تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: إذا أغلق على الخطيب :

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2011
    المشاركات
    23

    افتراضي إذا أغلق على الخطيب :

    إذا أغلق على الخطيب :
    قد يتلعثم الخطيب أو يغلق عليه في خطبته كما يغلق عليه في صلاته . فقد ذكر ابن قتيبة جملة من الذين أرتج ( (1073) أرتج على القارئ ، إذا لم يقدر على القراءة ، كأنه أطبق عليه . ولا تقل أرتجَّ بالتشديد . انظر الصحاح ( 1 / 279 مادة رتج ) ، النهاية ( 2 / 177 ) . 1073) عليهم وهم على المنبر ، كاليربوعي ، وعبدالله بن عامر ، وخالد بن عبدالله القسري ، ومعن بن زائدة ، وعبدربه اليشكري، وروح بن حاتم ، وغيرهم.
    كما أنه ذكر عن ثابت قطنة أنه صعد منبراً بسجستان فحمد الله ثم أرتج عليه ، فنزل وهو يقول :
    فإلا أكن فيكم خطيباً فإنني *** بسيفي إذا جدَّ الوغى الخطيب
    فقيل له : لو قلتها على المنبر كنت أخطب الناس ( (1074) انظر : عيون الأخبار ( 2 / 641 ) . 1074) . اهـ .وليس ذلك ببعيد ، إذ خطبة الجمعة أمرها عظيم ، فإن المنبر له هيبة لا يمكن إنكارها ، وقد ذكر ابن مفلح ما يدل على ذلك بقوله : وذكر ابن عبدالبر عن جماعة منهم عثمان ، وعبدالرحمن بن خالد بن الوليد ، وعبدالملك بن مروان ، ومعن بن زائدة ، وخالد القسري ، أنهم خطبوا فأرتج عليهم ، وعن بعضهم قال : هيبة الزلل تورث حصراً ، وهيبة العافية تورث جبناً . وذكر أبو جعفر النحاس أنه أرتج على يزيد بن أبي سفيان( (1075) قصة يزيد بن أبي سفيان ذكرها ابن قتيبة في عيون الأخبار ( 2 / 641 ) .1075) فعاد إلى الحمد ثلاثاً ، فأرتج عليه فقال : يا أهل الشام ، عسى الله أن يجعل بعد عسر يسراً ، وبعد عيّ بياناً ، وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام قائل ، ثم نزل ، فبلغ ذلك عمر بن العاص فاستحسنه . وقيل لعبدالملك بن مروان : عجل عليك الشيب ، فقال : كيف لا يعجل وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة مرة أو مرتين ! ( (1076) قصة عبدالملك بن مروان ذكرها ابن قتيبة في عيون الأخبار ( 2 /643 ) .1076) وخطب عبدالله بن عامر في يوم أضحى فأرتج عليه ، فقال : لا أجمع عليكم لوماً وعياً ، من أخذ شاة من السوق فهي له وثمنها علي. وأرتج على معن بن زائدة فقال - وضرب برجله المنبر - فتى حروب لا فتى منابر ( (1077) انظر : الفروع ( 2 / 117 ) . 1077) . اهـ .
    وقد خطب خالد بن عبد الله القسري مرة ، فعندما أرتج عليه اعتذر قائلا: أيها الناس ، إن الكلام يجيء أحيانا فيتسبب سببه ،و يعزب أحياناً فيعز طلبه، فربما طولب فأبى ،و كوبر فعصى ، فالتأني لمجيبه أصوب من التعاطي لآبيه( (1078) انظر : الخطابة لمحمد أبي زهرة ص ( 311 ) . 1078) . اهـ .قلت : وقد نسب بعض أهل العلم عن عثمان رضي الله عنه أنه قال : الحمد لله فأرتج عليه فقال : إن أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا المقام مقالاً ، وأنتم إلى إمام فعَّال أحوج منكم إلى إمام قوَّال ، وستأتيكم الخطب بعد ، وأستغفر الله لي ولكم ، ونزل وصلى بهم ولم ينكر عليه أحد ( (1079) انظر : بدائع الصنائع ( 2 / 196 ) ، الهداية شرح البداية للمرغيناني ( 1 / 89 ) . 1079)0
    قال في فتح القدير عن قصة عثمان هذه : " إنها لم تعرف في كتب الحديث بل في كتب الفقه ( (1080) انظر : فتح القدير ( 2 / 57 ) . 1080) " . اهـ .
    وذكر الزيعلي أنها لم ترو مسندة وإنما ذكرها القاسم بن ثابت السرقسطي في كتاب غريب الحديث من غير سند . وأقره ابن حجر في الدراية ( (1081) انظر : نصب الراية ( 2 / 197 ) ، الدراية ( 1 / 215 ) . 1081) .
    وقال عبيد الله بن زياد : نعم الشيء الإمارة لولا قعقعة البريد ، والتشرف للخطيب . اهـ . ( (1082) انظر : عيون الأخبار ( 2 / 642 ) . 1082) .
    وقد قال الشافعي رحمه الله : وإذا حُصر الإمام لقن .
    قال النووي في المجموع : " قال الشيخ أبو حامد والأصحاب: ونص - أي الشافعي - في مواضع أخر أنه لا يلقن . قال القاضي أبو الطيب : قال أصحابنا : ليست على قولين بل على حالين فقوله : " يلقنه " أراد إذا استنطقة التلقين بحيث سكت ولم ينطق بشيء، وقوله "لا يلقنه" أراد ما دام يردد الكلام ويرجو أن ينفتح عليه فيترك حتى ينفتح عليه، فإن لم ينفتح عليه لقن، واتفق الأصحاب على أن مراد الشافعي هذا التفصيل، وأنها ليست على قولين( (1083) انظر : المجموع ( 4 / 359 ) ، الحاوى ( 2 / 444 ) . 1083)اهـ
    وقال البغوى : " يلقن إن كانت الخطبة معهودة يعرفونها كما يفتح على الإمام القراءة .. وإن لم تكن الخطبة معروفة لا يلقن " ( (1084) انظر : التهذيب ( 2 / 343 ) . 1084) . اهـ .قلت : وهو قول جمهور أهل العلم في الفتح على الإمام في الصلاة وتلقينه ، ولاشك أن الخطبة أقل شأناً من الصلاة ، ويدل على جواز تلقين الإمام ما رواه أبو داود وغيره من حديث المسور بن يزيد الأسدي رضي الله عنه قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئاً لم يقرأه ، فقال له رجل : يا رسول الله ، تركت آية كذا وكذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((هلا أذكرتنيها)) قال : كنت أراها نسخت ( (1085) سنن أبي داود ( 1 / 558 رقم 907 ) ، وانظر : صحيح ابن خزيمة ( 2 / 73 رقم 1648 ) . 1085).
    ولأبي داود أيضاً من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه ، فلما انصرف قال لأُبي رضي الله عنه : (( أصليت معنا )) قال : نعم . قال : (( فما منعك ؟ )) ( (1086) سنن أبي داود ( 1 / 558 رقم 907 ) .1086) .
    إشكال ودفعه :
    قد يشكل على هذين الحديثين السابقين ما رواه أبو داود أيضاً من حديث علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يا علي ، لا تفتح على الإمام في الصلاة )) ( (1087) سنن أبي داود ( 1 / 559 رقم 908 ) .1087) .
    فالجواب على هذا : هو أن الإشكال يزول بأن حديث علي ضعيف لا يقاوم الحديثين السابقين فلا معارضة حينئذ .
    قال الخطابي عن حديث علي هذا : إسناد حديث أُبيّ رضي الله عنه جيد ، وحديث علي رضي الله عنه من رواية الحارث وفيه مقال ( (1088) معالم السنن للخطابي المطبوع على هامش سنن أبي داود ( 1 / 559 ) . 1088) . اهـ .
    الشامل في فقه الخطيب والخطبة
    المؤلف : د.سعود بن إبراهيم بن محمد الشريم
    إمام وخطيب المسجد الحرام

