الحمد لله...
أطلق أكثر المحققين في هذا الشأن اسم الصحة على كتاب النسائي
واحتج بعضهم على صحة الحديث بتخريج النسائي له إذا لم يعلله
وهذا هو الصواب في المسألة والله أعلم
وإليك الدليل والبيان:
الإمام النسائي يشترط ذلك في كتابه:
ذكر الدكتور فاروق حماده في مقدمة تحقيقه لكتاب (عمل اليوم والليلة) ص 71 : أنه وجد هذا النص عن الحبال على ظهر نسخة قديمة للسنن.1_ قال الطبني أخبرني أبو إسحاق الحبّال قال سأل سائل أبا عبد الرحمن...بعض الأمراء عن كتابه السنن أصحيح كله؟
قال: لا
قال: فاكتب لنا الصحيح مجردا
فصنع المجتبى(بالباء) من السنن الكبرى ترك كل حديث أورده في السنن مما تكلم في إسناده بالتعليل".ا.هـ
فالإمام أبو إسحاق الحبال من كبار الحفاظ المحققين المدققين
قال ابن ماكولا: كان الحبال ثقة ثبتًا ورعًا خيرًا، ثم حدث عنه ابن ماكولا وذكر أنه ثبته في غير شيء.
وذكر مترجموه عنه من التشدد في السماع والإجازة واشتراط التحديث من الأصول ما يجعل النفس تطمئن إلى ما يرويه ويعتمده خاصة فيما يتعلق بالكتب وروايتها
والإمام النسائي مكث مدة طويلة في مصر واحتفل به وبكتابه المصريون
والإمام الحبال من كبار الحفاظ المصريين وشيوخهم في هذا العلم
فقوله مقدم على غيره في هذا الشأن لاسيما وقد تابعه مقارن له في السن والزمن والإمامة وهو الإمام الغساني صاحب تقييد المهمل الذي أبان فيه عن شدة تحريه وتثبته وإمامته في هذا الشأن
2_ قال الإمام الناقد البصير الكبير أبو علي الغساني: ".....كتاب المجتبي له بالباء في السنن المسندة لأبي عبد الرحمن النسائي اختصره من كتابه الكبير المصنف وذلك أن بعض الأمراء سأله عن كتابه في السنن أكله صحيح فقال لا قال فاكتب لنا الصحيح منه مجودا فصنع المجتبى فهو المجتبى من السنن ترك كل حديث أورده في السنن مما تكلم في إسناده بالتعليل .اهـ
أسنده عن أبي علي (ابن خير الإشبيلي) في (فهرسته).
3_ تسمية النسائي له بالمجتبى:
فالاتفاق على اسم الكتاب بأنه : (المجتبى) يدل على ذلك
فهو كاسم (المنتقى) لكتاب ابن الجارود الذي لا ينزل فيه عن رتبة الحسن إلا نادرا وأغلب أسانيده نظيفة باستقراء المحققين
فالاجتباء كالإنتقاء والإختيار
4_ قال الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق ابن منده _كما أفاده ابن طاهر عنه في شروط الأئمة_ :" إن شرطه _أي النسائي_ إخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم ، إذا صح الحديث باتصال الإسناد ، من غير قطع ، ولا إرسال .".
5_ ثم إن القول بأن المجتبى من اختيار ابن السني قول ضعيف وقد فنده غير واحد من المعاصرين كالدكتور فاروق حماده في مقدمة تحقيق عمل اليوم والليلة والشيخ حاتم العوني في أشرطة (منهجية الإمام النسائي وابن ماجه)
وذكرت هذا لأن من أنكر القصة بنى على هذا المعنى
ــــــــ
فهم تلامذة النسائي لذلك واعتمادهم له:
1_ أولا: المحدث الرحالة المكثر محمد بن معاوية أبو بكر ابن الأحمر :
قال: قال النسائي: "كتاب السنن كله صحيح وبعضه معلول إلا أنه لم يبين علته والمنتخب منه المسمى بالمجتبى صحيح كله".ا.هـ من النكت على ابن الصلاح لابن حجر
وكان ابن الأحمر ثقة جليلا وكان من تلامذة النسائي رآه مؤرخ مصر ابن يونس في مصر في مجلس الإمام النسائي
وهو أحد رواة السنن عن النسائي
فقوله مقدم على غيره لأنه:
ـ تلميذ النسائي
ـ أحد رواة السنن عن المصنف
2_ ثانيا: الإمام الناقد الكبير الحافظ أبو علي الحسين بن علي النيسابوري صاحب الصحيح:
ذكره الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح فيمن أطلق اسم الصحة على كتاب النسائي
وأبو علي من كبار الآخذين عن النسائي
3_ ثالثا: الإمام الناقد الكبير أبو أحمد عبد الله ابن عدي صاحب الكامل في الضعفاء:
قال في موطن من كتابه الكامل:"أدخله أبو عبد الرحمن النسائي في صحاحه ولم يدخله البخاري".
