شاءول/بولس مؤسس المسيحية
1. العائلة:
وُلدَ مولودٌ من أبوين يهوديين أصلهما من الجليل.فاثبت ذلك فَقَالَ عن نفسه:« 39أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ »(أع 21 :39)، من قبيلة بنيامين «1أَنَا أَيْضًا إِسْرَائِيلِيٌّ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ» (رو 11 :1 )،( غل 3 :5)
2. المدينة التي وُلد فيها:
فهو وُلد في طرسوس (23) في آسيا الصغرى (تركيا القديمة) ويقول: «3أَنَا ... وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ. » (أع 22 :3). وطرسوس في كيليكية. مدينة معروفة، فقال: «39أَنَا رَجُلٌ ... طَرْسُوسِيٌّ، مِنْ أَهْلِ مَدِينَةٍ غَيْرِ دَنِيَّةٍ مِنْ كِيلِيكِيَّةَ». (أع 21 :39).
3. زمن المولد :
مسقط رأسه لا خلاف عليهفهوالقَائل: «3...وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ كِيلِيكِيَّةَ » (أع 22 :3 )، أما زمن مولده، ففيه خلاف:
3. 1. وتحقيق ذلك كالتالي:
أنه في مقتل استفانوس كان بعد شابًّا، كما ورد في الإصحاح السابع من سفر أعمال الرسل: «59فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ:«أَيّ هَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي». «60ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَارَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ». ثم يكمل في نفس السفر، الإصحاح الثامن بقوله: « 1وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ. » (أع 8 :1) أي كان ذلك في سنة 33-34 بعد الميلاد أو 35-36، أي كان شابًّا (حوالي 30 سنة).
ثم في سنة 62-63 يسمّي نفسه شيخًا: « 9إِذْ أَنَا إِنْسَانٌ هكَذَا نَظِيرُ بُولُسَ الشَّيْخِ» (فلم: 9).
فمعنى ذلك أنه وُلد في أولى سنوات الزمن المسيحيّ.
3. 2. ولهذا أختلف في سنة مولده، على رأيين:
3. 2. 1. الأول منهما: قيل إنه وُلدَ في العام الـرابع الميلادي: أي ولد في مدينة طرسوسبتركيا القديمة في عام 4م.فيكون مولده في الـ 4م، ومماته في العام الـ 64م.
3. 2. 2. أما القول الثاني فنحو السنة العاشرة للميلاد، فيكون مولده في العام الـ 10م، ومماته (24) في العام الـ 67م.
4. أب وأم المولود:
هذا الرجل كان يهودي الأب والأم. فكان والداه عبرانيّين: « 5عِبْرَانِيٌّ مِنَ الْعِبْرَانِيِّ ينَ. » (فل 3: 5) أي من اليهود الذين يتكلّمون الأراميّة، ومن الفريسيّين فوصف نفسه قائلاً: « 6أَنَا فَرِّيسِيٌّ ابْنُ فَرِّيسِيٍّ.» (أع 23 :6 )، وذكر أيضا:« 5مِنْ جِهَةِ النَّامُوسِ فَرِّيسِيٌّ. » (فل 3 :5 ).
4. 1. وهو يصف هؤلاء الفريسيين بقوله: «5ويَعْرِفونَ، منْ زَمَنٍ بَعيدٍ - لو شاءُوا أَنْ يَشْهَدوا - أَنّي قد عِشْتُ على أَضْيَقِ مَذْهَبٍ في دِينِنا... فَرِّيسيًّا» (أعمال الرسل 26: 5)
4. 2. كان والده مواطنًا طرسوسيًّا: فيصف نفسه بقوله:«39أَنَا رَجُلٌ ... طَرْسُوسِيٌّ» (أع 21 :39) ومواطنًا رومانيًّا، وفق الرواية التي وردت في سفر أعمال الرسل:«25فَلَمَّا مَدُّوهُ لِلسِّيَاطِ، قَالَ بُولُسُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ الْوَاقِفِ: «أَيَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَجْلِدُوا إِنْسَانًا رُومَانِيًّا غَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْهِ؟» «26فَإِذْ سَمِعَ قَائِدُ الْمِئَةِ ذَهَبَ إِلَى الأَمِيرِ، وَأَخْبَرَهُ قَائِلاً: «انْظُرْ مَاذَا أَنْتَ مُزْمِعٌ أَنْ تَفْعَلَ! لأَنَّ هذَا الرَّجُلَ رُومَانِيٌّ». «27فَجَاءَ الأَمِيرُ وَقَالَ لَهُ: «قُلْ لِي: أَنْتَ رُومَانِيٌّ؟» فَقَالَ: «نَعَمْ». «28فَأَجَابَ الأَمِيرُ: «أَمَّا أَنَا فَبِمَبْلَغٍ كَبِيرٍ اقْتَنَيْتُ هذِهِ الرَّعَوِيَّةَ» . فَقَالَ بُولُسُ :«أَمَّا أَنَا فَقَدْ وُلِدْتُ فِيهَا». (أع 22:25 - 28).
هذا يعني أن والده كان رجلاً ميسورًا، بل نحسبه هو كذلك لما ورد من قوله: «8بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ» (فل 3 :8).
5. اسمه:
تسمّى باسم شاءول، أي سأله والداه وطلباه. في اليونانيّة: ساولوس. وتسمّى في الوقت نفسه باسم رومانيّ: بولس: « 9وَأَمَّا شَاوُلُ، الَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضًا». (أع 13 :9)
فيكون اسمه قبل الهداية وقبل أن يعتنق المسيحية: شاءول. وبعد أن درس على يد معلمه جملائيل دُعي فيما بعد بولس.
6. ختانه:
وكما جاء في الإنجيل: سفر اَلاَّوِيِّينَ، الإصحاح الأول:«1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: «2كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَرًا، تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً. «3وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ» (لا 12 :3)، فعلى شريعة موسى يختن الولد الذكر، لذلك خُتن شاءول في اليوم الثامن بعد ولادته «5مِنْ جِهَةِ الْخِتَانِ مَخْتُونٌ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ. » ( فل 3 :5 ).
7. ديانته:
وعلى الرغم من أنه رومانيالجنسية فإنه كان يهوديالديانة.يخبر عن نفسه بالقول في رسالته إلى أهل غلاطية، الإصحاح الأول: «13فَإِنَّكُمْ سَمِعْتُمْ بِسِيرَتِي قَبْلاً فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ ... «14وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي».
7. 1.اليهود عند بولس كما يخبر عنهم:
يصف اليهود بقوله: فقالَ أَغْريبا لبولُس: «1مَأْذونٌ لكَ أَنْ تُدافِعَ عن نَفْسِكحينَئذٍ بَسَطَ بولسُ يَدَهُ، وأَخَذَ يَحْتَجّ « 2إِنِّي أَحْسَبُ نَفْسي سَعيدًا، أَيُّها المَلِكُ أَغريبا، لأَنّي أَحْتَجُّ اليومَ أَمامَكَ عن كلِّ ما يَشْكوني بِهِ اليَهود؛ «3ولاسِيَّما وأَنْتَ خَبيرٌ بجميعِ ما لِلْيَهودِ من عاداتٍ ومُماحَكات». (أعمال الرسل 26)
ويصف نفسه في صغره فيقول: «4إِنَّ ما كانَتْ عليهِ سيرَتي مُنْذُ نُعومةِ أَظْفاري، في أُمَّتي وفي أُورَشَليمَ، لَمَعْروفٌ عندَ جَميعِ اليهود. «5ويَعْرِفونَ، منْ زَمَنٍ بَعيدٍ - لو شاءُوا أَنْ يَشْهَدوا - أَنّي قد عِشْتُ على أَضْيَقِ مَذْهَبٍ في دِينِنا... فَرِّيسيًّا» (أعمال الرسل 26).
8.تعليمه:
ومنذ حداثته تعلّم اليونانيّة، لغة التعامل اليوميّ في طرسوس. وقد درس اللغة العبرية في شبابه. وتعلّم أن يقرأ بها.
9.دراسته:
درس الفلسفة على يد أشهر معلميها في زمانه.
10.معلمه:
درس الفلسفة والفقة على العالم الشهير جملائيل (25) في اورشليم.
11.تربيته:
وتربّى على ممارسة شريعة موسى عليه السلام وفرائض الآباء ممارسة دقيقة. وحسب العادة اليهوديّة، وبسبب تربيته الفرّيسيّة، فليس من الأكيد أنّه ذهب إلى المدارس اليونانيّة العديدة في بلدته، أفسس التي كانت مركزًا هلينيًّا هامًّا. ولكن نقدر أن نفترض أنه ذهب إلى مثل هذه المدارس بسبب معرفته الواسعة للغة اليونانيّة وأفكارها ولأساليب الجدال.
فهو يورد بعض اسماء كتّاب اليونان مثل أراتوس: «28كَمَا قَالَ بَعْضُ شُعَرَائِكُمْ أَيْضًا لأَنَّنَا أَيْضًا ذُرِّيَّتُهُ» ( أع 17 :28)، ومثل مـيـنـانـدريس: «33لاَ تَضِلُّوا: «فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْـلاَقَ الْجَـيِّدَةَ» (1كور 15 :33)، ومثل أبـيـماناديس: «12قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ: «الْكِرِيتِيُّو نَ دَائِمًا كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ» (تي 1 :12) ولكن هذه الأقوال لا تبرهن على أنّ بولس قرأ مؤلّفات هؤلاء الكتّاب.
نجهل متى أرسِل بولس إلى أورشليم ليتعرّف إلى الكتاب المقدّس والتقليد وأساليب الرابينيّين بطريقة عميقة. ولكنه على كل الأحوال في تلك المدينة كان تلميذَ جملائيل: «3أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ ... وَلكِنْ رَبَيْتُ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ مُؤَدَّبًا عِنْدَ رِجْلَيْ جَمَلاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ. » (أع 22 :3)، وفي طبعة البشارة ورد النص كما يلي: « تربيته على يد الحاخام اليهودي غماليئل»، فيقول في سفر أعمال الرسل: « ... باللُّغةِ العِبْريَّةِ ... ». « 3إِنّي رجُلٌ يَهودِيٌّ، وُلِدْتُ في طَرْسوسَ بكيليكِيةَ، بَيْدَ أَنّي رَبيتُ في هذِهِ المَدينَةِ، وتأَدَّبْتُ بدِقَّةٍ لدى قدَمَيْ غَمالِئيلَ على ناموسِ آبائِنا؛ وكُنتُ غَيورًا للهِ كما أَنتمُ اليومَ جَميعُكُم» وبقيادته دخل في الأساليب التأويليّة لدى الرابينيّين وصار عضوًا في شيعة الفريسيّين: « 5مِنْ جِهَةِ النَّامُوسِ فَرِّيسِيٌّ» (فل 3 :5)، فاهتمّ بممارسة الشريعة وتقليد الآباء ممارسة دقيقة: «14وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي» (غل 1 :14)؛ « 3أَنَا ... رَبَيْتُ ... مُؤَدَّبًا عِنْدَ رِجْلَيْ غَمَالاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ» (أع 22 :3).
إذاً فهو تلقى علومه في القدس متتلمذاً على يد الحاخام الشهير جملائيل والذي يظهر من سرد الخبر إنه مكث مدة طويلة عند معلمه كي يتربى على ممارسة شريعة موسى ويمارس فرائض الأباء تلك الممارسة الدقيقة، وبتعلمه الفقه والفلسفة يكون قد حصل على قدر كاف من هذه العلوم، وبتمكنه من اللغة اليونانية والعبرية، يكون قادرا على قراءة وفهم المعتقدات والأفكار والآراء والمفاهيم السائِدة في تلك الحقبة التاريخية.
12.ثقافته:
تثقّف الولد في اللغة العبرانيّة كان يتكلّمها بولس بطلاقة: « 40وَقَفَ بُولُسُ عَلَى الدَّرَجِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّعْبِ، فَصَارَ سُكُوتٌ عَظِيمٌ. فَنَادَى بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّ ةِ» (أع 21 :40).
فهو كان شاباً نشأ في مجتمع بني إسرائيل عندما كان عيسى المسيح عليه السلام رسول الله إلى اليهود. وقد تعلم ناموس موسى عليه السلام عبدالله ورسوله، وأصبح مرتبطاً بحركة الأصوليين في أيامه، وفي ذلك الوقت كان يعرف باسم شاءول!?.
12. 1.لغاته و ثقافته:
كانت اليونانية هي لغة الثقافة في أنحاء الإمبراطورية الرومانية الشرقية هذا إلى جانب لغة البلاد الأصلية، ويجمع الباحثون النصارى أن بولس كان يجيد اليونانية المنتشرة بين أهل بلدة طرسوس إلى جانب معرفته بلغة قومه العبرية (لغة الناموس) فلقد كان يدرس التوراة باللغة العبرية في حين يذهب بعض الباحثين أنه في كتاباته ورسائله قد اقتبس من التوراة السبعينية والمكتوبة باللغة اليونانية وإن كان هذا غير أكيد فلعل هذا راجعا إلى اختلاف ترجمة بعض أقواله حسب المذاهب المسيحية المختلفة. وقد سهل له ذلك اطلاعه على كتب الفلسفة اليونانية القديمة والتي كانت لها أكبر الأثر في حياته المستقبلية وأفكاره كما سنرى (26).
13. حرفته:
وحسب التقليد اليهوديّ، تعلّم بولس مهنة هي صنع الخيام: « 1وَبَعْدَ هذَا مَضَى بُولُسُ مِنْ أَثِينَا وَجَاءَ إِلَى كُورِنْثُوسَ، «2فَوَجَدَ يَهُودِيًّا اسْمُهُ أَكِيلاَ، بُنْطِيَّ الْجِنْسِ، كَانَ قَدْ جَاءَ حَدِيثًا مِنْ إِيطَالِيَة، وَبِرِيسْكِلاَّ امْرَأَتَهُ، لأَنَّ كُلُودِيُوسَ كَانَ قَدْ أَمَرَ أَنْ يَمْضِيَ جَمِيعُ الْيَهُودِ مِنْ رُومِيَةَ، فَجَاءَ إِلَيْهِمَا. 3وَلِكَوْنِهِ مِنْ صِنَاعَتِهِمَا أَقَامَ عِنْدَهُمَا وَكَانَ يَعْمَلُ، لأَنَّهُمَا كَانَا فِي صِنَاعَتِهِمَا خِيَامِيَّيْنِ» (أع 18 :1 – 3). كان يقوم بجمع القماش أو بحياكته. وقد عُرفت كيليكية بالكيليكيات أي هذا القماش المنسوج من شعر الماعز. ومن هذا القماش كانوا يصنعون الخيام ومعاطف السفر.
14. مهنته:
انتقل إلى أورشليم ليدرس اللاهوت اليهودي، وصار معلماً لأصول الدين، وتفرغ لهذه المهنة في طرسوس (24-34م).
15. صفاته:
فشاءول يمتاز بأنه صاحب دراية في السياسة والابتكار(27). وبدراسة رسائل شاءول/بولس العديدة بالإضافة الى سفر أعمال الرسل يتبين لنا أنه قد تميز بثلاث مزايا عمن عاصره من الحواريين أو من جاءوا بعده من القديسين وعلماء النصارى:
كان نشيطا دائم الحركة لا يكل من كثرة الأسفار،
ذكي، فطن، بارع الحيلة، ذو فكر، متصرف يدبر الأمور بذكاء،
قوي التأثير على نفوس الناس وعلى أهوائهم، قادر على قلب دفة الحوار إلى ما يريد.وبذلك استطاع أن يكون محور الدعاة المسيحيين، واستطاع أيضا أن يفرض كل ما ارتآه على مريديه فيعتنقوه دينا ويتخذون قوله حجة دامغة.
وبهذه الصفات أيضا استطاع أن يحمل صديقه برنابا على أن يصدقه فيما رواه له عن رؤيته للمسيح، ومن ثم فقد احتل المرتبة الأولى بين تلاميذ المسيح الذين عاصروه وأخذوا تعاليمهم منه.
فبهذه الصفات القوية استطاع أن يحملهم على نسيان ماضيه الدموي مع اخوانهم النصارى (28) وأن يندمغوا في شخصه حتى يصير هو كل شيء فلا يستطيع أحد رد مقولته في الجماهير حتى صارت كلماته وأفكاره هي عماد المعتقدات ومراسي الفكر وبداية ونهاية المطاف (29).
