وقعت تحت يدي هذه الرواية التي شدتني بلاغة ما كُتب فيها ، وتفاصيل ما فيها مع بساطتها ، وقد حصلت هذه الرواية الحقيقية التي ترجمها للعربية الأستاذ المعروف / يوسف زيدان على الجائزة العالمية للرواية العربية للعام 2008م ، ويبدو أنَّ هذه الراوية انتشرت انتشارا كبيرا لأجل أنَّ الطبعة التي وقعت تحت يدي كانت الطبعة رقم (11) وذلك خلال سنة منذ أن انطلقت طبعتها الأولى !.
و ( عزازيل ) كلمة سريانية معناها بالعربية ( الشيطان ) ،( إبليس ) .
وهذه الرواية عبارة عن مجموعة لفائف ( رقوق ) عددها (30) رقاً اكتشفت قبل عشر سنوات بالخرائب الأثرية الحافلة ، الواقعة إلى جهة الشمال الغربي من مدينة حلب السورية ، وهي الخرائب الممتدة لثلاثة كيلومترات ، على مقربة من حواف الطريق القديم الواصل بين مدينتي حلب وأنطاكية العتيقتين .
وقد وصلتنا هذه الرقوق بما عليها من كتابات سُريانية قديمة ( آرامية ) في حالة جيدة ،نادراً ما نجد لها مثيلاً ، مع أنها كتبت في النصف الأول من القرت الخامس الميلادي ، وتحديداً قبل (1555) من سنين هذا الزمان .
والسر في سلامة هذه اللفائف هو جودة الجلود ( الرقوق ) التي كُتبت عليها الكلمات ، بحبر فاحم من أجود الأحبار التي استعملت في ذاك الزمان البعيد . علاوة على حفظها في ذلك الصندوق الخشبي المحكم الإغلاق .
وقد أودع في تلك الرقوق الراهب المصري هيبا تدوين سيرته العجيبة ، وتاريخ غير مقصود لوقائع حياته القلقة ، وتقلب زمانه المضطرب .
ويذكر الأستاذ يوسف زيدان أنه أوصى بنشر ترجمته لهذه الرواية بعد وفاته ، ثم تراجع ونشرها في حياته بعد أن حطَّ به العمر في أرض الوهن ، وآل زمانه إلى خط الزوال كما قال ، وأنه نادم على ذلك ،ومشفق على نشرها في حياته .
وذكر أنه أمضى سبع سنين في نقل هذا النص من اللغة السريانية إلى العربية .
وقال زيدان : ( ولست واثقاً من أن ترجمتي هذه إلى العربية ، قد نجحت في مماثلة لغة النص السرياني بهاءً ورونقاً . فبالإضافة إلى أن السريانية كانت تمتاز منذ هذا الوقت المبكر بوفرة آدابها وتطور أساليب الكتابة بها ، فإن لغة الراهب هيبا وتعبيراته ، تعدُّ آية من آيات البيان والبلاغة ، ولطالما أمضيتُ الليالي الطوال في تأمل تعبيراته الرهيفة ، البليغة ، والصور الإبداعية التي تتوالى في عباراته ، مؤكداً شاعريته وحساسيته اللغوية ، وإحاطته بأسرار اللغة السريانية التي كتبت بها ) .
وستجد في سيرة هيبا كيفية حياة الرهبان في صومعاتهم ، والحباة الاجتماعية في عدداً من الأسقاع والمدن وخاصة في الإسكندرية ، وأورشليم ( القدس )، وحلب ، وأنطاكية .
والصراع المرير بين بابوات وأساقفة الكنيسة في أنَّ مريم العذراء أم الإله ، أم أم عيسى البشري ، وشدة غلوهم في حرب الوثنيين من اليونانيين وغيرهم ، مما يصدق وصفهم بالإرهابيين الذي ألصقوه اليوم بالإسلام والمسلمين ، وغيرها من أمور تجدها في سيرة هيبا العجيبة التي نستحق إلى وقفات وتعليقات لعلي أنشط لها ونشره في القريب العاجل إذا وفقني الله عز وجل لذلك .
والعنصر النسائي في سيرة الرجل حاضرة بقوة ، بدليل أن اسمه هيبا ليس اسمه الحقيقي ؛ بل هو الجزء الأول من اسم امرأة يونانية كانت تسمي أستاذة الأساتذة في زمنها ، ولذلك قصة ،ولكني لن أفصل قالرواية تجد فيها مايدور في الرؤوس .