أَقْبِلْ ؛ فإِنَّكَّ للأَمانِ طَريقُ
يَنْهَلُّ منْهُ على الأَنامِ شُروقُ

ويُطِلُّ منكَ النورُ نهرا جاريا
بسنا الهدى ، والأفْقُ ليس يضيقُ

ولديكَ نصرٌ لا يزالُ لواؤه
يعلو على الأيامِ ، وهْي خُفوق

يا غارَ ثورٍ ، والتذكرُ لا يَعي
فحْواهُ إلا الحبُّ والتصديقُ

وحقيقة الإيمان تُشْقي من سَرى
متجبرا ؛ ومن احتواه فُسوقُ

قد أمَّك المختارُ حين تآمرتْ
زُمَرٌ تولى نهجَها التلفيق ُ

وتزعَّمَ الشيطانُ ما اجتمعوا له
والغدرُ تحت ضُلوعِهِمْ مَمْشوقُ

سلُّوه حين تجَسَّدَتْ أحقادُهم
وهْما ، كأن بناءَه الزَّاووقُ

وسَرَوْا ؛ تكادُ خطاهمُ تَئِدُ الدجى
ويشبُّ من غيظ القلوب حريقُ

حدَجوا الفراشَ وطوَّقوه ؛ كأنهم
ظفِروا ، فهَلْ أجداهُمُُ التطويقُ ؟

من بينهم خرج الحبيبُ ؛ تحفُّهُ
عينُ الرعايةِ ، ما حداهُ مروقُ

وأقيم من " ياسين " سد خلفَهمْ
وأمامَهمْ ، فالكل ثَمَّ غريقُ

أعماهُمُ ذرُّ الترابِ فما وَعَوْا
شيئا ، ولا أعطاهُمُ التحديقُ

وإذا "عليٌّ "مَن رأوا ؛ فعراهم
غضبٌ تفورُ على لظاه عروقُ

ومَضى بهِمْ بين الشِّعابِ تَغَيُّظٌ
حامي الزفيرِ ، مزمجرٌ ، مدفوقُ

يَشْوِى القلوبَ تميُّزا ، ويَشُقُّها
بمرارةٍ خطْوَ العنادِ تَسُوقُ

أعمى بصائِرَهُمْ ، وأبْطَلَ ظنَّهُمْ
"أنَّ المبيتَ بهِ مُحالٌ " : مُوق ُ

فرَأوْا نسيجَ العنكبوتِ أتتْ بهِ
منْ قبلِ ميلادِ الأمينِ شقُوقُ

وتوهَّموا بيضَ الحمامةِ موشكا
أن يخرجَ الأفراخَ منه فُلوقُ

من لدغة الثعبانِ مست دمعةٌ
خدَّ النبي ، وليسَ ثم شهيقُ

وكأنما الثعبانُ قالَ له : "انتبهْ
لستَ الذي تحميهِ يا صِدِّيقُ"

إن الذي يحْمِيهِ ربٌّ حافظٌ
مهما تمادَى في أذاهُ صَفيقُ

لا تحزنَنْ ؛ إن السكينة أُنْزِلَتْ
وجنودُ ربِّكَ لا تراها المُوقُ

والأمنُ تنشُرُهُ العنايةُ رَحمَةً
يَشْقَى بها من عَشَّ فيه الضِّيقُ

أسرارُ حفظِ اللهِ خيرَ عبادِهِ
لا الحبرُ يدركُها ، ولا المِنْطِيقُ

يا أيُّها الغارُ الطهورُ ، تحيَّةً
يَسعَى بها قلبٌ إليكَ مَشُوقُ

ويعاينُ الذكرَى ؛ يهلُّ ضياؤُها
فإذا الحياةُ تجدُّدٌ منْسوقُ

هلْ أبصرَ الكفارُ في الغارِ الهُدَى
يَحميهِ عهدٌ بالكريمِ وَثيقُ؟

وهلِ اجْتَنَوْا غيرَ الخَسارِ إذِ ارْتَضَوْا
أن البديلَ- لكيْ يفوزا- النوقُ؟

ساخ الأغيبرُ يا سراقةُ ، فاقتلع
ماكان حُلمُكَ في رؤاك يريقُ

وأَفِقْ ، فإن سوارَ كسْرَى ناظر
يوما يناجيه الغدُ المطروقُ

أخبر عتاةَ المشركين بأن ما
لاقيته كلَّ الظنونِ يفوقَ

ياغارَ ثورٍ، ما يقول الشعر في
ذكرى بها الأفُقُ الفسيح يضيقُ؟

وتغيبُ عنها أمةٌ : أبناؤها
تعْوِي رعودٌ حولَهم وبروقُ

بِتْنَا نُصانِعُ كل باغٍ مجرمٍ
ويعيثُ في أوْطانِنا الزنديقُ

ونهادِنُ الخبْثَ المزنَّرَ بالوغَى
ونخادِنُ الأوهامِ وهْيَ عُقوقُ

ويذيقنا الطغيان طعمَ هوانِنا
ويدوسُ كلَّ كرامةٍ ويريقُ

حتى كأنْ لسنا الأُلى ملَكُوا الدُّنا
بالعدلِ يُحنو ظلُّه المرموقُ

فمتى تعودُ إلى الصدارةِ أمَّتى ؟
ومتى على نورِ الإلهِ نُفيقُ

ويظَلُّ فينا من مَعِيَّةِ ربِّنا
ألقٌ به معنى الحياةِ يَروقُ؟

محب الفصحى :
حسان محمد الشناوي