41- راحـة اليـأس !!!
إذا ظُلمتَ في يوم ، ولم تستطع رفع ذلك الظلم
أو بُخست حقك ، ولم تستطع الإنصاف لنفسك
أو حُمِّلْتَ بهتانا و ضيما ، ولم تستطع له حولا
أو أمّلتَ خيرا ، ضنّ به الأقرب منك رُحما
فهل تضرب لك مع القوم في ظلمهم بسهم ؟!
أم تؤدي الحق الذي عليك ، سائلا الله ما لك ؟!
فلا تستشرفن حقا بُخِس بالأمس ، ولا تطمحنّ من أحد رقة الحس
فعليك عليك : باليأس ، فإن فيه راحة النفس .
أحسنتِ نظم العقد أخيه ..زادكِ الله من فضله ..وجعلكِ مباركة أينما كنتِ ..
وكأنكِ بموضوعك هذا قد فتحتي لي بابا بأن اتطلع لأن أُنزّل موضوعا قريبا منه
وليكن منكِ الترقب
بوركَ فيـكِ ..
ونحن منكِ بانتظار تأليف كتاب فأنت أهل للتأليف ومثلكم لايبخل .. !!
أقولها صدقا لامزاحا ..
42- الأمر فيه تفصيــل ...
مرض أحد الأعزاء الكرام ، واشتد مرضه في شهر رمضان
فمُنع من تلاوة القرآن ، والقيام ولم يستطع غير الصيام
فبكى عجزه عن الطاعة بخاصة حرمانه صلاة الجماعة
وقد كان إلى الطاعات من السابقين على مر ما سبق من السنين
فكنت أواسيه وفي مصابه أحاول أن أسليه :
( إذا مرض العبد أو سافر كُتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما )
فلا ينفك لسانه عن الذكر من الحمد لله والشكر
ثم لا يفتأ أن يعود ، وبغزير الدمع عيناه تجود ...
فكنت عليه أستنكر ، مشفقة عليه عميق التأثر!!!
فأوضح لي أحدهم متفضلا: إنه لا يبكي على الأجر ، بل يبكي فوات الخير
وتلى قوله تعالى : ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم
عليه تولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً إلا يجدوا ما ينفقون ) سورة التوبة (92) .
ثم سأل متحليا بالصبر : إذن لم بكى القوم رغم رفع الحرج والإثم ؟
فقلت : خشية فوات الأجر ...
فقال : بل ثبت في صحيح الأثر أنهم مأجورون كمن شارك في الجهاد وحضر..
فقلت : ولكنهم بكوا قبل أن بذا يعلموا ..
فقال : أوتظنين أنهم بكوا - فقط - على الأجر ؟! بل أبكاهم فوات حظهم من خير
فتأملت صواب قوله : الحق أن عزيزنا كان سابقا للخير مستمتعا بأدائه ،
ثم هو مع علمه بعدم حرمانه الأجر لايكد يجف له من دمع .
فلما راجعت التفاسير : وجدت في مجموعها شبه هذا التفصيل :
فمن المفسرين من قال : بكى القوم خشية الإثم و خشية الحرمان من الثواب والأجر
ومنهم من قال : بل بكاؤهم كان لشديد إيمانهم وحرصهم على المشاركة في الخير
فعلمت أن تفصيل ذلك الأمر :
1- من الناس من يفرح بنواله الأجر لأنه حُبس بالعذر
2- ومنهم من يبكي على فوات الخير رغم علمه بنواله للأجر .
ياه يا أم هانيء
لا ادري لما أشعر أني أنساق لأقرأ لك
فلكلماتك وخواطرك أثر في نفسي
أخذتيني حيث يجب أن أكون
أحبك في الله ، وأسأله سبحانه أن يسعدك ويزيدك علما وحكمة
43- ليس كل الظن إثم ...
في يوم ما حدث حادث ما لقوم فشكّوا في أحدهم
لأنه كثيرا ما تلبس بمثل ما حدث من مصاب لهم
فأخذ يبكي : يشكو إلى الله من القوم وظلمهم!!
صارخًا يسأل القوم عن برهان يثبت شنيع قولهم ؟!!
اتقوا الله : إن بعض الظن إثم ...كذا أخذ يكرر على أسماعهم .
ثم تبين أنه بريء فزاد عويلا متغيظا على أعيانهم
فندم القوم واستفغروا ربهم ؛ على سوء ظنهم ، وكربوا كربا عظيما على شنيع ذنبهم ...
و كنت مع القوم حاضرة ... و لبرهة تلبس الأمر عليّ حتى أتتني خاطرة
وقعت في قلبي واضحة منيرة مسفرة ...
قلت مهلا مهلا يا قوم : لم يحرم الله كل الظن !!!
؛ ذلك أن بعضه ليس بإثم ...
