تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الشخصيات المحورية في الديانة المسيحية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    11

    افتراضي الشخصيات المحورية في الديانة المسيحية

    بسم الله الواحد الأحد الفرد الصمد ؛ الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا مثيل له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وأصلي واسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن استن بسنته وسار على طريقته إلى يوم الدين ، والحمد لله على نعمة العقل والإدراك ثم الحمد لله على نعمة الهداية والتوفيق فالحمد لله على نعمة الإيمان والإسلام . أخي الكريم أختي العفيفة تصفحت الموقع فلم أجد بحثاً عن مؤسس المسيحية وقد نشرته في موقع آخر ، ولأني اعتمد على الموقع هذا كمرجع/ تجديد/ تحسين افكاري رأيت أن أضع ما توصلت إليه بين أيديكم للفائدة ؛ وارجو أن اكون أحسنت التصرف .

    مسيحية بولس


    التصفية والتربية:
    إن الأساس الذي بنيت عليه هذه الدراسة "التصفية": هو دعوتنا أن نعود للحق، وأن نخلِّص معتقدات البشرية مما تسرب لها من أخطاء وما قادها لإنحراف، ليحلَّ الوفاق محل الخلاف، والوئام محل الصراع. ونحن نعتقد أن العقيدة الصـحيحة معروفة لكثيرين من قادة "الأديان"، ولكن الاحتراف وحب الدنيا وزينتها يُزَيِّنان الباطل ويدفعان لتأييد الإنـحراف (1).

    ولهذه التصفية شقان:
    الشق الأول: متعلق بما يطلق عليه "الأديان" كاليهودية والمسيحية وغيرهما، والإنحراف الذي تم في العقيدة والعبادة عند معتنقي هذه الديانات!!.
    أما الشق الثاني: فمتعلق بعقول المسلمين وقلوبهم وما علق في عقيدتهم من أنواع الشرك والتقرب إلى الله بما لم يشرعه، وجحد الصفات الإلهية وتأويلها، والسلوكيات الخاطئة التي تمارس مع مخالفتها للهدي النبوي (2).
    وهذه "التصفية" وحدها لا تكفي، بل يجب أن يضاف إليها واجب آخر، ألا وهو "التربية"، فيجب تربية الجيل الناشئ ـ خاصة الجيل الثاني والثالث من أبناء الجالية في الغرب - على هذا الإسلام المصفى من أي شائبة - سواء في العقيدة الإسلامية أو الفقه الإسلامي ـ تربية إسلامية صحيحة منذ نعومة أظفاره، دون أي تأثر بالتربية الغربية.

    وعليه فليكن مسمانا لهذه السلسلة "التصفية والتربية".

    وإني لأرجو بواسطة هذه السلسلة أن أكون من المشاركين ـ مع ضعفي وقلة علمي ـ في القيام بهذين الواجبين: أعني "التصفية والتربية". فإذا كنا نعمل على استئناف الحياة الإسلامية في زمن الصحوة الإسلامية، فلابد اليوم من القيام بهذين الواجبين معاً.
    بذرة هذه الدراسة جاءت إثناء محاضرات "مادة التاريخ" بالأكاديمية (3) الإسلامية في فيينا، إلقاء أستاذ المادة المحاضر: الأستاذ أنس الشقفة (4)، لإعداد معلمي الدين الإسلامي، وقد قمت ـ وافتخر إني كنت من طلبة هذه الأكاديمية ـ إثناء سنوات دراستي ما بين العام 1999-2002 ميلادية - ببحث من شقين تحت إشرافه، الأول بعنوان "النبي موسى عليه السلام، والشق الثاني مدينة القدس الشريف"، وإثناء بحثي لجمع المادة العلمية لهذا البحث تجمعت نقاط عدة كانت تحتاج لإجابة مقبولة، وكان إثناء المحاضرات يتفضل مشكوراً بالإجابة عليها لسعة إطلاعه وفهمه الصحيح لأحداث التاريخ وتراجم الرجال الذين لعبوا دوراً مهماً، وربطه الواعي بين أجزاء التاريخ ومقولات الرجال وسيرتهم.
    وكان من هؤلاء الرجال " شاءول"ورسم لنا ـ نحن طلبة الأكاديمية ـ صورة موجزة عنه مشفعة بالأدلة من الكتاب المقدس. وإني لأعترف أن أستاذي ومعلمي البروفيسور أنس الشقفة ـ إثناء إلقاءه المحاضرات بالأكاديمية الإسلامية في فيينا - قد غرز في عقلي ووجداني، أُسس البحث العلمي النزية الخالي من أغراض التشهير أو التقليل من قيمة أحد، أو مهاجمة الأخرين وإن أختلفنا معا في العقيدة أو الرأي، كما ويجب إعتماد النصوص الصحيحة والمراجع الدقيقة، وأقوال العلماء. وفي المسائل المختلف عليها أو فيها نرجح غلبة الظن على ماتوصلنا إليه حسب قدرتنا دون جزم في المسألة طالما أختلف فيها من سبقنا، ونترك الباب مفتوحاً لمزيد من البحث والتدقيق للوصول إلى الحقيقة وإن أعيانا البحث وتنكبنا وعورة الطريق، وقصدنا من البحث الوصول إلى طمأنينة القلب وإقناع العقل وهدوء النفس لما توصلنا إليه من نتائج، ونترك البحث مفتوحاً لمن خالفنا فيما توصلنا إليه في بعض المسائل دون تعصب لرأينا ليظهر لنا ـ ونرحب بهذا بل نحث الباحث المخالف لنا عليه ـ صحة ما عنده وخطأ ما توصلنا إليه، ولكن يبقى لدينا أن رأينا صحيحاً وصواباً مادام لم تقم حجة تتحضه. وهي محاولة لفتح باب الحوار بصورة آخرى غير الحالية.
    وأظن أن هذه المحاولة (5) لفتح حوار هادئ بين عقلاء القوم ومثقفيهم ستأتي بثمرة طيبة الريح حلوة المذاق تروي العطشان، عطش الروح وبحثها عن الحقيقة الخالدة، وتشبع الجوعان، جوعة الجسد لما فيه راحة وإنسجام مع الكون، وتقنع عقل الإنسان، شجرة هذه الثمرة: جذورها ثابتة في أرض الخصب والنماء وفروعها تعانق السحاب: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء} [ سورة إبراهيم: آية24].

    الشخصية المحورية :
    طبيعة البحث تلزمنا التعرض بشكل كامل عن الشخصيات المحورية والتي وضعت خطوط أساسية لمسيحية اليوم، من هذه الشخصيات الهامة "شاءول"، وبعض الكُتَّاب (6) ترى أن:"أحوال حياة شاءول المبكرة في شبة ظلام، ... ففي الوقت المبكر من حياته ظل عدواً لدوداً للمسيح وتلاميذه، ... ثم انقلب مؤمناً به مع الإخلاص، ... فبدأ يكاتف الحواريين في التبشير بالمسيحية، حتى عد أكبر قائد للمسيحية". لذلك قمت بهذه الدراسة لأهمية دور شاءول/بولس، فهو المؤسس الحقيقي للديانة المسيحية، لذا رأينا أن نبدأ هذا البحث بترجمةٍ عنه، ثم نكمل بقية نقاط البحث في مسيحية اليوم.

    مدخل للموضوع :
    بعدما رُفعَ المسيح (7) عليه الصلاة والسلام، واشتد الإيذاء والتنكيل بأتباعه وحوارييه بوجه خاص؛ حيث قُتل يعقوب بن زبدي أخو يوحنا الصياد فكان أول من قتل من الحواريين، وسجن بطرس، وعذب سائر الأتباع، وحدثت فتنة عظيمة لتلاميذ المسيح عليه الصلاة والسلام حتى كادت النصرانية (8) أن تفنى.في ظل هذه الأجواء المضطربة أعلن شاءول الطرسوسي اليهودي الفريسي، صاحب الثقافات الواسعة بالمدارس الفلسفية والحضارات في عصره، وتلميذ أشهر علماء اليهود في زمانه جمالائيل، أعلن شاءول الذي كان يُذيق أتباع المسيح سوءَ العذاب، إيمانه بالمسيح بعد زعمه رؤيته عند عودته من دمشق، مؤنباً له على اضطهاده لأتباعه، آمراً له بنشر تعاليمه بين الأمم، فاستخف الطرب النصارى، في الوقت الذي لم يصدقه بعضهم، إلا أن برنابا (9) الحواري دافع عنه وقدمه إلى الحواريين فقبلوه، وبما يمتلكه من حدة ذكاء وقوة حيلة ووفرة نشاط استطاع أن يأخذ مكاناً مرموقاً بين الحواريين وتسمى بـ "بولس" (10).

    فمن هو شاءول؟
    شاءول هو يهودي روماني من الفريسيين، أحد طبقات اليهود العليا، لم ير عيسى عليه السلام، ولا سمعه يبشر الناس جاء ولعب دوراً قبل أن توشك نصرانية عيسى عليه السلام أن تدخل عالم النسيان، لما لحقها من إضطهاد وأذى، وشاءول ذاته كان أحد العناصر الناشطة في ملاحقة أتباع عيسى عليه السلام وتعذيبهم وزجهم في السجون، بل وموافقته على قتلهم بتأييد من رؤساء الكهنة اليهود.
    أول ما نذكره عن شاءول هو مقتطفات مما كتبه هو عن نفسه أو كتبها عنه تلميذه الطبيب الحبيب "لوقا"، ننسق بها تعريفا به، قال بولس:"أنا يهودي فريِسي ابن فريسى على رجاء قيامة الأموات"(أعمال الرسل 23 :6.)
    فشاءول ـ الذي سمى فيما بعد بولس - هو في الحقيقة مؤسس المسيحية، ونص عبارة Wells :" أن يسوع الناصري هو نواة المسيحية أكثر منه مؤسساً" (11).
    فمسيحية اليوم، مسيحية الكنائس، الذي انشئها ووضع أسسها ومدِّون قوانينها هو شاءول الذي سُمِّيَ فيما بعد بولس.
    يقول عنهBerry :"إنه هو في الحقيقة مؤسس المسيحية"، ويقول عنه Wells :" إن كثيراً من الثقات العصريين يعدونه المؤسس الحقيقي للمسيحية" (12).
    وستكون ترجمتنا لبولس مأخوذة من رسائله المعتمدة لدى الكنائس. فالكلام عن مؤسس هذه الديانه:"بولس الرسول"، الرجل الذي له ابتكارات في المسيحية، وله نقاط ابتدعها مثل:
    1.)أن المسيحية ليست ديناً لبني إسرائيل فقط، بل هي دين عالمي (13
    2.) أوجد صورة جديدة اقترحها للسيد المسيح عيسى عليه السلام (14) والذي رسم للمسيح هذه الصورة هو بولس الذي سنتكلم عنه فيما بعد، وهي صورة قلبت الفكر الذي ينسب للمسيح، فالأب بولس إلياس في كتابه " يسوع المسيح " ص 17-18 وهو رائد مسيحي وقس متبحر يصدقُ القول عندما يقول :" إن المسيح الذي نتكلم عنه الآن هو "مسيح بولس". وفيما يلي عبارة الأب بولس إلياس :" لقد ترك لنا بولس الرسول عن المسيح رسما واضح القسمات وإن اختلف ظاهرا عن رسم مسيح الأناجيل، فمسيح بولس هو مسيح الإيمان أكثر منه مسيح التاريخ.ولا عجب فــبولس الفيلسوف واللاهوتي لم ير المسيح في الجسد ولا رافقه كباقي الرسل، فمسيحه هو ابن الله ( روما 8 :3 و 23-غلاطية 4:4) له طبيعتان إلهية وإنسانية، تجسَّدواتخذ صورة عبد (فيلبى 2 :7) وتحدَّر من ذرية إبراهيم حسب الجسد ( غلاطية 3: 15 ) ومات مصلوبا وقُبِر وقام من بين الأموات ( كورنثوس الأولى 1 : 24، 27, وفليبى 15 ) (15).
    نعم ذلك هو مسيح بولس وليس عيسى ابن مريم عليه السلام.(16)
    3.)مسألة التثليث، ويتبع ذلك ألوهية المسيح، وألوهية الروح القدس،وكوْن عيسى ابن الله ونزوله ليضحي بنفسة تكفيراً عن خطيئة البشر،
    4.) قيامة عيسى من الأموات وصعوده ليجلس على يمين أبيه كما كان من قبل ليحكم ويدين البشر،
    وإدخاله على "ديانته !" تعليمات أخرى تزيل الهُوَّة بين ديانات بني إسرائيل وأفكار الأمم المختلفة الذي فُتِحَ لهم باب المسيحية، وبخاصة الوثنيون الأوربيون واليونانيون، واقتبس الكثير من طقوسهم (17)، وأتباع ديانة "متراس" وغيرهم.

    ولم يقف دوره عند هذا الحد، فلم يكتف بأن يضع مبادئ المسيحية وشعائرها، بل قام بدور كبير في التشريع، فشرَّع قوانين للمسيحيين يتبعونها في حياتهم العامة، نجمل بعض النقاط منها:
    1.) أوصى بما نراه اليوم في الكنائس من: التسابيح، والأغاني الروحية، والمزامير، والتراتيل (18
    2.) عدم وجوب الختان (19)،
    3.) يجيز الزواج للأساقفة (20)،
    4.) يقرر بوضوح أن الرجل أفضل من المرأة، وأنها خلقت من أجله (21).
    فهو كان أحياناً ينسب آراءه إلى عيسى !! وكان أحياناً يعترف بأنه يشرِّع من عنده هو وبرأيه (22).
    ...

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    11

    افتراضي رد: الشخصيات المحورية في الديانة المسيحية

    شاءول/بولس مؤسس المسيحية


    1. العائلة:
    وُلدَ مولودٌ من أبوين يهوديين أصلهما من الجليل.فاثبت ذلك فَقَالَ عن نفسه:« 39أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ »(أع 21 :39)، من قبيلة بنيامين «1أَنَا أَيْضًا إِسْرَائِيلِيٌّ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ» (رو 11 :1 )،( غل 3 :5)

    2. المدينة التي وُلد فيها:
    فهو وُلد في طرسوس (23) في آسيا الصغرى (تركيا القديمة) ويقول: «3أَنَا ... وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ. » (أع 22 :3). وطرسوس في كيليكية. مدينة معروفة، فقال: «39أَنَا رَجُلٌ ... طَرْسُوسِيٌّ، مِنْ أَهْلِ مَدِينَةٍ غَيْرِ دَنِيَّةٍ مِنْ كِيلِيكِيَّةَ». (أع 21 :39).

    3. زمن المولد :
    مسقط رأسه لا خلاف عليهفهوالقَائل: «3...وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ كِيلِيكِيَّةَ » (أع 22 :3 )، أما زمن مولده، ففيه خلاف:
    3. 1. وتحقيق ذلك كالتالي:
    أنه في مقتل استفانوس كان بعد شابًّا، كما ورد في الإصحاح السابع من سفر أعمال الرسل: «59فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ:«أَيّ هَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي». «60ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَارَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ». ثم يكمل في نفس السفر، الإصحاح الثامن بقوله: « 1وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ. » (أع 8 :1) أي كان ذلك في سنة 33-34 بعد الميلاد أو 35-36، أي كان شابًّا (حوالي 30 سنة).
    ثم في سنة 62-63 يسمّي نفسه شيخًا: « 9إِذْ أَنَا إِنْسَانٌ هكَذَا نَظِيرُ بُولُسَ الشَّيْخِ» (فلم: 9).
    فمعنى ذلك أنه وُلد في أولى سنوات الزمن المسيحيّ.

    3. 2. ولهذا أختلف في سنة مولده، على رأيين:
    3. 2. 1. الأول منهما: قيل إنه وُلدَ في العام الـرابع الميلادي: أي ولد في مدينة طرسوسبتركيا القديمة في عام 4م.فيكون مولده في الـ 4م، ومماته في العام الـ 64م.
    3. 2. 2. أما القول الثاني فنحو السنة العاشرة للميلاد، فيكون مولده في العام الـ 10م، ومماته (24) في العام الـ 67م.

    4. أب وأم المولود:
    هذا الرجل كان يهودي الأب والأم. فكان والداه عبرانيّين: « 5عِبْرَانِيٌّ مِنَ الْعِبْرَانِيِّ ينَ. » (فل 3: 5) أي من اليهود الذين يتكلّمون الأراميّة، ومن الفريسيّين فوصف نفسه قائلاً: « 6أَنَا فَرِّيسِيٌّ ابْنُ فَرِّيسِيٍّ.» (أع 23 :6 )، وذكر أيضا:« 5مِنْ جِهَةِ النَّامُوسِ فَرِّيسِيٌّ. » (فل 3 :5 ).
    4. 1. وهو يصف هؤلاء الفريسيين بقوله: «5ويَعْرِفونَ، منْ زَمَنٍ بَعيدٍ - لو شاءُوا أَنْ يَشْهَدوا - أَنّي قد عِشْتُ على أَضْيَقِ مَذْهَبٍ في دِينِنا... فَرِّيسيًّا» (أعمال الرسل 26: 5)
    4. 2. كان والده مواطنًا طرسوسيًّا: فيصف نفسه بقوله:«39أَنَا رَجُلٌ ... طَرْسُوسِيٌّ» (أع 21 :39) ومواطنًا رومانيًّا، وفق الرواية التي وردت في سفر أعمال الرسل:«25فَلَمَّا مَدُّوهُ لِلسِّيَاطِ، قَالَ بُولُسُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ الْوَاقِفِ: «أَيَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَجْلِدُوا إِنْسَانًا رُومَانِيًّا غَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْهِ؟» «26فَإِذْ سَمِعَ قَائِدُ الْمِئَةِ ذَهَبَ إِلَى الأَمِيرِ، وَأَخْبَرَهُ قَائِلاً: «انْظُرْ مَاذَا أَنْتَ مُزْمِعٌ أَنْ تَفْعَلَ! لأَنَّ هذَا الرَّجُلَ رُومَانِيٌّ». «27فَجَاءَ الأَمِيرُ وَقَالَ لَهُ: «قُلْ لِي: أَنْتَ رُومَانِيٌّ؟» فَقَالَ: «نَعَمْ». «28فَأَجَابَ الأَمِيرُ: «أَمَّا أَنَا فَبِمَبْلَغٍ كَبِيرٍ اقْتَنَيْتُ هذِهِ الرَّعَوِيَّةَ» . فَقَالَ بُولُسُ :«أَمَّا أَنَا فَقَدْ وُلِدْتُ فِيهَا». (أع 22:25 - 28).
    هذا يعني أن والده كان رجلاً ميسورًا، بل نحسبه هو كذلك لما ورد من قوله: «8بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ» (فل 3 :8).

    5. اسمه:
    تسمّى باسم شاءول، أي سأله والداه وطلباه. في اليونانيّة: ساولوس. وتسمّى في الوقت نفسه باسم رومانيّ: بولس: « 9وَأَمَّا شَاوُلُ، الَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضًا». (أع 13 :9)
    فيكون اسمه قبل الهداية وقبل أن يعتنق المسيحية: شاءول. وبعد أن درس على يد معلمه جملائيل دُعي فيما بعد بولس.

