بسم الله الرحمن الرحيم
عصر الانترنت ما له وما عليه
تابعوا معي رحمكم الله هذا البحث
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإليكم أخوتي مستخدمي الإنترنت.. أهدي اليكم هذه الرسالة في كلمات يسيرة، وموعظة قصيرة أذكرها لك في عدة وقفات، وأسأل الله عز وجل أن ينفعني وإياكم بها.. اللهم آمين.
الوقفة الأولى : ما هو الإنترنت؟ وكيف نشأ ومتى؟
في بداية أيلول سبتمبر عام 1969م أمكن امتداد المعلومات بين جهازي حاسب آلي بينهما بضعة أمتار في كاليفورنيا عن طريق الهاتف، ليدشن ذلك ولادة هذه الشبكة نسيج العنكبوت وكانت قد نشأت كفكرة في مختبرات وزارة الدفاع الأمريكية في جزء من برنامج حظر الهجوم والذي يرمي إلى بناء شبكة لا يوجد لها مركز تصلح للاستخدامات العسكرية، وقد قفز عدد الذين اربتطوا بهذه الشبكة وتطور أمرها تطوراً سريعاً حتى بلغ عددهم (180) مليون مستخدم مرتبطين عن طريق (35) مليون جهاز حاسب آلي في العالم، فيما اعتبره بعض الناس أهم اختراع في القرن العشرين.
الوقفة الثانية : هل يمكننا اعتبار الانترنت من أشراط الساعة الصغرى؟
يقول المولى سبحانه وتعالى في سورة العلق:
علم الانسان مالم يعلم
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق ويتقارب الزمان وفي رواية :
ويقترب الزمان ويكثر الهرج، قيل وما الهرج، قال:
القتل [رواه الإمام أحمد].
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في تعليقه على تقارب الزمان المذكور في الحديث: يفسر بما وقع في هذا العصر من تقارب ما بين المدن والأقاليم وقصر المسافة بينها بسبب اختراع الطائرات والحاسوب والسيارة والإذاعة وما إلى ذلك من تكنولوجيا, والله أعلم.
أخي الكريم \ أختي الكريمة
لو طبقنا ما في هذا الحديث من تقارب الزمان وتقارب الأسواق وظهور الفتن وكثرة الكذب لوجدتاه مطابقاً لما في الإنترنت خصوصاً إذا علمنا أنّ بعض المواقع تحوي مئات الآلاف من السلع والتي تستطيع أن تطلع عليها جميعاً بمجرد كتابة عنوان ذلك الموقع والاتصال عليه،
ولعل هذا دليل على قرب قيام الساعة , وذلك اذا علمنا أن ظهور الزنا هو احدى علاماتها, ولعلّ الانترنت يعتبر
االوسيلة الأسرع لانتشار الزنا وظهوره بشكل واضح وعلني, ولا يخفى على أحد أنّ هناك ما لايقل عن
نصف مليون موقع لبث الدعارة والجنس من خلال الشبكة العنكبوتية على مستوى العالم… ولا يكاد بيتا من بيوت المسلمين يخلو من هذه الشبكة.
الوقفة الثالثة : هل يمكننا اعتبار الانترنت وسيلة اعلامية سريعة في الدعوة الى الله؟
هذه الوقفة يُقصد بها الدعاة إلى الله عزوجل, ومن يستطيع أن يقدم خدمة لهذا الدين من طلبة العلم والمشايخ ومن هم في عزلة عن الفتن… وليس لأولئك الذين يريدون الفرجة والاستطلاع الزائد. إن حضورنا الإسلامي على هذه الشبكة ضئيل جداً جداً، وهذا أمر محزن بالنسبة لكوننا خير أمة أخرجت للناس، إن العالم مليء بالجرائم والاعتداءات، وهو يعيش فراغ روحي بلا شك.
عالم يعيش بلا ضوابط ولا حنان ولا أخوة.. وإذا كان ديننا الدين الإسلامي هو الدين الذي أنزله الله سبحانه على رسوله صلى الله عليه وسلم وجعله الدين الذي لا يقبل سواه سبحانه كما في قوله تعالى في سورة آل عمران 19 و 85:
انّ الدين عند الله الاسلام...
ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين فإنه يجب علينا أن تقوم بواجبنا من تبليغ هذا الدين ونشره في جميع أنحاء العالم… واستخدام جميع الوسائل المتاحة لتبليغ هذا الدين ونحن مأمورون بتبليغ هذا الدين ونشره لقوله تعالى في سورة البقرة 143:
لتكونوا شهداء على الناس
وهذا أمر لا مفر منه ولا مجال لنا في تركه إذا أردنا أن نُعلي هذا الدين وأن ننشره بطريقة صحيحة بين الناس. ولابد لذلك من مخططات وتنظيمات ووضع برامج لتحقيق ذلك الهدف المنشود لنا جميعاً ألا وهو نشر الدين الإسلامي بطريقة واضحة… بهدي القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، والواقع يدل على أن الناس متعطشون لمعرفة الحقائق عن الإسلام بل إن هناك أعداد كثيرة دخلت في الإسلام عن طريق الإنترنت..
الوقفة الرابعة : حول الانترنت وسلبية استخدامه
إن هذه الشبكة مع ما فيها من المنافع إلا أن أضرارها أكبر بكثير من منافعها، وسلبياتها كثيرة جداً جداً، وقد انتبه الكفار لهذه الأشياء حتى على مستوى أطفالهم والإدمان، يقضي الطفل الأمريكي من 6 ـ 10 ساعات يومياً على الشبكة.
بل العجيب أن بعض الآباء والأمهات هناك لهم رقابة على أطفالهم عند دخول الشبكة أكثر من بعض آبائنا وأمهاتنا على أطفالنا.. والأعجب من ذلك أن كثيراً منهم بُهتوا وذُهلوا عندما رأوا شدة الإباحية والجنس على تلك الشبكة هذا وهم كفار، فكيف بنا نحن المسلمين؟
إن من أخطار الإنترنت
انتشار مقاهي الإنترنت، وحجم المخاطر التي تأتي منها كبير جداً..هذا عدا حجم المخاطر من سوء استخدام الانترنت لأغراض الدخول على المواقع الاباحية وما ينشأ منها من خلافات بين الأزواج من جهة وما بين الآبناء والآباء من جهة أخرى, وعدا ما ينشأ من سوء استخدام للانترنت من قبل الأبناء بتأثيره السلبي على تراجع الأبناء دراسيا, وهذه بعض الأرقام التي تؤكد ذلك، يقول بعض القائمين على مقاهي الإنترنت إن 70% من القادمين إلينا يأتون للتسلية المحرمة (اتصالات مع الأجنبيات ، الإتصال على مواقع الفحش والرذيلة…). 85% من الأمريكيين يدخلون على مواقع إباحية 90% من الشباب في بعض الدول العربية يدخلون على المواقع الإباحية.
الوقفة الخامسة : الانترنت والادمان
انّ الادمان لم يعد يقتصر على المخدرات فحسب بل إنه ظهر الآن نوع من جديد من أنواع الإدمان ألا وهو إدمان الإنترنت.
علامات ادمان أومدمن الإنترنت
1 ـ اشتهاء المدمن موضوع إدمانه دائماً والشغف به.
2 ـ الألم الشديد عند مفارقته.
3 ـ الرجفة واضطراب المزاج والضيق والتأفف وحصول الاصطدام بين المدمن وبين من يعايشونه.
4 ـ فقدان الوظيفة.
5 ـ الوقوع في الميسر والفواحش.
وقد ذكرت دكتورة أمريكية في محاضرة عن إدمان الإنترنت أنها قد وصلت إلى نتيجة بعدة أسئلة تطرح على مستخدم الشبكة، فإذا أجاب على أحدها بالإيجاب فهو مدمن إنترنت، ومن تلك الأسئلة:
ـ هل هدد ارتباطك بالإنترنت وظيفتك أو علاقتك الأسرية؟
ـ هل ترى في الإنترنت وسيلة للهرب من مشاكل حياتك اليومية؟
ـ هل تكذب بشأن عدد الساعات التي تمضيها مع الإنترنت؟
إلى غير ذلك من الأسئلة…
أعراض هذا الإدمان
الأرق ـ إجهاد اليدين ـ آلام الظهر ـ آلام المعصم من كثرة العكوف على الجهاز.
الوقفة السادسة : نصائخ لمستخدمي الإنترنت
أولاً: إذا كنت في غنى عن هذه الشبكة فاستغن عنها ولا تسمح لأولادك بالذهاب إلى مقاهي الإنترنت.
ثانياً: إذا كنت من المضطرين إلى استخدامها فإليك هذه الوصايا:
.
1ـ لا تُسلم هذه الشبكة إلى الصغار والمراهقين والمراهقات فهذا خطر بالغ جداً لا يمكن أن يرضي به مسلم.
2ـ يجب أن ينحصر استخدام هذه الشبكة فيمن يستفيد منها، وفيما يفيد مثل: الاستفادة الشرعية (دعوة ـ نشر علم)، وكذلك أصحاب رسائل الماجستير والدكتوراة، الأطباء، إلخ.
ويجب أن يُمنع من استخدامها كل من يريد: الفرجة، إثبات القدرة على اختراق المواقع، الفضول، حب الاستطلاع، إلخ.
3ـ استخدم الإنترنت في البحث عن المواقع الإسلامية الصحيحة العقيدة والمنهج، والاستفادة من تلك المواقع.
4ـ لا يغرك الشيطان بأن يُزين لك الاشتراك في الإنترنت بحجة الدعوة إلى الله وأنت غير صادق فيما تقول، وإذا أردت أن تعرف لماذا اشتركت في الإنترنت؟ فأنظر في المواقع التي تتصل عليها؟ وما هو الغالب منها.
هل هي المواقع الإسلامية أم أنها مواقع أخرى؟
أيها الأخ الكريم.. إلى أي حد نفقد تعاليم ديننا ونبتعد عنه إذاً نحن ولجنا في هذه الشبكة العنكبوتية بقصد الاطلاع على المواقع الإباحية والاستمتاع ـ كما يزعمون ـ بمشاهدة تلك الصور الفاضحة المخزية.
أخي أكرمك الله بجنته.. ألا تعلم أن داء الشهوة والغرام يؤدي بالإنسان إذا تعلق به ودخل في قلبه إلى الوصول أحياناً إلى الكفر بالله سبحانه!. كان أحدهم مغرماً بغلام اسمه أسلم فمرت عليه فترة ولم ير ذلك الغلام فأصابه المرض حتى وعده أحدهم أن يحضر له الغلام الآن، فكان ينتظره على أحر من الجمر وعندما جيء بالغلام فكر الغلام في نفسه، وقرر أن يرجع فذهبوا إلى ذلك الرجل وقالوا له: لقد رجع الغلام فأنشد أبياتاً في الغلام كفر فيها ومنها:
لقاؤك أشهى لي من رحمة الخالق الجليل
أرأيت يا أخي أن البداية كانت حب وغرام بريء ـ كما يقال ـ فكانت النهاية كفر بالله سبحانه. والقصص على هذا الشيء كثيرة جداً ومعروفة.
أخي في الله
أين نحن من أسلافنا الصالحين؟ كان الربيع بن خثيم رض الله عنه من شدة غضه لبصره وإطراقه برأسه تظن النساء أنه أعمى، وقال ابن سيرين رحمه الله: والله ما غشيت امرأة قط في يقظة ولا في منام غير أم عبد الله ـ يعني زوجته ـ وإني لأرى المرأة في المنام فأذكر أنها لا تحل لي فأصرف بصري عنها.
أيها الأخ الفاضل
إذا عرضت لك نظرة لا تحل فاعلم أنها مسعر حرب فاستتر منها بحجاب وان امتثلت لقوله تعالى : قُل لِّلْمُؤْمِنِين َ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ تكون فقد سلمت من الأثر وكفى والله المؤمنين القتال.. ولا ترم بسهام النظر فإنها والله فيك تقع، رب راع مقلة أهملها فأغير على السرح.
كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مُستصغر الشرر
كم نظرة ٍ فعلت في قلب صاحبها فعلَ السِّهام بلا قوس ٍ ولا وتر ِ
يا بائعاً نفسه بهوىً من حبـِّه ضنى، ووصله أذى، وحُسنه إلى فناء، لقد بعت أنفسَ الأشياء بثمنٍ بخس ٍ. كأنك لم تعرف قدر السلعة ولا خسَّة الثمن، حتى إذا جاء يوم التغابن تبيَّن لك الغـُبُن في عقد التبايع.
لا إله إلا الله سلعة الله مشتريها وثمنها الجنة والمرشد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ترضى بيعها بجزء مما لا يساوي كله جناح بعوضة!!!
أخي مستخدم الإنترنت.. إذا ضغطت بأناملك على لوحة المفاتيح للاتصال على أحد المواقع وقبل أن تضغط على مفتاح الإدخال (enter) تذكر أن الله سبحانه وتعالى أقرب إليك من حبل الوريد، وهو عالم جل في علاه بالسر وأخفى، فانظر أخي الكريم إن كان الموقع الذي تريد أن تتصل معه، فيه شيء من غضب القوي العزيز فإني أناديك قائلاً في سورة غافر 39
و40مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ.
وإن كان الموقع الذي تريد أن تتصل معه فيه طاعة لله أو علم نافع مفيد أو أخبار للمسلمين فامض على بركة الله وجد في الدعوى إلى الله , واحذر أن تقع فيما نهاك الله عنه، أسال الله عز وجل أن يجمعني وإياك في جنات النعيم وأن يقينا وإياك سوء الفتن ما ظهر منها وما بطن .
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين