يقول الله - تعالى - في سورة النساء: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}
من أجمل ما قرأت فيها:
* يقول الحقّ جلّ جلاله : للأزواج : {وآتوا النساء} التي تزوجتموهن {صدقَاتهن نحلة} أي : عطية مُبتلة ، لا مطل فيها ولا ظلم ، {فإن طِبن لكم عن شيءٍ} من الصداق : وأعطينه لكم عن طيب أنفسهن {فكلوه هنيئًا} لاتبعة عليكم فيه ، {مريئًا} : سائغًا حلالاً لا شبهة فيه ، رُوي أن ناسًا كانوا يتحرّجون أن يقبل أحدهم من زوجته شيئًا ، فنزلت. ا.هـ (البحر المديد).
*قال ابن عباس وقتادة وابن زيد وابن جريج: "أمرهم الله تعالى بأن يتبرعوا بإعطاء المهور نحلة منهم لأزواجهم". وقيل : الخطاب للأولياء ؛ قاله أبو صالح. وكان الولي يأخذ مهر المرأة ولا يعطيها شيئا ، فنهوا عن ذلك وأمروا أن يدفعوا ذلك إليهن..
وقوله تعالى : { نِحْلَةً } النِّحلة والنُّحلة ، بكسر النون وضمها لغتان. وأصلها من العطاء ؛ نحلت فلانا شيئا أعطيته. فالصداق عطية من الله تعالى للمرأة. وقيل : "نحلة" أي عن طيب نفس من الأزواج من غير تنازع. وقال قتادة : معنى "نحلة" فريضة واجبة.
قوله تعالى : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً } مخاطبة للأزواج ، ويدل بعمومه على أن هبة المرأة صداقها لزوجها بكرا كانت أو ثيبا جائزة ؛ وبه قال جمهور الفقهاء, خلافًا لمالك.
دخل رجل على علقمة وهو يأكل شيئا وهبته امرأته من مهرها فقال له : كل من الهنيء المريء. وقيل : الهنيء الطيب المساغ الذي لا ينغصه شيء ، والمريء المحمود العاقبة ، التام الهضم الذي لا يضر ولا يؤذي.
يقول : لا تخافون في الدنيا به مطالبة ، ولا في الآخرة تبعة.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : "إذا اشتكى أحدكم شيئا فليسأل امرأته درهما من صداقها ثم ليشتر به عسلا فليشربه بماء السماء ؛ فيجمع الله عز وجل له الهنيء والمريء والماء المبارك". والله أعلم.
ا.هــ (الجامع لأحكام القرآن).