    6. ختانه:
    وكما جاء في الإنجيل: سفر اَلاَّوِيِّينَ، الإصحاح الأول:«1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: «2كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَرًا، تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً. «3وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ» (لا 12 :3)، فعلى شريعة موسى يختن الولد الذكر، لذلك خُتن شاءول في اليوم الثامن بعد ولادته «5مِنْ جِهَةِ الْخِتَانِ مَخْتُونٌ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ. » ( فل 3 :5 ).

    7. ديانته:
    وعلى الرغم من أنه رومانيالجنسية فإنه كان يهوديالديانة.يخبر عن نفسه بالقول في رسالته إلى أهل غلاطية، الإصحاح الأول: «13فَإِنَّكُمْ سَمِعْتُمْ بِسِيرَتِي قَبْلاً فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ ... «14وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي».

    7. 1.اليهود عند بولس كما يخبر عنهم:
    يصف اليهود بقوله: فقالَ أَغْريبا لبولُس: «1مَأْذونٌ لكَ أَنْ تُدافِعَ عن نَفْسِكحينَئذٍ بَسَطَ بولسُ يَدَهُ، وأَخَذَ يَحْتَجّ « 2إِنِّي أَحْسَبُ نَفْسي سَعيدًا، أَيُّها المَلِكُ أَغريبا، لأَنّي أَحْتَجُّ اليومَ أَمامَكَ عن كلِّ ما يَشْكوني بِهِ اليَهود؛ «3ولاسِيَّما وأَنْتَ خَبيرٌ بجميعِ ما لِلْيَهودِ من عاداتٍ ومُماحَكات». (أعمال الرسل 26)
    ويصف نفسه في صغره فيقول: «4إِنَّ ما كانَتْ عليهِ سيرَتي مُنْذُ نُعومةِ أَظْفاري، في أُمَّتي وفي أُورَشَليمَ، لَمَعْروفٌ عندَ جَميعِ اليهود. «5ويَعْرِفونَ، منْ زَمَنٍ بَعيدٍ - لو شاءُوا أَنْ يَشْهَدوا - أَنّي قد عِشْتُ على أَضْيَقِ مَذْهَبٍ في دِينِنا... فَرِّيسيًّا» (أعمال الرسل 26).

    8.تعليمه:
    ومنذ حداثته تعلّم اليونانيّة، لغة التعامل اليوميّ في طرسوس. وقد درس اللغة العبرية في شبابه. وتعلّم أن يقرأ بها.

    9.دراسته:
    درس الفلسفة على يد أشهر معلميها في زمانه.

    10.معلمه:
    درس الفلسفة والفقة على العالم الشهير جملائيل (25) في اورشليم.

    11.تربيته:
    وتربّى على ممارسة شريعة موسى عليه السلام وفرائض الآباء ممارسة دقيقة. وحسب العادة اليهوديّة، وبسبب تربيته الفرّيسيّة، فليس من الأكيد أنّه ذهب إلى المدارس اليونانيّة العديدة في بلدته، أفسس التي كانت مركزًا هلينيًّا هامًّا. ولكن نقدر أن نفترض أنه ذهب إلى مثل هذه المدارس بسبب معرفته الواسعة للغة اليونانيّة وأفكارها ولأساليب الجدال.
    فهو يورد بعض اسماء كتّاب اليونان مثل أراتوس: «28كَمَا قَالَ بَعْضُ شُعَرَائِكُمْ أَيْضًا لأَنَّنَا أَيْضًا ذُرِّيَّتُهُ» ( أع 17 :28)، ومثل مـيـنـانـدريس: «33لاَ تَضِلُّوا: «فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْـلاَقَ الْجَـيِّدَةَ» (1كور 15 :33)، ومثل أبـيـماناديس: «12قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ: «الْكِرِيتِيُّو نَ دَائِمًا كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ» (تي 1 :12) ولكن هذه الأقوال لا تبرهن على أنّ بولس قرأ مؤلّفات هؤلاء الكتّاب.
    نجهل متى أرسِل بولس إلى أورشليم ليتعرّف إلى الكتاب المقدّس والتقليد وأساليب الرابينيّين بطريقة عميقة. ولكنه على كل الأحوال في تلك المدينة كان تلميذَ جملائيل: «3أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ ... وَلكِنْ رَبَيْتُ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ مُؤَدَّبًا عِنْدَ رِجْلَيْ جَمَلاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ. » (أع 22 :3)، وفي طبعة البشارة ورد النص كما يلي: « تربيته على يد الحاخام اليهودي غماليئل»، فيقول في سفر أعمال الرسل: « ... باللُّغةِ العِبْريَّةِ ... ». « 3إِنّي رجُلٌ يَهودِيٌّ، وُلِدْتُ في طَرْسوسَ بكيليكِيةَ، بَيْدَ أَنّي رَبيتُ في هذِهِ المَدينَةِ، وتأَدَّبْتُ بدِقَّةٍ لدى قدَمَيْ غَمالِئيلَ على ناموسِ آبائِنا؛ وكُنتُ غَيورًا للهِ كما أَنتمُ اليومَ جَميعُكُم» وبقيادته دخل في الأساليب التأويليّة لدى الرابينيّين وصار عضوًا في شيعة الفريسيّين: « 5مِنْ جِهَةِ النَّامُوسِ فَرِّيسِيٌّ» (فل 3 :5)، فاهتمّ بممارسة الشريعة وتقليد الآباء ممارسة دقيقة: «14وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي» (غل 1 :14)؛ « 3أَنَا ... رَبَيْتُ ... مُؤَدَّبًا عِنْدَ رِجْلَيْ غَمَالاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ» (أع 22 :3).
    إذاً فهو تلقى علومه في القدس متتلمذاً على يد الحاخام الشهير جملائيل والذي يظهر من سرد الخبر إنه مكث مدة طويلة عند معلمه كي يتربى على ممارسة شريعة موسى ويمارس فرائض الأباء تلك الممارسة الدقيقة، وبتعلمه الفقه والفلسفة يكون قد حصل على قدر كاف من هذه العلوم، وبتمكنه من اللغة اليونانية والعبرية، يكون قادرا على قراءة وفهم المعتقدات والأفكار والآراء والمفاهيم السائِدة في تلك الحقبة التاريخية.

    12.ثقافته:
    تثقّف الولد في اللغة العبرانيّة كان يتكلّمها بولس بطلاقة: « 40وَقَفَ بُولُسُ عَلَى الدَّرَجِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّعْبِ، فَصَارَ سُكُوتٌ عَظِيمٌ. فَنَادَى بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّ ةِ» (أع 21 :40).
    فهو كان شاباً نشأ في مجتمع بني إسرائيل عندما كان عيسى المسيح عليه السلام رسول الله إلى اليهود. وقد تعلم ناموس موسى عليه السلام عبدالله ورسوله، وأصبح مرتبطاً بحركة الأصوليين في أيامه، وفي ذلك الوقت كان يعرف باسم شاءول!?.

