قياس مع الفارق ولا بأس من وقوعه ممن ربما كان لا يمارس القياس فلا يُستغرب ألا يحسنه
فالحافظ رحمه الله لم يُسند ،بل دلس تدليساً قبيحاً فعلى تسليم أنه حكى نخعة ابن بطوطة بسياق الأقشهري = فقد كان واجباً عليه أن يبين أن هذه النخعة من حكاوي ابن بطوطة وحكاويه بين يدي الحافظ، ولا يخفى على مثله سياق الحكاية عنده ؛ليتبين الناظر موضعها عند ابن بطوطة وموضع الكذب فيها ،والذي لا يبين إلا بمطالعة السياق عند ابن بطوطة ليبين تاريخ دخول الحاكي لدمشق،أما وقد سُتر السياق بنقل سياق الأقشهري، والأقشهري لم يُبن سياق ابن بطوطة الذي يبين به الكذب، والأقشهري لا يعرف بكذب يورث الريبة في الخبر = فقد سقط الخبر في بئر بعيدة تحول بين قارئه وبين إدراك موضع كذبه..
أفيُقاس هذا بمن أبرز إسناد حكايته رجلاً رجلاً ليُعلم المفسد من المصلح ؟
لا والله بل هو من مضحكات القياس التي جعلها أبو محمد الفارسي هزأة للساخر إلى أبد آبد..
وقل مثل ذلك فيما نقله ابن حجر من ألفاظ المحضر الأشعري وعزاه لتاريخ البرزالي (وإن كنتُ في ريب من أن الحافظ يقصد بهذه الإحالة المحضر الأشعري وأميل إلى أن الحافظ ذكر الخبر بدون إحالة)وليس فيه حرف منه وإنما هو سياق ابن المعلم والنويري ولم يعزه لهما رغم أنهما تفردا بذكر ألفاظ المحضر وأعلمُ منهم ومَن كتبهم بيدي الحافظ كالذهبي= لم يذكروا تلك الألفاظ ومع ذلك فقد آثر ذكر ألفاظ المحضر عنهما-كما أظن- ولم يُشر أدنى إشارة للروايات الأخرى الأقرب والأوثق والخالية من تلك الألفاظ..وتلك جناية أخرى..
ورحم الله الحافظ إذ يقول ناصحاً نصيحة لم يوفق للعمل بها هاهنا :
((و لا يكتفي بالنقل الشائع و لا سيما ان ترتب على ذلك مفسدة من الطعن في حق أحد من أهل العلم و الصلاح .. و ان كان في الواقعة أمر قادح في حق المستور , فينبغي أن لا يبالغ في افشائه و يكتفي بالاشارة ..لئلا يكون المذكور وقعت منه فلتة . فاذا ضبطت عليه لزمه عارها أبدا)).
((و لا يعتمد على مجرد التشنيع من كل أحد, فان للناس أغراضا متفاوتة)).