تنتظرين أحفادك …
مثلك انتظر أبنائي …
لا تنزعجي كثيرا ..
فقد حلمت أني حبلى بطفل مجنون ..وانك تصلين وتدعين أن لا أحبل مرة أخرى ….
واستفقت أتحسس بطني …واستبشرت
كان حلما أمي …
وحين رفعت سماعة الهاتف وكلمتني ..تعجبت حين قلت لي :
سميرة صديقتك في المشفى تنجب طفلها الثاني ..صمتتِ ثم أردفتِ نصيب ..كما لو كنت محتجة ومنددة بالخبر السار .
وصمتتُ انتظر ماذا تقولين أيضا ..
كان شعري منفوش أفتش عن مشط أزيح به الشعر وخلايا التفكير معا ..الشعر المنفوش مساحة هم زائد ..أليس كذلك ؟ تختبيء فيه الأفكار المنبوذة .لذلك كل أصحاب الشعر المنفوش تنبذهم بعض المذاهب والشرائع .
قلتِ مرددة مرة أخرى :…صونيا …تسمعينني ..؟؟
الحقيقة أني كنت استل الحروف بكلابة من لساني ..وكنت تستلين الأعذار بحنو من قلبك الدافي ..
قلتُ: اعلم ..
اتصلت سميرة بي ..قبل أن تدخل غرفة العمليات ..وقلت لها كالعادة ادع لي ..
تفجر لسانك دعوات ماما ..
أتذكرين ؟
وواصلت تنقية بعض المشاعر من أحواض اسماك الفرح الاصطناعي بداخلي ..
دخلت المطبخ كسلانة أجر قاطرات الانتظار
ماما ..اليوم عطلة ..ومنصف مسافر إلى طبيب في فرنسا ..البيت موحش ..
وكنت بعيدة …
اسمع صخب الصبيان في الشارع ..اتكأ على الشرفة بشراهة أغمض عيني على حلم أثير ..
أحفادك وأبنائي ..
ثم افتحهما على قدر جميل …
أحواض السمك الاصطناعي تجعله جميلا ..حياتك من صنع استسلامك .
في المشفى الآن قرب سريرك ماما لا تسمعينني ..وليس بمقدورك أن تسمعي صراخ حفيدك ..
الأحلام هي من تقضي على رتابة الحياة ..قالوا الحرية أن لا تنتظر شيئا
ولكن ماما اكتشفت أن العبودية أن يكون لك كل شيء ولا تنتظر انبثاق حلم ..حين كنا ننتظر جواد معا أحسسنا بحركية الكون صادقنا الحجر في انتظاره لزخات تجعله صلدا ..والبيضة لدفء يجعلها فرخا .
أحببنا عصفورا مثلنا يغرد فرحا بفرخ جديد يفتح فاه للقمة افتكتها من الطبيعة أمه الرؤوم حبا ولطفا.
أحببنا السحاب ..وانتظرنا معنا أن يلد الخير والأرزاق ..
وحتى حين كنا ماما نزور البحر …كنا معا صامتتين نقول يا من مد البحر وعلا بموجه …يا من جعل قران الشط واليم ابدي ..يا من جعل لبطن البحر جواري منشآت ..اجعل لصونيا خلفا يمد عمرها ذكرا ولا تكون نسيا منسيا .
ماما ..قلت لي يوما :
العارفون عرفوه فاقة فاستلذوا قربه وتمنوا زوال كل النعم ليبقوا معلقين ببابه أنسا وحبا ومشاهدة .
روحك المؤمنة التقية تسامرني ..ما المرء إن لم يكن فكرة ..وخطرة ..وسلوك يقتدى به ؟؟
***
يتكرر ذات المشهد …تبيت صونيا مع والدتها في المشفى ..وهي على ذات الحال منذ سنوات ثلاث . ..
تنتظر صونيا
وترى حريتها في انتظار ان تستفيق الأم من غيبوبتها …
أحداث كثيرة سترويها لها ..فيها شيء من الأساطير
المجنون ماما كان ابن سميرة رحمه الله .
ودعاءك أن لا أزيد خلفا ..كان وحدتي التي أعيشها قسرا وقهرا وجورا .
فمنصف صار في نظام غير منصف مدانا بتهمة الانتظار ,,لأنه مثلي رأى الانتظار حرية فسجنوه .
وجواد في عامه الثاني ..
مثلي ينتظر أختا
ومثلك تنتظرين حفيدة
ومثل الفأل نتظر الحرية .
ومثلنا جميعا ينتظرنا الزمن ليفرغنا من حمولتنا ويستقبل المنتظرين الجدد..ولكننا ندير ظهرنا فالزمن المنسي الوحيد في قاطراتنا .
ما الحياة ؟
إنها فن الانتظار