المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القضاعي
أما الكلام عن وجود الإجماع أو عدمه , فلا كبير فائدة في بحثه , لأن النقاش يجب أن يكون متجه نحو تحقيق كنه الإجماع , ثم النقاش حول تحققه في مسألة السفور عن وجه المرأة المسلمة .
لذلك لا تتعب نفسك يا عبد الله الشهري في إثبات عدم تحقق الإجماع , لأنك تتفق معي بأن جل الأحكام الشرعية تثبت ولا يحكى الإجماع عليه فضلًا عن أن يُنص عليها .
والإجماع بحسب ما تسأل عنه حضرتك , لا يوجد إلا في مسائل محدودة .
وأما إذا قلنا : أن الاتفاق منعقد على تحريم السفور , والذي معناه : الإيجاب على المرأة المسلمة ستر وجهها عن الرجال الأجانب , بلا خلاف معتبر , فلا يضير من ينقل الاتفاق أن يحكي الإجماع بمعنى عدم وجود الخلاف المعتبر في المسألة .
لأن خلاف من خالف مبني على خطأ في أصل الإستدلال
فالقاضي عياض وتبعه ابن بطال : يقررا الإجماع على وجوب ستر الوجه على أمهات المؤمنين وندبه على من دونهن من نساء المسلمين , وهذا تقرير باطل , فلا يجوز الاعتداد به في الخلاف في المسألة , وهو كخلاف الرافضة في عدالة الصحابة , فهكذا خلاف يسمى خلاف شاذ ولا يقدح في الاتفاق المنعقد , ولذلك تجد من خالف في المسألة كابن القطان والألباني لم يعتبرا قول القاضي عياض وإنما نحو منحى أخر في خلافهم فانتبه .
وأما ما نقلته عن البغوي وغيره من الفقهاء في استثناء الوجه من وجوب التحريم , فهذا ليس كما فهمت يا رعاك الله , وإنما المستثنى ( الوجه ) خرج بأية الترخيص في إبداء ما ظهر من الزينة , والترخيص معناه إباحة مؤقتة لسبب شرعي علقت الرخصة به , فغاية ذلك جواز إبداء الوجه في وقت دون وقت , مع بقاء الحكم الأصلي في حق المستثنى ( الوجه ) عند انقضاء مقتضى الرخصة .
فأنت يا عبد الله الشهري عندك اعتقاد مطلق الجواز لكشف الوجه , وتذهب لتستدل له من هنا وهناك وهذا باطل يا أخي .
فلو أنك تدرس المسألة أولًا بناءً على الأدلة , مع التجرد مما علق في ذهنك من اعتقاد , ثم تجمع بين كلام الفقهاء , فستجد معنى كلامي بعون من الله وتوفيقه .
فالحجاب شرع لحجب النساء عن الرجال , ولذلك جمع ربنا جميع الأصناف النسوية في أية واحدة , مما يدل على اتحاد الحكم في حقهن جميعهن , ولا يجوز التفرقة بين ما جمع الله تعالى .
وقد كانت جميع النساء على هذا الحال حتى نزل التفصيل , في سورة النور , ففهم الفقهاء من قوله تعالى { إلا ما ظهر منها } الترخيص في زينة معينة , وأكرر على كلمة الترخيص , لأن هذه الأية لا تكون بحال ناسخة لأصل التشريع وهو فرض الحجاب في الدور وعند البروز .
والخلاف في الزينة المرخص في إظهارها , هو الخلاف بين الفقهاء , لا أنهم مختلفون في كشف الوجه , هل هو واجب أم مستحب كما غلط بعض العلماء مثل القاضي عياض وابن القطان والألباني رحمهم الله .