فإذا كان المحل قابلا لسوء الظن ، لا يترفع عن الشبهات و الظلم
فلاريب يرتفع عمن ظن سوءًا الإثم
لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه و عرضه ))
الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: إرواء الغليل - لصفحة أو الرقم: 2075
خلاصة حكم المحدث: صحيح
**وقال بعض أهل العلم :
[ قوله: (استبرأ) بالهمز بوزن استفعل من البراءة، أي: برأ دينه من النقص وعرضه من الطعن فيه، لأن من لم يعرف باجتناب الشبهات لم يسلم لقول من يطعن فيه، وفيه دليل على أن من لم يتوق الشبهة في كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه، وفي هذا إشارة إلى المحافظة على أمور الدين ومراعاة المروءة. ] انتهى (1)
فيا قوم يا قوم : لا إثم ولا ظلم ؛ فقد كان أهلا لسوء الظن ...
فلك الحمد اللهم .
-------------------------------------
(1)- نقلا عن ابن حجر / الفتح / ج1 / شرح حديث رقم : 52 /
كتاب : الإيمان / باب :فَضْلِ مَنْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ .
44- .... دون عنوان لقاريها
عندما تصبح كلماتنا حروفا ضاعت معانيها.
عندما تفقد العيون بريقا كان يحيها .
عندما تفقد الحياة حسا نابضا فيها
عندما تجمد مشاعرنا عن نبض كان يجريها
فأي فائدة تُرجى للمرء يجنيها ؟!
فياصبره ! يا صبره ! على طول أيام لابد قاضيها
فإن عاش حلوا أو عاش مرا لا يباليها .....
وما ضَيرُه من قولهم : ذاك حيٌّ ميّتٌ فيها ؟!
ظمآن مسه الشوق يقطع فيافيها
قد رآى على البعد ماء يجاريها
فأصبح وأمسى سرابا أو حلما يداريها
وحين أسفرت عن غَرفةَ الماء يسقيها
فما ارتوى الغليل بل زاد يشقيها
شجون القلب ثارت فهل يقطع فيافيها ..
..بذاك الوجد يغدو حرا في أراضيها؟
هي والله بدون عنوان ..."أشجان" لقاريها
بوركت أختنا الكريمة واعذريني فضلا على التأخر في التعليق
على كريم ما سطرتِ والله المستعان
أما جواب سؤالك أحسن الله إليك :
لا أستطيع شرح ذلك نفصيلا فهي مشاعر غير معللةهلا أخبرتني ماذا قصدت هنا ما هو معنى الحروف و حس الحياة و بريق العيون لو تكرمت ؟
فأَمِرِّيها كما جاءت وتخيلي من المعاني ما شئت ...
بوركت أختنا الكريمة
45-خواطر بـين الفضـل والعــدل
( أ )- هل مُنعِتَ حقا أم فضلا ؟
*- انظر وتأمل متى يحق لك أن تغضب ؟
- إذا مُنعت حقا لا فضلا .
قال السعدي في تفسيره للآية :28 من سورة النور:
(... وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ) أي: فلا تمتنعوا من الرجوع، ولا تغضبوا منه، فإن صاحب المنزل، لم يمنعكم حقا واجبا لكم، وإنما هو متبرع، فإن شاء أذن أو منع، فأنتم لا يأخذ أحدكم الكبر والاشمئزاز من هذه الحال...) انتهــى .
فقبل أن تغضب وجه السؤال إلى نفسك :
هل مُنعِتَ حقا أم فضلا ؟
45-خواطر بـين الفضـل والعــدل
(ب)- هل نستطيع الحياة بالعدل ؟
هل يستطيع المرء أن يحيا بين الناس بالعدل ؟
فيؤدي الحق الذي عليه و يقابلونه بإعطائه ما له ؟
أم أن الواقع يضطر المرء إلى الإحسان
إن أراد لنفسه العيش مع من حوله بسلام ؟
والسؤال : لم هو مضطر إلى الإحسان ؟
لأن بعض حقه لا بد مهضوما بين الأنام
يؤكد هذا واقع الحياة التام .
45-خواطر بـين الفضـل والعــدل
( ج )- من نطالب بالإحسان ؟!
سلمنا أن المرء مضطر إلى الإحسان
فمن السَّفه أن يتوقع أن يجزيه من حوله على إحسانه بمثله
فكثير من الناس يستدل إذا لم يلقَ جزاء إحسانه بمثله
بقول ربه جل شانه :
( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) سورة الرحمن /60
أمثلة من الواقع المعاش :
- إذا كنت بائعا تبيع للخلق بالرجحان تحسن فتثقِّل الميزان
- ثم تذهب لتشتري فيعدل من أحسنت إليه مساويا لكفتيه
* فهل لك أن تغضب ؟ لا
- ومن منا لا يفعل ...؟
- إذا أقرضت ذا حاجة ملحة مضيقا على نفسك
من أجله رجاء تفريج كربه
- ثم ذهبت في شدة حاجتك إليه تستقرضه مما لديه
فأبى متعللا بأن ذلك شاق عليه ..
