الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وبعد ...
فإن شرّاح المنظومات الجليلة الضخمة كـ "حرز الأماني" و "ألفية ابن مالك" كثيرًا ما يتدخَّلون باقتراح أبيات، يرون أنها كانت أفضل مما جاء به الناظم.
وقد فعل شرَّاح الحِرز هذا، من كبارهم المشهود لهم إلى مَن هو دونهم في علم القراءات.
والذي يقرأ شرح الإمام السيوطي - رحمه الله - وأبياته التي يقترحها بديلا عن أبياتٍ في "الحرز" ... يرثي له، ويعلم البون بين نظم الشاطبي الإمام ونظم السيوطي الشارح، وسبحان المعطي الوهَّاب، الذي يرزق من يشاء بغير حساب.
وإنما كان الإمام السيوطي - رحمه الله - يريد أن يستغني الناظم عن الرمز؛ وهذا ليس غرضًا كافيًا؛ فالشاطبي على هذا بنى قصيدته، وعلى هذا تلُقِّيتْ واشتهرت.
وهذان بيتان للإمام الشاطبي تبارى بعض الشراح في اقتراح بديل لهما:
قال الإمام الشاطبي:
روى نفَرٌ أرجِئْه بالهمز ساكنًا وفي الهاء ضَمٌّ لفَّ دعواهُ حَرملاومعناه بإيجاز:
وأسكِنْ نَصيرًا فازَ واكسِر لغيرِهِمْ وصِلها جَوادًا دون ريبٍ لِتوصلا
كلمة (أَرْجِهْ) التي وردت في سورة الأعراف (111) والشعراء (36) يقرؤها بهمزة ساكنة قبل الهاء: ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر.
وضمَّ الهاء منهم: ابن كثير وأبو عمرو وهشام فقط ...... يعني خرج ابن ذكوان.
وأسكَنَ الهاء: عاصم وحمزة.
وكسر الهاءَ الباقون [يعني من لَم يضمَّ ومن لَم يسكن]؛ وهم: ابن ذكوان ونافع والكسائي.
ووصل الهاء المتحركة بحرف مدٍّ من جِنس حركتِها: ورش وابن كثير والكسائي وهشام.
[فأما ورش والكسائي فيصلان الهاء المكسورة بياء، وأما ابن كثير وهشام فيصلان الهاء المضمومة بواو].
بقي من يقْصر الهاء [يعني: يأتي بها متحركة بدون الصلة]؛ وهم: أبو عمرو وقالون وابن ذكوان.
[وفيهم أبو عمرو يضم الهاء، وقالون وابن ذكوان يكسرانها].
هذا هو إيضاح بيتي الشاطبي - رحمه الله - بإيجاز.
وتحصل أن في الكلمة ست قراءات، كما سيأتي بعد .......