    12. 1.لغاته و ثقافته:
    كانت اليونانية هي لغة الثقافة في أنحاء الإمبراطورية الرومانية الشرقية هذا إلى جانب لغة البلاد الأصلية، ويجمع الباحثون النصارى أن بولس كان يجيد اليونانية المنتشرة بين أهل بلدة طرسوس إلى جانب معرفته بلغة قومه العبرية (لغة الناموس) فلقد كان يدرس التوراة باللغة العبرية في حين يذهب بعض الباحثين أنه في كتاباته ورسائله قد اقتبس من التوراة السبعينية والمكتوبة باللغة اليونانية وإن كان هذا غير أكيد فلعل هذا راجعا إلى اختلاف ترجمة بعض أقواله حسب المذاهب المسيحية المختلفة. وقد سهل له ذلك اطلاعه على كتب الفلسفة اليونانية القديمة والتي كانت لها أكبر الأثر في حياته المستقبلية وأفكاره كما سنرى (26).

    13. حرفته:
    وحسب التقليد اليهوديّ، تعلّم بولس مهنة هي صنع الخيام: « 1وَبَعْدَ هذَا مَضَى بُولُسُ مِنْ أَثِينَا وَجَاءَ إِلَى كُورِنْثُوسَ، «2فَوَجَدَ يَهُودِيًّا اسْمُهُ أَكِيلاَ، بُنْطِيَّ الْجِنْسِ، كَانَ قَدْ جَاءَ حَدِيثًا مِنْ إِيطَالِيَة، وَبِرِيسْكِلاَّ امْرَأَتَهُ، لأَنَّ كُلُودِيُوسَ كَانَ قَدْ أَمَرَ أَنْ يَمْضِيَ جَمِيعُ الْيَهُودِ مِنْ رُومِيَةَ، فَجَاءَ إِلَيْهِمَا. 3وَلِكَوْنِهِ مِنْ صِنَاعَتِهِمَا أَقَامَ عِنْدَهُمَا وَكَانَ يَعْمَلُ، لأَنَّهُمَا كَانَا فِي صِنَاعَتِهِمَا خِيَامِيَّيْنِ» (أع 18 :1 – 3). كان يقوم بجمع القماش أو بحياكته. وقد عُرفت كيليكية بالكيليكيات أي هذا القماش المنسوج من شعر الماعز. ومن هذا القماش كانوا يصنعون الخيام ومعاطف السفر.

    14. مهنته:
    انتقل إلى أورشليم ليدرس اللاهوت اليهودي، وصار معلماً لأصول الدين، وتفرغ لهذه المهنة في طرسوس (24-34م).

    15. صفاته:
    فشاءول يمتاز بأنه صاحب دراية في السياسة والابتكار(27). وبدراسة رسائل شاءول/بولس العديدة بالإضافة الى سفر أعمال الرسل يتبين لنا أنه قد تميز بثلاث مزايا عمن عاصره من الحواريين أو من جاءوا بعده من القديسين وعلماء النصارى:
    كان نشيطا دائم الحركة لا يكل من كثرة الأسفار،
    ذكي، فطن، بارع الحيلة، ذو فكر، متصرف يدبر الأمور بذكاء،
    قوي التأثير على نفوس الناس وعلى أهوائهم، قادر على قلب دفة الحوار إلى ما يريد.وبذلك استطاع أن يكون محور الدعاة المسيحيين، واستطاع أيضا أن يفرض كل ما ارتآه على مريديه فيعتنقوه دينا ويتخذون قوله حجة دامغة.
    وبهذه الصفات أيضا استطاع أن يحمل صديقه برنابا على أن يصدقه فيما رواه له عن رؤيته للمسيح، ومن ثم فقد احتل المرتبة الأولى بين تلاميذ المسيح الذين عاصروه وأخذوا تعاليمهم منه.
    فبهذه الصفات القوية استطاع أن يحملهم على نسيان ماضيه الدموي مع اخوانهم النصارى (28) وأن يندمغوا في شخصه حتى يصير هو كل شيء فلا يستطيع أحد رد مقولته في الجماهير حتى صارت كلماته وأفكاره هي عماد المعتقدات ومراسي الفكر وبداية ونهاية المطاف (29).
    الزواج عند بولس الرسول

    16. الزواج :
    تتلمذ على يد المعلم اليهودي غملائيل الكاهن الفريسي اليهودي .. وتروي بعض المصادر أن بولس :" أحب ابنة معلمه غملائيل وأراد الزواج منها ولكن غملائيل رفض أن يزوجه ابنته .. فلم يتزوج بولس بعد ذلك وحث تابعيه على عدم الزواج .. حتى ذبح بالسيف في روما . وفي هذا يقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل كورنثه : " إن من يزوج ابنته يأت عملا طيبا ، ولكن من لا يزوجها يأت ما هو خير … وإنه من الخير للرجل أن يظل أعزب ، إلا إن خاف الوقوع في الخطيئة … وإنني لأنصح للأيامى من الرجال والنساء أن يقتدوا بي فيظلوا على ما هم عليه، فإن لم يقو أحدهم على العفة فلا مندوحة له حينئذ عن الزواج ؛ فلأن يتزوج خير من أن يكون وقوداً لنار جهنم " . (الرسالة الأولى لبولس الرسول إلى أهل قورنثة، إصحاح 7، آية 38)
    ويعلق ترتوليان على هذه الفقرة الأخيرة من رسالة بولس الرسول فيقول: " إن الأفضل من حالتين لا يلزم أن يكون خيرا في ذاته. فلأن يفقد الإنسان عينا واحدة أفضل من أن يفقد كلتا عينيه، ولكن فقد عين واحدة ليس من الخير في شيء، فكذلك الزواج: فهو لمن لم يقو على العفة أفضل من أن يحرق بنار جهنم؛ ولكن الخير أن يتقي الإنسان الأمرين معاً، فلا يتزوج ولا يعرض نفسه لعذاب النار. (30)
    16 . 1 . زواج بولس :
    يورد صاحب قصة الحضارة من أقوال بولس فقرة توحي ولكنها لا تثبت أنه قد تزوج :" ألَعَلَّنا { يقصد هو نفسه وبرنابا } ليس لنا سلطان ، نجول بأخت زوجة كباقي الرسل وإخوة الرب وصفا؟" ، ولكنه في فقرة آخرى يسمى نفسه عزباً وكان يشبه يسوع في تجرده من الشهوات الجسمية .!! " ولقد روع حين سمع بالشذوذ الجنسي بين الإناث والذكور . وسأل أهل كورنثه قائلا:" أولستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم ... فمجدوا الله في أجسادكم " ، وعنده أن بقاء البنات عذارى خير من الزواج ، ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا لأن التزوج أصلح من التحرق " ، وعليه يرى أن بولس يجيز الحب الجنسي ، ولكن لا يشجعه مطلقاً" (31)

    هذا هو شاءول، الذي موطنه طَرْسُوسَ من مقاطعة كِيلِيكِيَّةَ الرومانية.
    بعد هذا التجوال مع شخصية شاءول منذ مولده إلى شبابه، نصل إلى أنه أصبح:
    17. رسول يسوع المسيح:
    ثم يصف نفسه في رِسَالَتة إِلَى تِيطُسَ، الأصحَاحُ الأَوَّلُ: «1بُولُسُ، عَبْدُاللهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ».
    أردنا من هذا الوصف الدقيق - لهذا اليهودي الطرسوسي الروماني الفريسي شاءول/بولس ـ منذ ولادته حتى شبابه رسم صورة واضحه عنه ليتسنى لنا بعد ذلك توضيح الدور المحوري والتغيير الجذري الذي قام به في إلباس السيد المسيح ثوبا جديدا، غير الثوب الذي بشر خالقه به أمه العذراء البتول في قوله سبحانه وتعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِين} {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِين}،{ق َالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُون}، {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيل}،{وَ رَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين}،{وَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُون}،{إِ نَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيم} [سورة آل عمران: الآيات 45 51] ثم بإيجاد مسيحية جديدة، ما أنزل الله بها من سلطان.

    سنحاول ـ بعون الله تعالى وتوفيقه ـ إثبات ذلك في الفقرات القادمات، وبالدليل والبرهان، ولا نبغي إلا رضوان الله تعالى، ولا نخشى في الله لومة لائم. ونريد من هذا البحث - إذا أعاننا الله سبحانه وتعالى على إتمامه ـ التصفية والتربية، التصفية الخالصة مما يشوب العقيدة، والتربية الصحيحة على منهاج النبوة، خاصة والجيل الثاني والثالث من أبناء الجالية يحتاج حقاً، فضلا عن المسيحيين أنفسهم لمثل هذه الأبحاث لتظهر الحقيقة الكاملة {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد} [سورة ق: آية 37]
    .....

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    11

    افتراضي رد: الشخصيات المحورية في الديانة المسيحية

    ملخص هذا الجزء من بحث "مؤسس المسيحية :

    ولد بولس لأبوين يهوديين في مدينة طرسوس في آسيا الصغرى (تركيا القديمة) تقريبا في العام الرابع للميلاد، ونشأ فيها من أصل عبراني خالص فيجمع أغلب المؤرخين النصارى أنه لم يكن هناك أصل أممي في أجداده أبدا، وتعلم حرفة صنع الخيام لسهولتها وقلة رأسمالها أنذاك، ويقول مؤرخي النصارى أيضا أن أبوه قد وهبه لدراسة الناموس منذ صغره، وعندما شب أرسله إلى أورشليم (القدس)، فأكمل تعليمه عند رجل يدعى جمالائيل أحد أشهر معلمي الناموس في أورشليم.
    فيقول سفر أعمال الرسل عن لسان بولس: «أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ كِيلِيكِيَّةَ وَلَكِنْ رَبَيْتُ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ مُؤَدَّباً عِنْدَ رِجْلَيْ غَمَالاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ. وَكُنْتُ غَيُوراً لِلَّهِ كَمَا أَنْتُمْ جَمِيعُكُمُ الْيَوْمَ.» ( اعمال 22/3)، ويقول أيضا عن صناعته: « ... وَلِكَوْنِهِ مِنْ صِنَاعَتِهِمَا أَقَامَ عِنْدَهُمَا وَكَانَ يَعْمَلُ لأَنَّهُمَا كَانَا فِي صِنَاعَتِهِمَا خِيَامِيَّيْنِ. ( اعمال 18/3)، وكان اسمه فيما مضى (شاؤول)، ومعناه: (طالب) كما نفهم من سفر الأعمال، ثم أسمـى نفـسه بعـد تنـصره (بولس)، ومعناه (الصغير) وربما كان ذلك تواضعا. فيقول سفر اعمال الرسل عن هذا: « 7كَانَ مَعَ الْوَالِي سَرْجِيُوسَ بُولُسَ وَهُوَ رَجُلٌ فَهِيمٌ. فَهَذَا دَعَا بَرْنَابَا وَشَاوُلَ وَالْتَمَسَ أَنْ يَسْمَعَ كَلِمَةَ اللهِ. «8فَقَاوَمَهُمَا عَلِيمٌ السَّاحِرُ لأَنْ هَكَذَا يُتَرْجَمُ اسْمُهُ طَالِباً أَنْ يُفْسِدَ الْوَالِيَ عَنِ الإِيمَانِ. «9وَأَمَّا شَاوُلُ الَّذِي هُـوَ بُولُسُ أَيْضـاً فَامْتَلأَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَشَخَصَ إِلَيْهِ » (اعمال 13/7-9). وتذكر كذلك أغلب المصادر أنه كان ذو غيرة على دينه أكثر من كل أقرانه اليهود كما قال عن نفسه في سفر أعمال الرسل. فهو كان يهودياً معادياً للنصرانية.(32)

    البحث القادم :
    الفصل الثاني: "محاربته لأتباع السيد المسيح عيسى وسطوه على كنائس

    إعداد محمد الرمادي
    فيينا على ضفاف الدانوب الأزرق

    Dr. ElramadyMuhammad
    المختصرات
    ) أع: أعمالالرسل
    غل: رسالةبولس الرسول إلى أهلغلاطية