  2. #2

    Arrow رد: إذا أغلق على الخطيب :

    أجزل الله لك المثوبة وللمؤلف.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    7,898

    افتراضي رد: إذا أغلق على الخطيب :

    جزاك الله خيرًا يا أخ محمود على هذا الموضوع .
    ومن المواقف العجيبة في هذا السياق ما حكاه صاحب نفح الطيب وأنه كان من عادة الخليفة عبد الرحمن الناصر خليفة المسلمين بالأندلس إذا جاءه رسول ملك الروم صاحب قسطنطينية أنهم كانوا يحتفلون في لقياه بالعسكر والقواد وأصحاب الشرطة وطبقات أهل الخدمة ، بما يدل على فخامة جاه الدولة ، فدعي أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي (ت 356هـ) وهو أمير الكلام وبحر اللغة في وقته وأحفظ أهل زمانه للغة وأرواهم للشعر ليقوم خطيبًا بين يدي الخليفة في ذلك اليوم ، فقام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم أُرْتِجَ عليه وانقطع وبهت فما وصل إلا انقطع ووقف ساكتًا مفكرًا ، فلما رأى ذلك قاضي الجماعة منذر بن سعيد البلوطي قام قائمًا بدرجة من مرقاة أبي علي ووصل افتتاحه بكلام عجيب وخطب خطبة بهر بها العقول جزالة وملأ الأسماع جلالة . فسبحان من بيده تصاريف الأمور ، والموفق من وفقه الله عز وجل.
    قال أبو عبدِ الله ابنِ الأعرابي:
    لنا جلـساء مـا نــمَلُّ حـدِيثَهم *** ألِبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
    يُفيدوننا مِن عِلمهم علمَ ما مضى *** وعقلًا وتأديبًا ورأيا مُسدَّدا
    بلا فتنةٍ تُخْشَى ولا سـوء عِشرَةٍ *** ولا نَتَّقي منهم لسانًا ولا يدا
    فإن قُلْتَ أمـواتٌ فلـستَ بكاذبٍ *** وإن قُلْتَ أحياءٌ فلستَ مُفَنّدا


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2011
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: إذا أغلق على الخطيب :

    جزاك الله خيرا على هذه الفائدة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •