كتبت من قبل وما زلت أصرخ "أين من يعتبر بمن قبله؟!!"، كأنك تحدث صماً لا يسمعون، أو مخابيل لا يعقلون. لا أعلم حقيقة ما هي اللغة التي يمكن أن نوصل بها المعلومة أو ندخل بها الفكرة إلى تلك الأدمغة المنتهية صلاحيتها. إنها لكارثة كبرى وفاجعة عظمى أن يمتلك زمام الأمور في الواجهة الإعلامية من لا يقرأ فضلاً عن أن يفكر ليكتب أو حتى يتنبأ. الحديث يدور حول المرأة وسيظل، حتى تخرس تلك الألسنة الموحلة، وتدفن تلك الأقلام القذرة، بل حتى يعود حق المرأة المسلوب حقيقةً. أما الباطل الذي يطبل له أذناب الغرب وعملاؤه فسيذهب جفاء، فتلك أقلامٌ أبت إلا أن تأتي على جسدها المحفوظ فتنهشه حتى إذا انتهت منه، ولت وتركته خاوياً وكأن لم يكن أصحاب تلك الكلمات بالأمس هم الداعين إلى ذلك الجسد، ووُجِدت المسكينة حزينة نادمة أن قد ولى شرفها، وذهبت عفتها، وانتهى جمالها، وانطفأت أنوثتها.

هذا ليس نسجاً من خيال، ولا همهمات مشعوذ أو دجال، بل هو واقع مرير، ونتاجٌ لازم حتمي، لكل من سولت لها نفسها أن تسلم فكرها وعقلها لكل كذاب أشر، لا يعرف من الدنيا إلا شهوته ونشوته، مناع للخير، مفتاح لكل ذي شر. وإن لكل ما ذكرتُ دليل وبرهان، يعري أصحاب العاهات المستديمة فكرياً، والغير سوية قلباً وقالباً..

إذا قلتُ أن أصحاب تلك الواجهة الإعلامية العفنة لا تقرأ فقد عنيت ذلك، وإلا فأي حمار -أعز الله الحمار عن أمثالهم- يقرأ كتب عقلاء الغرب وسادة محلليها الاجتماعيين وهم يصرخون، يبكون، وينتحبون على مجتمعهم الضائع ومستقبله المجهول ثم لا يتعض، بل من ضحالة الفكر، وتأجج نيران الشهوة يريد أمته التي هي براء منه أن تسقط كما سقطت أممٌ من قبل وكما سقط هو معهم من حيث شعر وأراد، فإنه كان سماعا للفتنة ناقلا لها، مستلهما ذلك من الشيطان نفسه دون وسيط، وأي وسيط بينهما وقد غداً منافساً له، ومهيمناً عليه أحياناً أخرى..

إذا كان الغرب قد أبتلي بالشواذ فكرياً وجنسياً وعباد الشهوات، فإن محال إقامتهم معلومة ومتفق عليها في عرفهم وهي عندهم الحانات ودور الدعارة والملاهي الليلية والشوارع وذلك لمن قل ماله أو كثر. لكنك لا تجد أمثال هؤلاء يتصدرون للكتابة في الصحف المرموقة أو غير المرموقة، ولا يتجرؤون على التنظير لمجتمعاتهم، أدباً وحياءً رغم قلته عندهم وانعدامه عند أصحابنا..

لذا فإن علينا أن نتوقع أن أولئك الشرذمة سيطالبون بأي شيء وأي شيء تعني أن نفتح خيالاتنا إلى كل ما لا يخطر ببال، فإن الخنزير قد بال على أسمعاهم وأبصارهم وغشي قلوبهم ما كانوا إليه يسعون ويطمحون.. فزاد الران جزاءً على ما كانوا يكسبون..

تلك كانت مقدمة لفصول قادمة تبرز حقوق المرأة الضائعة بحق، وتوضح بجلاء كيف أنها غـُـيبت بقصد دون أدنى حسن نية من قومٍ ليس بيننا وبينهم ميثاق..