أحمد بن محمد بن مري البعلي الحنبلي [ المظلــوم ] !!
كنت أقرأ عن سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب " الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة "
للحافظ ابن حجر العسقلاني ، فوجدت قصة :
رجل مظلـوم !
كان جسمه وفؤاده مكلـوم !
والجهل في ظالميه معلـوم !
ما أعظم صبره على البلاء ،، وظلم الأغبيـاء !!
وكأني به رحمه الله تعالى :
كان يقول حسبنا الله ونعم الوكيل ، ما أردت إلا إخلاص العبادة لرب العالمين ، فآذوني بكل قول وفعل عليـل !!
نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله تعالى ، رحمه الله تعالى ورحمنا ورحم كل المسلمين .
--------------------
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتاب الدرر الكامنة :
(( أحمد بن محمد بن مري البعلي الحنبلي )) :
[ كان منحرفا عن ابن تيمية ثم اجتمع به فأحبه وتلمذ له وكتب مصنفاته وبالغ في التعصب له وكان قدم القاهرة فتكلم على الناس بجامع أمير حسين بن جندر بحكر جوهر النوبي وبجامع عمرو بن العاص وسلك طريق ابن تيمية في الحط على الصوفية ثم أنه تكلم في مسألة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وفي مسألة الزيارة وغيرهما على طريق ابن تيمية فوثب به جماعة من العامة ومن يتعصب للصوفية وأرادوا قتله فهرب فرفعوا أمره إلى القاضي المالكي تقي الدين الأخنائي فطلبه وتغيب عنه فأرسل إليه وأحضره وسجنه ومنعه من الجلوس وذلك بعد أن عقد له مجلس بين يدي السلطان وذلك في ربيع الآخر سنة 725 فأثنى عليه بدر الدين ابن جنكلي وبدر الدين بن جماعة وغيرهما من الأمراء وعارضهم الأمير أيدمر الحظيري فحط عليه وعلى شيخه وتفاوض هو وجنكلي حتى كادت تكون فتنة ففوض السلطان الأمر لأرغون النائب فأغلظ القول للفخر ياظر الجيش وذكر أنه يسعى للصوفية بغير علم وأنهم تعصبوا عليه بالباطل .
[ فآل الأمر إلى تمكين المالكي منه فضربه بحضرته ضربا مبرحا حتى أدماه ثم شهره على حمار أركبه مقلوبا ثم نودي عليه هذا جزاء من يتكلم في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم فكادت العامة تقتله ثم أعيد إلى السجن ] . انتهى .
---------------
نعوذ بالله تعالى من الظلم وأهله .
المتأمل في حال هذا الرجل الذي كان يحس إحساسًا يقينيًا أنه على الحق المبين ..
ومن لهم سلطان عليه ، يقولون أنه على الكفر والضلال المبيـن !
يشعر بمدى حزنـه وهمـه وغمـه وألمـه بما يفعله كل ظالم جاهل متعصب بالباطل والقول العاطـل !!
وقد تأملت في حاله ، فلم أجد من كل هذه الطعنات والظلمات إلا شىء بالتأكيد لو حدث لأي واحد فينا ، لتم تحطيمه من الألم والحزن والحسرة ، والهوان على الناس !
ألا وهو فعلهم : [ ثم شهره على حمار أركبه مقلوبا ثم نودي عليه هذا جزاء من يتكلم في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم فكادت العامة تقتله ثم أعيد إلى السجن ]
والقتل النفسـي أشد ألف مرة من الضرب بالسياط أو الضرب على الوجه وغير ذلك من أصناف الهوان !
فانظر إلى فعلهم : [ ثم شهره على حمار أركبه مقلوبا ثم نودي عليه هذا جزاء من يتكلم في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم فكادت العامة تقتله ثم أعيد إلى السجن ] !!!
وليس التشهير به والتشنيع عليه بوضعه على الحمار مقلوبًا ، هو صميم إحساسه بالحزن والألم !
ولكـن أكاد أجزم إن شاء الله تعالى أن الذي قتله من الحزن والغـم ، هو :
مناداتهم للناس بأن هذا جزاء من يتكلم في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم !
وكأن لسان حاله كان يقول : والله يا عباد الله ما أسأت أبدًا لرسول الله .
والله يا عباد الله لو قرأتم القرآن لعلمتم أن آذيتي هذه هي في سبيل الله .
والله يا عباد الله ، ما أردت إلا افراد التوحيد والعبادة لله .
-----
وأكثر الناس لو أطعتهم يضلوك عن سبيل الله !
ومن صفات الإنسان أنه ظالم وجاهل إلا من رحم الله تعالى .
ولو نظرت لحال عامة الناس ، لعلمت مدى بعدهم عن الحق والإنصاف !
وتيقنت أن أكثرهم نصب نفسه قاضيًا شرعيًا يحكم بين الناس بدون علم ولا إحساس !
فمهما تألم هذا الرجل وتكلم ،،،، الناس إما تؤيد بالظلم والباطل !!
أو تسكت عن هذه المظالم !!
ماذا تنقمون يا أهل الضلال على مثل هذا الرجل إلا أنه كان يتلوا قول الله عز وجل :
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }
وقول الله عز وجل : { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
وقول الله عز وجل : { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ }
وقول الله عز وجل : { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا }
وقول الله عز وجل : { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا }
وقول الله عز وجل : { قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين }
وقول الله عز وجل : { ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون }
وقول الله عز وجل : { له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال } .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ لا تطروني كما أطرت اليهود والنصارى أنبياءهم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله ] البخاري .
نسأل الله العظيم أن يرحمه ويغفر له ويسكنه الفردوس الأعلى وأن يجعل كل ما حصل عليه من الأذى والهوان في ميزان حسناته
وان يغفر لنا ويرحمنا ويهدينا إلى الرشاد .