الحمد لله وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله أما بعد:
فأزف لكم البشرى بوصول الإصدار الجديد لـ «شرح العقيدة التدمرية» للشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله ورعاه، وهذا الشرح يعد من أفضل شروح الكتاب إن لم يكن أفضلها، وقد لقي الكتاب قبولا حسنا في إصداره الأول بعناية الشيخ الدكتور سليمان الغصن حفظه الله، وانتفع به خلق من طلاب العلم.
وقد وقع في الكتاب ملحوظات في الإخراج، والتحقيق، وكان الشرح ـ أيضاً ـ في مواضع منه بحاجة إلى زيادةِ بيانٍ، وشرح، وتوضيح.
لذا رأى الشيخ ـ حفظه الله ـ أن يُعاد إخراجه، وعَهِد إليَّ أن أعتني به، ثم أقرأه عليه.
وهذه قطعة من مقدمة الطبعة الجديدة تبين المنهج الجديد الذي سلكته في الإخراج:
1- اتخذتُ النسخة المطبوعة من الشرح أصلاً.
2- صححتُ ما وقفت عليه فيها من أخطاء: طباعية، وإملائية، ونحوية.
3- قابلتُ متن «التدمرية» في الشرح على الطبعة التي حققها الشيخ الدكتور محمد السعوي ـ حفظه الله ـ، وصححتُ ما وجدت من أخطاء.
وهناك عدة مواضع كان ما أُثْبِتَ في متن «التدمرية» المفرد؛ خلاف الصواب، فأثبتُّ هنا ما رجحه الشارح بين معكوفين []، وأشرت في الهامش إلى المرجوح.
4- جعلتُ توثيق المعلومات حسب ورودها في الشرح لا في المتن، إلا ما ورد في المتن ولم يذكر في الشرح؛ فإني أخرجه وأوثقه عند وروده في المتن.
5- اعتنيتُ بربط إحالات الشارح في الكتاب كقوله: «سيأتي» و«تقدم»، وهي كثيرة، وغيرها ممَّا لم يشر إليه، ولم أترك من ذلك إلا الإحالات القريبة.
6- ربطتُ مسائل الكتاب العلمية بكتب الفنون، فمسائل «التفسير» بكتب «التفسير»، وهكذا مسائل «أصوله الفقه»، و«المنطق»، و«النحو»، و«البلاغة»، و«اللغة»، وغيرها.
7- وثقتُ جميع النقول التي في الكتاب ممَّا ورد بنصه أو معناه؛ بل حتى ما أشير إليه إشارة، أو ورد عرضاً وهو موافق لنص؛ وثقته.
ولن أذكر اسم المؤلف في الحاشية؛ لأنه مذكور في قائمة المراجع، إلا إذا كان اسم الكتاب متكرراً لأكثر من عالم.
8- ترجمتُ للأعلام الذين ذكروا في الكتاب، ولم أترك إلا المشاهير جدًا؛ الذي يغلب على ظني أن أكثر القراء على دراية بتراجمهم.
9- كتبتُ جملة من التعليقات؛ كدليل لقول، أوتعريف بمصطلح، أو تتمة تعريف، أو تقسيم، أو نسبة قول لقائله، أو بيان معنى غريب، ونحوها من الفوائد.
10- ضبطتُ بالحركات الكلمات التي قد تُشْكِل، وأخرى غيرها، واعتنيت كثيراً بعلامات الترقيم، وتقسيم فقرات الكتاب؛ لأنها تساعد على الفهم، مع ما فيها من إضافةِ جمالٍ للنص يشرح الصدر لقراءته.
11- كتابة الآيات برسم المصحف، على رواية حفص عن عاصم، وعزوها إلى مواضعها من كتاب الله، وما يرد في المتن لا أعيد عزوه في الشرح مرة أخرى، طلباً للاختصار.
12- خرجتُ جميع الأحاديث، والآثار، والطريقة في التخريج ما يلي:
(أ) إذا كان الحديث في الصحيحين، أو أحدهما اقتصرت في العزو عليه، وأكتفي بموضع واحد.