    مراجع الفصل الأول :
    1 . يراجع: د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية، ص297، ط 10، 1998م.
    2 . يراجع: الشيخ محمد ناصرالدين الألباني، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السئ في الأمة، صفحة ترقيم "د"، المجلد الثاني، ط 5، 1412هـ - 1992م.
    3 . أنشئت الأكاديمية الإسلامية،Islamische religionspädagogische Akademie, Neustiftgasse 117, A–1070 Wien فرع الأزهر في ولاية فيينا، العاصمة في جمهورية النمسا الإتحادية بموافقة الأزهر الشريف من جمهورية مصر العربية في سنة 1998 الميلادي.
    4 . أنس بن حسن الشقفة: الرئيس الحالي للهيئة الإسلامية الدينية بجمهورية النمسا الإتحادية.
    5 . كاتب هذه السطور يقوم الأن بترجمة هذا البحث للسان القوم الذين نعيش بين أظهرهم، اللغة الألمانية، وإن كنت أظن أن هذا العمل يحتاج لمجموعة عمل أكثر من قيام فرد به.
    6 . محمد تقي العثماني، عضو مجلس القضاء الشرعي الأعلى لباكستان، ص 125، 22 ربيع الأول 1392هـ، طبعة رابطة العالم الإسلامي .
    7 . "المسيح" سنخصص فصلا كاملا عن المسيح عليه السلام وفق ماورد عند بولس الرسول، وكما ورد في الأناجيل المعتبرة عند نصارى اليوم، والأناجيل الآخرى وآراء العلماء في هذه المسألة، مع مقارنة كل هذا بما ورد في كتاب الإسلام "القرآن الكريم " ، والسنة الصحيحة لنبي الإسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم.
    8 . سيلاحظ القارئ الكريم أننا نستخدم تارة لفظة "المسيحية" وتارة آخرى لفظة "النصرانية"، والأولى إذا تحدثنا عن مسيحية بولس أما الآخرى فنقصد نصرانية عيسى.
    9 . "برنابا" هو أحد محاور هذه الدراسة، ولنا معه فصل خاص به.
    10 . الموسوعة الميسرة للأديان.
    11Outline of History vol 3 p. 679. .وأيضا د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص93، ط10، 1998م .
    12 .695 Outline of History vol 3 p. د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص111، ط10، 1998م .
    13 . رومية 1 :5، و 14-16، و 2 :25-29، و كورنثوس الأولى 13، و غلاطية 3 :26-29، و أفسس 2: 12، ومابعدها، و 33: 8، و كولوسي 3: 11. يراجع كذلك: د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص116، ط10، 1998م . وسنبحث هذه الجزئية بشئ من التفصيل في موضعهاإثناء البحث، إن شاء الله تعالى.
    14 . المسيح عند بولس هو (1.) ابن الله: روما 8: 3 و 23، و غلاطية 4: 4، (2.) له طبيعتان إلهية وبشرية ( إنسانية ) تجسَّد واتخذ صورة عبد: فيلبي 2: 7، (3.) وتحدَّر من ذرية إبراهيم حسب الجسد: غلاطية 3: 15، (4.) ومات مصلوباً وقُبِر وقام من بين الأموات: كونثوس الأولى 1: 24 وفيلبي 15. هذا هو مسيح بولس، وليس عيسى عليه السلام ابن مريم. كذلك يراجع: الأب بولس الياس، يسوع المسيح ص 17-18، وأيضاً د. احمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص106-107، ط10، 1998م .
    15 . الأب بولس الياس : يسوع المسيح ص 17 -18
    16 . يراجع د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص111- 117، ط 10، 1998م.
    17 . يراجع كذلك: د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص95، ط10، 1998م .
    18 . أفسس 5: 19. ويراجع كذلك: د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص127، ط10، 1998م .
    19 . كورنثوس الأولى 7: 12-19. رومية 3: 1،ويراجع كذلك: د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص128، ط10، 1998م ).
    20 . تيموثاوس الأولى: الاصحاح الثالث. ويراجع كذلك: د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص128، ط10، 1998م ).
    21 . كورنثوس الأولى 11: 3-11، افسس5: 22-24، كونثوس الأولى 14: 34-35. يراجع كذلك: د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص128، ط10، 1998م .
    22 . كونثوس الأولى، الإصحاح السابع، الفقرات 10، 12، 25. يراجع كذلك: د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص129، ط10، 1998م .
    23 . وهي مدينة أسّسها الفينيقيون على كدنوس بالقرب من البحر. وارتبطوا معها بعلاقات تجاريّة منذ القرن التاسع ق.م. وانطبعت بالطابع الهليني في أيام السلوقيين فصارت مركزا جامعيا. في أيام انطونيوس صارت مدينة رومانية وعاصمة مقاطعة كيليكية الرومانية. وأقام فيها بولس بعض الوقت بعد اهتدائه: « ... وَأَرْسَلُوهُ إِلَى طَرْسُوسَ. 31وَأَمَّا الْكَنَائِسُ فِي جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْجَلِيلِ وَالسَّامِرَةِ فَكَانَ لَهَا سَلاَمٌ، وَكَانَتْ تُبْنَى وَتَسِيرُ فِي خَوْفِ الرَّبِّ، وَبِتَعْزِيَةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ كَانَتْ تَتَكَاثَرُ. » (أع 9 :31 )؛ «25ثُمَّ خَرَجَ بَرْنَابَا إِلَى طَرْسُوسَ لِيَطْلُبَ شَاوُلَ. وَلَمَّا وَجَدَهُ جَاءَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ.» (أع11 :25).
    24 . سنفسر هذه الجزئية "موت بولس" في فصل قادم إن شاء الله تعالى.
    25 . تعمدنا ترك بعض الأسماء كما جاءت من مصادرها.
    26 . طارق الشافعي: من هو بولس؟.
    27 . د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية ص 93، ط10، 1998.
    28 . هذا ما سنوضحه في هذه السلسلة تحت عنوان: محاربة "شاءول" لأتباع السيد المسيح عيسى، وسطوه على الكنائس، بأقواله وأقوال تلميذه لوقا
    29 . طارق الشافعي: من هو بولس؟ .
    30 . د. علي وافي ، بحث شبكة المعلومات ، العزوبة في اليهودية والمسيحية والإسلام
    31. وِل وَايريل ديورانت ، قصة الحضارة ، الحضارة الرومانية { قيصر والمسيح } ، عصر الإيمان ، الجزء الثالث من المجلد الثالث (ترقيم : 11) ، الكتاب الخامس : شباب المسيحية من 4 ق.م إلى 325م ، الفصل الثاني : بولس ، عنوان : 3: العالم الديني ، ص 266 ، ترجمة الأستاذ محمد بدران ، دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع ، 1408هـ ~ 1988م .
    32. طارق الشافعي: الفصل الأول من هو بولس ؟
    ــــ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    11

    افتراضي رد: الشخصيات المحورية في الديانة المسيحية

    (1. ) الشخصيات المحورية وأمهات المسائل في الديانة المسيحية :

    بقدر الرقي العقلي والتقدم العلمي وتعدد وسائل المعرفة ، وبقدر ما عند الباحث من حب للحقيقة وعمق في الفهم وقوة في الاستنباط ؛ تنكشف له نواحي العقيدة الصحيحة ، فيسهل عليه توكيدها وإظهارها في ثوبها القشيب كما تظهر له فساد ما سواها وضعف ماعداها ؛ بالأدلة والبراهين .