الزواج عند بولس الرسول
16. الزواج :
تتلمذ على يد المعلم اليهودي غملائيل الكاهن الفريسي اليهودي .. وتروي بعض المصادر أن بولس :" أحب ابنة معلمه غملائيل وأراد الزواج منها ولكن غملائيل رفض أن يزوجه ابنته .. فلم يتزوج بولس بعد ذلك وحث تابعيه على عدم الزواج .. حتى ذبح بالسيف في روما . وفي هذا يقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل كورنثه : " إن من يزوج ابنته يأت عملا طيبا ، ولكن من لا يزوجها يأت ما هو خير … وإنه من الخير للرجل أن يظل أعزب ، إلا إن خاف الوقوع في الخطيئة … وإنني لأنصح للأيامى من الرجال والنساء أن يقتدوا بي فيظلوا على ما هم عليه، فإن لم يقو أحدهم على العفة فلا مندوحة له حينئذ عن الزواج ؛ فلأن يتزوج خير من أن يكون وقوداً لنار جهنم " . (الرسالة الأولى لبولس الرسول إلى أهل قورنثة، إصحاح 7، آية 38)
ويعلق ترتوليان على هذه الفقرة الأخيرة من رسالة بولس الرسول فيقول: " إن الأفضل من حالتين لا يلزم أن يكون خيرا في ذاته. فلأن يفقد الإنسان عينا واحدة أفضل من أن يفقد كلتا عينيه، ولكن فقد عين واحدة ليس من الخير في شيء، فكذلك الزواج: فهو لمن لم يقو على العفة أفضل من أن يحرق بنار جهنم؛ ولكن الخير أن يتقي الإنسان الأمرين معاً، فلا يتزوج ولا يعرض نفسه لعذاب النار. (30)
16 . 1 . زواج بولس :
يورد صاحب قصة الحضارة من أقوال بولس فقرة توحي ولكنها لا تثبت أنه قد تزوج :" ألَعَلَّنا { يقصد هو نفسه وبرنابا } ليس لنا سلطان ، نجول بأخت زوجة كباقي الرسل وإخوة الرب وصفا؟" ، ولكنه في فقرة آخرى يسمى نفسه عزباً وكان يشبه يسوع في تجرده من الشهوات الجسمية .!! " ولقد روع حين سمع بالشذوذ الجنسي بين الإناث والذكور . وسأل أهل كورنثه قائلا:" أولستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم ... فمجدوا الله في أجسادكم " ، وعنده أن بقاء البنات عذارى خير من الزواج ، ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا لأن التزوج أصلح من التحرق " ، وعليه يرى أن بولس يجيز الحب الجنسي ، ولكن لا يشجعه مطلقاً" (31)
هذا هو شاءول، الذي موطنه طَرْسُوسَ من مقاطعة كِيلِيكِيَّةَ الرومانية.
بعد هذا التجوال مع شخصية شاءول منذ مولده إلى شبابه، نصل إلى أنه أصبح:
17. رسول يسوع المسيح:
ثم يصف نفسه في رِسَالَتة إِلَى تِيطُسَ، الأصحَاحُ الأَوَّلُ: «1بُولُسُ، عَبْدُاللهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ».
أردنا من هذا الوصف الدقيق - لهذا اليهودي الطرسوسي الروماني الفريسي شاءول/بولس ـ منذ ولادته حتى شبابه رسم صورة واضحه عنه ليتسنى لنا بعد ذلك توضيح الدور المحوري والتغيير الجذري الذي قام به في إلباس السيد المسيح ثوبا جديدا، غير الثوب الذي بشر خالقه به أمه العذراء البتول في قوله سبحانه وتعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِين} {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِين}،{ق َالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُون}، {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيل}،{وَ رَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين}،{وَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُون}،{إِ نَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيم} [سورة آل عمران: الآيات 45 51] ثم بإيجاد مسيحية جديدة، ما أنزل الله بها من سلطان.
سنحاول ـ بعون الله تعالى وتوفيقه ـ إثبات ذلك في الفقرات القادمات، وبالدليل والبرهان، ولا نبغي إلا رضوان الله تعالى، ولا نخشى في الله لومة لائم. ونريد من هذا البحث - إذا أعاننا الله سبحانه وتعالى على إتمامه ـ التصفية والتربية، التصفية الخالصة مما يشوب العقيدة، والتربية الصحيحة على منهاج النبوة، خاصة والجيل الثاني والثالث من أبناء الجالية يحتاج حقاً، فضلا عن المسيحيين أنفسهم لمثل هذه الأبحاث لتظهر الحقيقة الكاملة {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد} [سورة ق: آية 37]
.....