* فهل لك أن تغضب ؟ لا
- ومن منا لا يفعل ...؟
فأول ما ينطق به اللسان في مثل ذلك المقام :
( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) سورة الرحمن /60.
وهذا من الخطأ في الاستدلال والخلط في المقصود بالأقوال
*- فأنت أنت من يؤمر بالإحسان جزاءً لمن قدمه إليك
وانتبه إلى أن الآية لم تسق لتطالب من أحسنت إليه أن يرده إليك
بل لبيان إحسان الإله في مقابلة من خاف مقام سيده ومولاه :
.
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ (60).
46 -خارج حدود مرمى البصر
كونك بعيدا ساقطا من نظر... هذا ولا شك رزق قدرْ
همل بعيد في ثنايا الظـلال... كذا أرادك أن تكون البشرْ
فيا ضيعة من ذا حاله كم ذا على الهون عاشَ صبرْ
يتوق لمرمى بلحظ الأنام... أرام بذلك نيل القمرْ !!!
أبوا عليه مكانا صغيرا ولو كان بين الثرى و الحفرْ !
يصبّر النفس لا لن أسامح ... فذاك ذنب لا يُغتفــــــرْ
فسخروا وقالوا : أسقطٌ المتاع بيده جهنم بيده سقرْ !!!
فمهما فعلتَ ستبقى يا هذا...خارج حدود مرمى البصرْ ...
47 - عدم تعمد الأذى ، أم تعمد عدم الأذى ؟!
آذاني أحدهم يوما وشدد ، ثم تعذر بأنه - حقا - لم يتعمد أو يقصد !
ومر وقت وأوقات وعاود فآذاني ، ثم كرر نفس عذره على آذاني
فقلت أعاتبه لوما : ولم لا تتعمد ترك أذيتي دوما ؟ !
فقال : وهل من فارق ؟!
قلت : نعم ، بل كبير وخارق !
إن عدم تَعَمُّد ما وقع من الأذى جيد ، بينما تعمد تركه ابتداءً فأجود .
** ثم رزقني الله بذلك المعنى بعد ذلك بزمن ، فحمدت فضله عليّ والمنن
وذلك حين قرأت يوما تفسير قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ
اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} الأحزاب 69
قال السعدي في تفسيره :
( يحذر تعالى عباده المؤمنين عن أذية رسولهم، محمد
ـ صلى الله عليه وسلم ـ النبي الكريم، الرءوف الرحيم،
فيقابلوه بضد ما يجب له من الإكرام والاحترام،
وأن لا يتشبهوا بحال الذين آذوا موسى بن عمران، كليم الرحمن،
فبرأه اللّه مما قالوا من الأذية، أي: أظهر اللّه لهم براءته. ... ) انتهى
فها هو سبحانه وتعالى وعز وجل يأمر المؤمنين :
بتعمد عدم الأذى ، وليس بعدم تعمد الأذى .
** ثم زادني سبحانه من فضله ، بفهم طيب لسنة نبيه :
فانتبهت إلى الفارق بين الأمر النبوي :
بكف الأذى ابتداءً ، والأمر بإماطة الأذى انتهاءً
( إياكم و الجلوس على الطرقات ، فإن أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها ؛ غض البصر ، و كف الأذى ، و رد السلام ، و الأمر بالمعروف ، و النهي عن المنكر )
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2675 خلاصة حكم المحدث: صحيح
( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة . فأفضلها قول لا إله إلا الله . وأدناها إماطة الأذى عن الطريق . والحياء شعبة من الإيمان )
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 35
خلاصة حكم المحدث: صحيح
نسأل الله : أن يغفر لنا ويرحم ضعفنا ويتجاوز عن زللنا آمين .
48 - نفي مطلق الرضا ، أم نفي الرضا المطلق ؟
عنّ لي يوما أن عدم الرضا منشؤه
الفارق بين المأمول والمتاح
فصورته في معادلة :
المأمول - المتاح = الشعور بعدم رضا
والسؤال :
هل عدم الرضا يساوي المقدار الفارق بين المأمول والمتاح ؟
[ نفي مطلق الرضا ]
أم أن :
محض وجود الفارق بين المأمول والمتاح يسبب عدم الرضا بالكلية ؟
[ نفي الرضا المطلق ]
فهل تصير المعادلة :
المأمول - المتاح = الشعور بعدم رضا مساوٍ للفارق بين المأمول والمتاح ؟
أم تصير المعادلة :
المأمول - المتاح = الشعور بعدم الرضا التام ؟
أم أن هذا يختلف من حال إلى حال ؟!
هنا المتعة وتسبقها الفائدة
كــ عادتي عندما أعرج على هذا السمط
لا أملك إلا الدعاء لصاحبة هذا القلم الثري بالقيم
جزيتِ خيرا أم هانىء وبارك الله فيكِ