(ب) إذا كان الحديث في غير الصحيحين أخرجه من أشهر المصادر وأهمها من غير استيعاب، وأنقل أهم ما أجده من كلام أهل العلم عليه تصحيحاً أو تضعيفاً، أو وجود شواهد، وأختصر في ذلك قدر الإمكان؛ إذ ليس هذا موضع استقصاء، وقد أحيل للكتب المتخصصة في التخريج والعلل لمن أراد التوسع.
(ج) أنبه في أثناء ذلك على ما روي منها بالمعنى.
13- ربطتُ كثيراً من مباحث الشرح بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وكان الدكتور سليمان الغصن قد أحسن في هذا، فأفدت من عمله، وزدت عليه زيادات كثيرة جداً، والعزو إن كان لكتاب ضمن «مجموع الفتاوى» فسيكون باسمِهِ، ولمعرفة موضعه؛ تراجع قائمة المراجع في آخر هذا الكتاب.
14- قرأتُ الشرح كاملاً على الشيخ ـ حفظه الله ـ فصحح مواضع كانت غلطاً، وعدَّل عباراتٍ كثيرة جداً، وحذف أخرى، وقدَّم وأخَّر، وجمع بعض المقاطع من المتن كانت مفرقة، وأضاف إضافات مفيدة تزيد على عشرين موضعاً بلغ بعضها نحو عشرة أسطر.
كما أضاف مقدمة طويلة أثنى فيها على «العقيدة التدمرية»، ثم لخص مقاصدها، بعرض موجز يعطي تصوراً واضحاً لعامة مباحثها، ثم ختم المقدمة بذكر أهم القضايا التي تضمنتها «العقيدة التدمرية».
وأضاف ـ أيضاً ـ عناوين للتوضيح في بداية جملة من المقاطع، وستُجعل في إطارات.
وكنت أقترح على الشيخ زيادة إيضاح في بعض المواضع؛ فكان أحياناً يقول: «دعها للمدرس»، وكلامه ـ حفظه الله ـ هذا من جنس قول الإمام الخليل بن أحمد: «من الأبواب ما لو شئنا أن نشرحه حتى يستوي فيه القوي، والضعيف؛ لفعلنا، ولكن يجب أن يكون للعالِمِ مزية بعدنا» (1).
15- وضعتُ بين يدي الكتاب ترجمة مختصرة للشارح، وأما ابن تيمية؛ فترجمته ميسورة في مواضع كثيرة؛ مفردة، وضمن كتب الترجم، وفي مقدمات جملة من كتبه.
16- صنعتُ للكتاب عدة فهارس: للآيات، والأحاديث، والآثار، والأشعار، والأعلام المترجمين، وقائمة بالمراجع التي عزوت لها، وفهرساً شاملاً لمسائل الكتاب وفوائده، وفهرساً إجمالياً لموضوعاته.
هذا، وقد بذلت وسعي ليخرج الكتاب في أحسن صورة، وأبهى حلة، وأسأل الله أن أكون قد وفقت لذلك، وأن يكتب له القبول، كما أسأله تعالى أن يجزي أخي الدكتور سليمان الغصن خيراً على ما بذله من جهد في إخراج الكتابِ أولاً، وهذا العملُ إتمام لعمله:
كما أسأله عز وجل أن يجزي الشيخ عبد الرحمن البراك خير الجزاء على بذله العلم، ونشره لطلابه، وتقريبه للأمة، وأساله تعالى أن يمدَّ في عمره على طاعته، وأن ينفع بعلمه المسلمين، وأن يجعل عملي خالصاً لوجهه؛ إنه تعالى جواد كريم.
*******والكتاب صادر عن دار التدمرية، وهو في 719 صفحة،
وتجليده فاخر،
وورقه شامواه،
والكتاب ملون.
وسعره : 25 ريالا.
وسيكون في المكتبة التدمرية هذه الليلة إن شاء الله.
___________________
(1) «شرح المفصل» 1/2.
(2) «ألفية ابن مالك» ص9.