خروبات : علم الموازنة عند المحدثين : أبو حاتم الرازي أنموذجا تنظيرا و تحليلا
بسم الله الرحمان الرحيم ،والحمد لله رب العالمين،والصلا ة و السلام على مولانا رسول الله و على آله و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .أما بعد: لا جرم أن الشريعة الغراء ، قد أوتيت من المزايا والمحاسن ما جعلها تحتل مكان الصدارة بين سائر القوانين الأخرى ذات الوضع البشري ؛ فقد جمعت وألمت ، واستقصت وأحاطت ، وأشفت الغليل وأراحت . فأما كونها قد جمعت وألمت ؛ فلأن الناظر فيها والمتأمل في أحكامها يرى أنها قد جمعت كل الحلول المناسبة لمختلف القضايا والإشكالات ضمن قواعد كلية عامة ، وأما كونها قد استقصت وأحاطت فلأنها قد استقرأت جميع الجزئيات المندرجة ضمن تلك الكليات العامة ، وأما كونها قد أشفت الغليل وأراحت ؛ فلأن المتمسك بها والمنقاد لأحكامها عن اعتقادٍ والتزام دون تحايل أو تلاعب يجد من الراحة من الاطمئنان ما لا يجده من المتمسك بغيرها من القوانين الأخرى .ولكي تبقى الشريعة السمحة على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها ؛ قيد الله لها علماء أجلاء ليزيلوا عنها كيد الكائدين ،وباطل المبطلين. و هذا الكتاب المتميز الذي بين أيديناـ علم الموازنة عند المحدثين : أبو حاتم الرازي أنموذجا – تنظيرا وتحليلا ـ يندرج ضمن تجليات هذا الاعتبار ، و هو مما جادت به قريحة ملهمه فضيلة الدكتور محمد خروبات، الذي يمكن القول بأنه يعد بحق من المؤلفات الحديثية المعاصرة التي تشرئب الأعناق لاستشرافها، وتتوق النفوس لها ، وتكتحل العيون برؤيتها ،كلما دققت فيه النظر إلا و زادك علما عن جهود مظفرة للشيخ الحافظ أبي حاتم الرازي الفارسي الأصبهاني في خدمة السنة النبوية الشريفة .
فهو كتاب نال السبق في التأليف والإيجاد، إذ انفرد بمشروع جديد في الكشف عن ضوابط "علم الموازنة" و قانونها العام عند المحدثين ، ليميط اللثام و يكشف الستار عن الأليات المنهجية لهذا العلم القديم الجديد التي ضل مطمورا بين ثنايا تراث المحدثين عامة ، وتراث الحافظ أبي حاتم الرازي خاصة .
و العمل الذي قام به أستاذنا الفاضل هو في عمومه حصاد سنوات من المتابعة العلمية و المنهجية لبعث تراث خادم السنة النبوية الشريفة الحافظ أبي حاتم الرازي الفارسي الأصبهاني ، أبلى فيها باعثه البلاء الحسن ، والجدير بالذكر في مثل هذا الصدد ؛ أنه إن اشتهر كثيرا ذكر أبي حنيفة مقرونا بذكر أبي يوسف و محمد ، كالتصاق الحاجب بالعين ؛ يمكن القول أن الأمر غدا كذلك مع الحافظ أبي حاتم الرازي وباعثه ووارث سره فضيلة الدكتور محمد خروبات الذي صاحبه على مدى عقدين من الزمن ،فجمع و ألم ،واستقصى و أحاط ، وأشفى الغليل و أراح ،وفي الختام نتمنى له مزيدا من التوفيق و السداد وما ذلك على الله بعزيز هو نعم المولى و نعم النصير و السلام عليكم و رحمة الله .