    المسيحية الحالية :
    الفارق موجود بين دين رسول الله عيسى ابن مريم عليه السلام وبين مسيحية اليوم . وهناك فارق بين عقيدة السيد المسيح رسول الله وعقيدة المسيحية أتباع المسيح ابن الإله . وهناك فارق بين دين أتباع عيسى الرسول في زمنهم الأول ومعايشتهم له في حياته وبين الأتباع مِنْ بعده . ويوجد فارق بين إنجيل السيد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام المنزل من السماء وبين الإنجيل (الأناجيل) المخطوطة بأيد بشر والمتداولة الآن في الكنائس والمعتمدة عندها . وهناك فارق بين العبادة التي شرعها الله لنبيه عيسى وأتباعه في عصره وبين العبادة الحالية .... الفروق تكاد لا تنتهي بين دين بعقيدته وعباداته أوحى به رب العباد إلى اليهود بواسطة أمين السماء جبريل عليه السلام إلى السيد المسيح صلى الله عليه وسلم ؛ أمين الرسالة لقومه (اليهود) ؛ وبين دين مستحدث على أيدي رجال ، والرجال هنا شخصيات محورية لعبت الدورَ الأساسي في تبديل وتعديل وتغيير دين أنزله الله سبحانه وتعالي إلى دينٍ من وضع البشر ، و "ابتكار" العديد من المسائل ، وهذا ما دعاني للبحث عن الشخصيات المحورية وأيضا أمهات المسائل الجوهرية التي شكلت هذا الدين الجديد : " مسيحية الكنائس الحالية " .
    لعبَ الرجال بما يملكون من قدرات وكفاءات وما يحملون من أفكار وعقائد وما تأثروا من مفاهيم وعادات وما ترسخ في وجدانهم من مراسيم وطقوس وما تعايشوا مع أعياد ومناسبات وطقوس ، واستيراد عقائد من ديانات آخرى ؛ سبقت أو عاصرتهم لتتطعم بها الدين الصحيح فيخرج دين جديد ؛ هؤلاء الرجال ؛ الشخصيات المحورية ؛ لعبت دوراً أساسياً ومحورياً في تشكيل الديانة المسيحية الحالية ، ومن دواعي الأسف والأسى أن تكون الديانة المسيحية الحالية صناعة بشرية ومنتوجاً آدمياً بمتياز ويقول عنها البعض أنها دين سماوي فخرجت عن اطار الدين الذي أرسل من أجله عيسى عليه السلام لقومه واختلطت بها الأفكار والديانات التي كانت سائدة في ذاك الزمان ، ثم جاء من استثمر المخزون الوجداني عند البشر فالبسها ثوباً جديداً ، وحدث صراع حاد بين طائفة الموحدين وبين فئة أصحاب الأهواء ، وارادت المشيئة العلية أن تكسب الجولة حتى كتابة هذه السطور الفئة الثانية .
    ومن اشهر الشخصيات المحورية في الديانة المسيحية شاءول ؛ بولس الطرسوسي ؛ وكاتب هذه السطور ينشر على هذا الموقع الكريم بعض الكتابات عن مؤسس المسيحية الأول ولم ننتهي بعد ؛ وهناك من المؤسسين عدد كافي ...، لذا فهذه السلسلة لن تقتصر على بولس الرسول فحسب ، إذ في النية أن نكمل الصورة في إطارها الطبيعي فنتحدث عن بقية الشخصيات المحورية التي حورت الرسالة وأحدثت المسيحية الحالية بعص مسائلها الهامة . فنُخرج ترجمةً عنهم كبحوث وافية ـ على قدر الطاقة والإستطاعة ـ من كتبهم المعتمدة وأقوالهم ، ولا نظلم أحداً ، ونتحدث عن أمهات المسائل .
    وقصدنا ـ كما بين لنا أصحاب العلم والفكر والقلم من قبل ؛ أستاذتنا ـ أن نثبت العقيدة الصحيحة في قلوب وعقول أهلها وأن نسد كل ثغرة يمكن أن ينفد إليها شيطان الإنس أو الجن ليضل بنا الطريق ، واعتمدُ بعد الله سبحانه وتعالى وكتابه وسنة خاتم أنبياءه صلوات الله وسلامه عليه وآله ، على أقوال وأفعال صحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين كما افَحِصُ في فهمِ السادة العلماء أهل هذا التخصص من الأقدمين أو أساتذتي الحاليين .
    ونتسأل : كيف تصل مثل هذه الأبحاث والرسائل ـ قديمها وحديثها ـ إلى الكافة والعامة فتقرأها ، كما ويتطلع عليها مثقفو القوم فتفهمها ويغلب على ظني أن تسأل العامة أهل التخصص في دينهم عن مدى صحة ما يقول علماء المسلمين السابقين واللاحقين ، ثم يستمر الحال كما هو عليه ؛ بيَّد أن شعاع نور آية كريمة يضئ لنا المكان : " إنك لن تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" ، فاتوقف عن الإسترسال في الخيال وأعود إلى كتاب معلمي ودفتر أستاذي لأتابع الإطلاع والتعلم .
    وقصدنا من البداية أن يظل النبع الصافي للدين أي الوحي ؛ صافياً نقياً ونحافظ عليه من ترسب الشوائب ودخول فيه ما هو غريب عنه .
    ونحن لا نريد تجريحاً لأحد أو تسفيهاً له فقد أمرنا :" وقولوا للناس حسناً " ؛ بقدر ما نريد إعمال العقل والفكر في المسائل المطروحة ، والمنزلق الخطر على العقيدة والأحكام العملية في الحياة اليومية للعابد أن يشرع من عنده ما يروق له فيستحدث ديناً جديداً تتقبله العامة ويستفيد منه الخاصة فيخرج إلى غضب الله جل في علاه ، ودعوات الحفاظ على الوحي قوبلت بالترحاب احياناً والغضب احياناً كثيراً .
    وبهذا نفتح حواراً هادئاً عاقلاً فما نريد إلا الإصلاح ومن الله الهداية والتوفيق .
    يتبع بإذنه سحانه وتعالى
    كتبه
    د. محمد بن عبد رب النبي بن إبراهيم آل الرمادي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •