طغت المادّة فأصبحنا نملك قلوبا كالصخر جامدة لا تنبض إلا بالموت فهربنا من معدننا الذي نشأنا فيه ، ونسينا حليب أمهاتنا ودفئ أحضانها ، ولم نعد نرى سوى الموت والدم ، كم أنت جميلة أيتها الطفولة كم أنت رائعة حين تبدو البرائة فاتنة فيك

نعيش في تناقض من الحياة فالقلوب التي ترسل الحياة كُدرت .

أين القلوب التي نرحم بها أبنائنا والتي استقيناها من ءابائنا هل عُدمت في مدنيّة الحياة ، فأصبح الكلب أكثر وفاء ، والسبع أرأف على بني جنسه من الإنسان ؟

الكثير منكم رأى تلك القطة وهي تحاول إنقاذ أختها وتمشي على صدرها وتعطيها من هوائها كي تعيش ولكن القدر قد سبق ..

والكثير أيضا رأى ذلك العصفور الذي ناح على فراق خليله وتمنى لو لحقه فيه ، وجهِد أن يوصل إلى جوفه قطرة ماء ولكن لا حياة
ناداه وهو يصارع الموت ويقول لا تتركني وحيدا بين البرايا
قال قد جاء القدر ولا مهرب منه .. فاختر لنفسك خليلا
قال أفديك بنفسي .. فتمهل حتى نموت سويا
قال وددت ولكن كل امرئ يجري لأَجله ..
ففارقه فراقا لا لقاء بعده


ورأينا ذلك النمر الشرس حين قتل قردةً كانت تحمل في بطنها جنينا فنسي السبعُ طعامَه وشرابه ونسي أن الله أودع فيه حب اللحم فنبض قلبه بالدفئِ والحنينِ ، واستذكر أمه الحنون حين كانت تلعقه وتنظفه وتلعب معه .. تذكر مسحةً على رأسه من لسان أمه فنسي كل شيء، وتذكر الرحمة التي أودعها الله فيه ، فلعِق النمرُ هذا القردَ الصغير ، هذا رأيناه بأعيننا ولسنا في فلم أو خيال ، ولكن البشر طغوا وبغوا وأحبوا سفك الدماء فأرسل الله لهم خلقا فطرهم على القتل وهي السباع ومثّل لنا الرحمة التي في قلوبهم والتي نزعت من أفئدة كثير من البشر فداسوا رقاب الناس وسفكوا دمائهم حتى صارت البهيمة أكثر رحمة ولطفا منهم

لم أتمالك نفسي حين أرى الحزن والأسى يبدو بين عيني هذا الكائن وهذه البهيمة وأقارنها بالعيون التي تتقد بؤسا وجحيما !!


وهناك قصص وقصص تحكيها الكتب ويتناقلها الثقات عن رحمة البهيمة التي سلبها الله العقل ، ولكنها أعقل بكثير من البشر .


دماء تسيل وتراق ولا أحد يوقف هذا النزيف ، ودّت السباع لو تكلمت حتى تقول مهلا يا بني الإنسان .
ولماذا لم تُرفع دعوى في محكمة لخيانة كلب أو عدم وفائه وإنما ترفع على إنسان ويا للأسف إن كان يدعي إسلامه ؟؟
نفعل هذا وقد من الله علينا بالعقل والفهم والقوة ..

ولكِ الله يا أمة الإسلام .. لكم الله يا أهل الإيمان فلا قُطرٌ في هذه الأرض إلا ودم منها يسيل من دماء المسلمين وليس لهم ذنب إلا أنهم قالوا : لا إله إلا الله .

وهذا الحقد الصليبي واليهودي والرافضي سود تاريخه بدماء المسلمين وأعراضهم يقتل ويسفك ولا يلوي على شيء ، ويتفنّن في قتل أهل القرءان وما ذاك إلا أنهم وحدوا ربهم .

التتر في بغداد ، ومحاكم التفتيش في الأندلس ، والإيطاليون في ليبيا ، والفرنسيون في الجزائر ، والإنكليز في العرب ، والأمريكيون في الهنود الحمر أولا ،وفي المسلمين آخرا، واليهود في فلسطين ، والرافضة في إيران والعراق ،، إلى غير ذلك من المآسي .

وإني لست ممن يحرم القتل مطلقا وأكذب على نفسي وعلى الناس بل إني أسير كما قال الله فقد شرع القصاص وجعله حياة ، وسن الجهاد وصيَّره ذروة الإسلام ، ولا جهادَ لا قتلٌ فيه .

ولكن هناك أخلاق للقتل وأخلاق للجهاد ما يعقلها إلا العالمون ، والتشريع لا شك في رحمته للناس أجمعين ، ولكن من يطبِّق هذا وكيف ونحن المصابون المكلومون ؟

وهناك صيحات سخيفة جوفاء خرقاء تنادي بالرفق بالحيوان فتنشأ جمعية للحمير والكلاب ومحمية لها وتغفل عن جوعى البشر وعن ما يتعرضون له من تطهير ولا حول ولا قوة إلا بالله

هذه البهيمة معها حذائها وطعامها تأكل الشجر ولم تسنجد بك ، وهذا المكلوم الجريح سواء أكان مسلما أم لم يكن في كل يوم يموت مرات ومرات فقرا ومرضا وجوعا بدعوى الرفق بالحيوان !!

متى نعيش بقلوبنا ؟ منى نلتحف برحمة الإسلام ؟
إن الإسلام دين الرحمة والرأفة لنا وللناس جميعا ..
مذ بعث محمد صلى الله عليه وسلم انتشر الضياء وعمّ الأرجاء ..
لقد حرم علينا الإسلام قتل النساء والأطفال والشيوخ ، وعلمنا معاملة الأسير وضرب لنا أروع الأمثلة وأحسنها فصار أسيرنا أميرنا وما ثمامة ابن أثال وكثير مثله ببعيد عنا .

لا ديمقراطية ولا اشتراكية ولا قومية ولا حقوق الإنسان ، مهازل تتلوها مهازل وإفك يتبعه إفك ، لم نر الرحمة إلا في أحضان الإسلام ولم نر أتباعا يفعلون ما يقولون إلا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم .

هذه كتب التاريخ وهذه الصور تروي لنا مآسيكم وهذا ديننا فأين أنتم منه ؟