4_ رابعا: الحافظ المحدث الناقد حمزة بن محمد الكناني المصري مملي جزء البطاقة:
قال في زياداته على السنن _وهو أحد رواتها_ تعليقا على حديث :"...هذا الحديث خطأ...ولا أدري كيف جاز هذا على أبي عبد الرحمن، ولعله اتَّكل فيه على عبد الجبار".ا.هـ من تحفة المزي 250/9.
فقوله: (كيف جاز على أبي عبد الرحمن) هذا الاستنكار لا يرد ولا يتجه إلا على القول بأن حمزة فهم شرط الصحة من صنيع شيخه في كتابه.
والإمام حمزة من كبار الآخذين عن النسائي
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــــ
إمام النقد والتعليل وحافظ الدنيا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني:
قال الحافظ أبو بكر البرقاني:"ذكرت لأبي الحسن الدارقطني أبا عبيد بن حربويه فذكر من جلالته وفضله وقال حدث عنه أبو عبد الرحمن النسائي في الصحيح ولعله مات قبله بعشرين سنة".
أسندها عن البرقاني كل من الخطيب في تاريخه وابن طاهر في أطرافه وابن الجوزي في المنتظم
وقال الحافظ ابن طاهر: فالدارقطني سمى كتاب السنن صحيحا مع فضله وتحقيقه في هذا الشأن.
ذكر ذلك عنه ابن نقطة في التقييد وابن الملقن في البدر
فهذه الشهادة من أقوى الأدلة لمكانة أبي الحسن في هذا العلم وتقدمه على غيره
ـــــــــ
الحافظ الثبت أبو علي سعيد بن عثمان ابن السكن صاحب الصحاح.
ذكر الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح أنه أشار إلى ذلك.
ـــــــــ
الحافظ المكثر الرحالة الكبير أبو عبد الله محمد بن إسحاق ابن منده:
قال في كتابه الذي صنفه في مذاهب رواة الآثار ص42:"الذين أخرجوا الصحيح وميزوا الثابت من المعلول والخطأ من الصواب....وأبو عبد الرحمن النسائي".
وقال كما تقدم سابقا فيما أفاده ابن طاهر عنه في شروط الأئمة_ :" إن شرطه_أي النسائي_ إخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم ، إذا صح الحديث باتصال الإسناد ، من غير قطع ، ولا إرسال .".
ــــــــ
الحافظ الناقد المحقق خليفة الدراقطني في هذا الشأن عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري أبو محمد.
سمع من حمزة الكناني تلميذ النسائي وراوي السنن عنه
ذكره الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح فيمن أطلق اسم الصحة على كتاب النسائي
ـــــــــ
الحافظ المعلل النقاد أبو يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي القزويني صاحب الإرشاد.
قال في الإرشاد 786/2:"....وسمع منه_أي من ابن السني_ صحيح أبي عبد الرحمن النسائي".
وقال في 436/1:"وكتابه يضاف الى كتاب البخاري ومسلم وأبي داود".
وقال:"وكتابه في السنن مرضي..".
وذكره الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح فيمن أطلق اسم الصحة على كتاب النسائي
ــــــــــ
الإمام المحدث الحافظ الفقيه أبو الحسن علي بن محمد القابسي المعافري رواي الصحيح.
سمع حمزة الكناني تلميذ النسائي
قال:"إذا نظرت إلى ما يخرجه أهل الحديث فما خرجه النسائي أقرب إلى الصحة مما خرجه غيره".
ذكره عنه ابن الملقن في البدر المنير قال: "قال أبو الحسن المعافري الفقيه".
وعنه ابن حجر في النكت على ابن الصلاح قال:"قال أبو الحسن المعافري".
ووصف ابن الملقن له بالفقيه يرجح كونه القابسي لا ابن مفوز صاحب ابن عبد البر والله أعلم.
ــــــــــ
الإمام الحافظ صاحب التصانيف أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن البيع الحاكم.
قال في المستدرك 318/1:"وقد خرجه أبو بكر محمد بن إسحاق_يعني ابن خزيمة_، وأبو داود سليمان بن الأشعث وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب في الصحيح".
