المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمجد الفلسطيني
بارك الله فيكم
الذي يظهر أن أول من نقل تجهيل ابن حزم للترمذي هو ابن القطان
ويبعد أن يكون ابن القطان _المتأثر بابن حزم_ لم يطلع على كتاب الإيصال
ثم إن الأصل تصديق العلماء وعدم تكذيبهم
ومن ادعى عكس ذلك طولب بالدليل الناقل
وكذا الأصلُ تثبت الأئمة النقاد الأثبات في نقلهم وعدم وهمهم
ومن ادعى عكس ذلك طولب بالدليل الناقل
وأيضا عبارة ابن القطان تؤيد ذلك فإنه حدد موضع الكلام من ذلك الكتاب الكبير فقال:
"في كتاب الفرائض من "الإيصال" إثر حديثٍ أورده إنه مجهول".
ثم يتأيد ذلك بمتابعة كبار المحققين له كالذهبي وابن حجر
فالأظهر أن تجهيل ابن حزم للترمذي ثابت
ولا عبرة بفرض الاحتملات بعد ذلك
ولا يقال لعله أخطأ
لعله زاغ بصره وما أشبه هذه العبارات والاحتمالات
فلو سلكنا هذا المسلك لشككنا في أغلب نقول أهل العلم
وبما أن الإيصال لم يصلنا كاملا
ولم يطلع أحد على ذلك الموضع لينفي ما أثبته ابن القطان الذي اطلع
فلتُجعل أرأيت ولعل في اليمن أليس كذلك!!!
وعليه فالأقرب أن يقال قد تسرع ابن حزم في تجهيل أبي عيسى الترمذي ثم تراجع عنه بعدُ _إن ثبتت سلامة النص المنقول في الرسالة الباهرة_ فإن في النفس منه شيء.
أما مسألة اطلاع ابن حزم على جامع الترمذي من عدمه فمحتملة وقد بحثت هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=2708
وأزيد :
أنا إذا قلنا أن ابن حزم لم يطلع على كتاب الترمذي لم يكن ذلك مسوغا للحكم عليه بالجهالة
لأنه قد وجد _قطعا_ شيخه أبا عمر ابن عبد البر نقل عنه في كتبه أصنافا من علوم الحديث
ووجد شيخه ابن الفرضي قد ذكر الترمذي في كتبه ونبه على قدره
مما ينبغي التنبيه عليه أن الحافظ ابن حزم على سعة اطلاعه وعلمه كان كثير الوهم والغلط في الحكم على الأحاديث والرواة كما قال أهل الفن (الذهبي وابن عبد الهادي والزيلعي وابن حجر وغيرهم)
وهذا ظاهر في مصنفاته
ومن أثقلها وزنا تجهيله للإمام أبي القاسم البغوي صاحب المصنفات وأبي العباس الأصم راوية كتب الشافعي وغيرهم
والسبب في ذلك ما ذكره الحفظ ابن حجر من قاعدة ابن حزم حيث قال في اللسان في ترجمة الإمام الصفار الذي قال عنه ابن حزم مجهول:
"ولم يعرفه بن حزم فقال في المحلي أنه مجهول وهذا هو رمز بن حزم يلزم منه أن لا يقبل قوله في تجهيل من لم يطلع هو على حقيقة أمره ومن عادة الأئمة أن يعبروا في مثل هذا بقولهم لا نعرفه أولا نعرف حاله وأما الحكم عليه بالجهالة بغير زائد لا يقع إلا من مطلع عليه أو مجازف".
وابن حزم الأندلسي رغم جلالته وفضله وعلمه وحفظه وسعةِ إدراكه؛ إلا أنّه كثير الوهم والغلط في الرواة، ولذلك رد بعض الأحاديث الصحيحة، وحكم بالوضع على بعض الأحاديث في الصحيحين، وله رسالة ذكر فيها حديثين، وجعلهما موضوعَين، وحكم عليهما بالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهما في الصحيحين .
وقد نص الأئمة على وهم ابن حزم وغلطه في هذا الباب, كما نص عليه ابن عبد الهادي في كتابة " طبقات علماء الحديث " .
وكذلك قد نص عليه الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابة " التهذيب " وكذلك في " اللسان " وكذلك في " الفتح ".
.....
ومن قاعدة ابن حزم الأندلسي- رحمه الله-: أن من لم يعرفه بداهة يحكم عليه بالجهالة، وقد حكم على رواةٍ كُثُرٍ، وقد تتبّعها بعض الأئمة في مصنّف, وهو الحافظ قطب الدين الحلبي ثم المصري من ( المحلى )، ولا أعلم أهو مطبوع أم لا ؟
ومن نظر في كتاب " المحلّى " ونظر إلى من حكم عليه بالجهالة من الرواة المعروفين عرف ذلك، بل حتى من الصحابة، فقد حكم على يعلى بن مرّه أنه مجهول، وهو صحابي معروف.
ولذلك قال الزيلعي رحمه الله- حينما علّق على أوهام بن حزم في ردّه للأحاديث الصحيحة الصريحة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وحكمه على أحاديث بأنها معلولة وهي ظاهرة الصحة- قال الزيلعي:( ولابن حزم من ذلك مواضع كثيرة جداً من الوهم والغلط في أسماء الرواة ) .
يقول ابن القيم في كتابه "الفروسية" : (تصحيحه للأحاديث المعلولة، وإنكاره لتعليلها نظير إنكاره للمعاني والمناسبات، والأقيسة التي يستوي فيها الأصل والفرع من كل وجه، والرجل يصحح ما أجمع أهل الحديث على ضعفه, وهذا بين في كتبه لمن تأمله) .
وقول ابن القيم هذا ظاهر جلي لكل منصف، عرف كتب ابن حزم.
والله يغفر للجميع ويرحم