وفيكم بارك ربنا
وبالنسبة لدعواك واعتراضك على فهم ابن عثيمين ومطالبتك بسلف له فاعذرني أن أقول لك أن هذا سوء أدب مع مثل فقيه عصره
هذا ليس من سوء الأدب وإنما هو طلب للحق فالقاعدة أخى أن أقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها وهذا ما تعلمناه من الشيخ نفسه ( عن طريق كتبه ) .
فإذا كان التقاش سيصل إلى الاستخفاف بالعلماء
ليس فى كلامى إستخفاف لأى عالم بارك الله فيك ولعل الشيخ العثيمين أحب علماء المملكة إلى قلبى ولعل الفرح قد ملأ قلبى حين وجدت له درساً مرئياً فرحاً برؤية وجهه رحمه الله .
ولا ندري ربما آتيك بكلام لابن تيمية فلا يعجبك فتقول : من سلف ابن تيمية في هذا الكلام
لو أحسنت الظن لكان خيراً لك ومع ذلك فأنت فى حل من حقى .
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــ
وأعلم أن ملخص كلامى هو أنه لا عذر بالجهل فى عبادة غير الله كالذبح لغيره ودعاء غيره إذا كان العبد فى بلاد إسلام يعش فيها المسلمون معهم كتاب الله وفيهم العلماء ولو قليل أما المسائل الخفية ففيها العذر وفيها الخطأ والصواب وأنت تنقل كلام إبن تيمية مجملاً وأنا آتيك به مفسراً كنقلك هذا الذى يوهم العذر فى المسائل الظاهرة والخفية
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3/229): "ومن جالسني يعلم ذلك مني أنِّي من أعظم الناس نهياً عن أنْ ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية إلا إذا عُلم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة وفاسقاً أخرى وعاصياً أخرى"ا.هـ.
وحتى يتضح لك أن كلام شيخ الإسلام ليس فى عبادة الله آتيك بكلامه هو فخير ما يفسر به كلام ابن تيمية هو كلامه نفسه فقد قال في معرض ذمه لأهل الكلام وما يقعون فيه قال:" وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال إنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي تعلم العامة والخاصة أنها من دين المسلمين بل اليهود والنصارى يعلمون أن محمد صلى الله عليه وسلم بُعث بها وكفر مخالفها مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين والشمس والقمر والكواكب والأصنام وغير ذلك فإن هذا أظهر شعائر الإسلام ومثل أمره بالصلوات الخمس وإيجابه لها وتعظيم شأنها ومثل معاداته لليهود والنصارى والمشركين والصابئين والمجوس ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك ثم تجد كثيراً من رؤسائهم وقعوا في هذه الأمور فكانوا مرتدين" (مجموع الفتاوى 4/54 ) فهل إتضح لنا أنه يفرق بين الأمور الخفية والظاهرة كعبادة الله تعالى أم لا ؟
وهذا كلام إمام الدعوة فى عصره الشيخ محمد بن عبد الوهاب يوضح التفريق بين الأمور الظاهرة والخفية يقول: (إن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام والذي نشأ ببادية، أو يكون ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف، وأما أصول الدين التي أوضحها الله في كتابه فإن حجة الله هي القرآن، فمن بلغه فقد بلغته الحجة).
ويقول في موضع آخر: (إن الشخص المعين إذا قال ما يوجب الكفر، فإنه لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها، وهذا في المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض الناس وأما ما يقع منهم في المسائل الظاهرة الجلية، أو ما يعلم من الدين بالضرورة فهذا لا يتوقف في كفر قائله، ولا تجعل هذه الكلمة عكازة تدفع بها في نحر من كفر البلدة الممتنعة عن توحيد العبادة والصفات، بعد بلوغ الحجة ووضوح المحجة.
وسوف ترى لى مواضيع بهذا الشأن فإن من الرحمة بالناس أن يعرفوا الحق ليتبعوه وأن يعرفوا الباطل فيجتنبوه وأن الخطر عظيم هذه هى الرحمة بالناس حقاً
وأعتذر عن الرد مجدداً لشئ فى نفسى والسلام عليكم