وذكره الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح فيمن أطلق اسم الصحة على كتاب النسائي
وكذا ذكر ذلك أهل المصطلح في كتبهم.
ــــــــــ
تنبيه: وهؤلاء الأئمة السبعة (الدارقطني وابن منده وعبد الغني الأزدي والقابسي وابن السكن والخليلي والحاكم) قريب زمنهم من زمن الإمام النسائي ليس بينهم وبينه إلا طبقة واحدة وهي طبقة تلامذته وبعضهم أقرب من بعض.
فهم من هذه الجهة أعلم بكتاب أبي عبد الرحمن النسائي وقولهم مقدم على من دونهم.
ــــــــــ
الحافظ المتقن المحدث المشهور أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي.
قال في تاريخ بغداد240/1:"...وحدث عنه أيضا مسلم بن الحجاج النيسابوري وأبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ومحمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري في كتبهم الصحاح".
وقال في 42/2 :"وروى عنه أيضا أبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي في صحيحهما".
وذكر عنه هذا ابن الصلاح في المقدمة ومن تكلم على كتابه
ــــــــــ
الحافظ الرحالة الراوية المسند أبو طاهر أحمد بن محمد السِّلفي.
قال في مقدمة إملاءه على شرح الخطابي على السنن لأبي داود:"وكتاب أبى داود فهو أحد الكتب الخمسة التي اتفق أهل الحل والعقد من الفقهاء وحفاظ الحديث إلاعلام النبهاء على قبولها والحكم بصحة أصولها".ا.هـ نقله عنه العراقي في التقييد.
وقال في موضع آخر:"وأما السنن_يعني سنن أبي داود_ فكتاب له صدر في الآفاق ولا نرى مثله على الإطلاق وهو أحد الكتب الخمسة التي اتفق على صحتها علماء الشرق والغرب والمخالفين لهم كالمتخلفين عنهم بدار الحرب إذ كل من رد ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتلقه بالقبول قد ضل وغوى إذ كان صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى".ا.هـ
نقله عنه الحافظ في النكت على ابن الصلاح.
ــــــــــــ
الحافظ المحدث الجوال الرحال أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي المشهور بابن القيسراني.
تقدم عنه أنه علق على قول الدارقطني فقال:"فالدارقطني سمى كتاب السنن صحيحا مع فضله وتحقيقه في هذا الشأن".
فهو يحتج على صحة هذه التسمية بقول الدارقطني وعلو مكانته في هذا العلم.
وقد نقل كلام ابن منده السابق مقرا له في كتابه عن شروط الأئمة.
ـــــــــــــــ ـ
العلامة الحافظ المتفنن أبو عبد الله محمد بن عمر ابن رُشيد الفهري السبتي.
قال:"كتاب النسائي أبدع الكتب المصنفة في السنن تصنيفا وأحسنها ترصيفا وكأن كتابه جامع بين طريقتي البخاري ومسلم مع حظ كبير من بيان العلل".ا.هـ من النكت على ابن الصلاح لابن حجر.
فالجمع بين طريقة الشيخين يتضمن عدة أشياء منها الصحة ولذلك ساق هذا النص الحافظ في معرض نقله لنصوص الأئمة في إطلاق اسم الصحة على كتاب النسائي
ـــــــــــــــ ـ
الإمام المؤرخ النقاد أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي.
قال في الكاشف:" أحمد بن شعيب الحافظ الحجة أبو عبد الرحمن النسائي صاحب الصحيح..".ا.هـ
ـــــــــــــــ ـ
أمير المؤمنين في الحديث من المتأخرين أبو الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني.
قال ابن عراق في تنزيه الشريعة 327/1:"ورأيت بخط الحافظ ابن حجر على هامش مختصر الموضوعات لابن درباس مانصه حديث أبى أمامة هذا أخرجه النسائى ولم يعلله وذلك يقتضى صحته".
ـــــــــــــــ ــــ
الإمام الجهبذ المحدث النظار أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ابن الوزير اليمني.
قال في تنقيح الأنظار:"وهذا يقوي أنه لا يجوز العمل بحديث السنن الكبرى من غير بحث وأما السنن الصغرى المسماة بكتاب المجتبي فيجوز ولعلها هي التي فصلت". ا.هـ من توضيح الأفكار 199/1.
ـــــــــــــــ ــــــ
وقد ذهب إلى هذا القول بعض المتخصصين في هذا الشأن من المعاصرين
ـــــــــــــــ ـــــ
يتبع بالخاتمة...