اطلعتُ على مقال رائع بموقع المسلم بعنوان ( ماكان لله بقي .. الإخلاص في التأليف )للكاتب عبدالمجيد المنصور، تعرَّض للموضوع من زواياه، وحشد في ذلك روايات كثيرة عن مؤلفين مع بيان بعض الأمور التي تدل على الإخلاص مع تعليقات رائعة ، مثل قوله بعد ذكر أمثلة لكتب نفع الله بها واشتهرت وبقيت ، قال :
( ولا يعني بحال أننا نجزم أن كل كتاب نفع الله به ظاهراً أن صاحبه كان به مخلصاً، ولا أي كتاب اندثر ولم يبق، أن في إخلاص مصنفه شيئاً؛ لأن أعمال القلوب علمها عند علام الغيوب، فقد يكتب الله البقاء الدائم لكتاب أراد مؤلفه منه الشر أو الحياة الدنيا أو ضعف إخلاصه فيه، ويُقيّض الله له من يعتني به ابتلاء وامتحاناً لمؤلفه أو لآخرين، وقد يكتب الله لكتاب آخر الفناء والانقطاع السرمدي ابتلاء وامتحاناً، أو رحمة لمؤلفه، وليس لضعف في إخلاصهم، وهذا الظن في السلف وكتبهم التي لم يكتب لها البقاء مثل موطأ ابن أبي ذئب وابن وهب وغيرهم.
وقد يكون هناك من الأسباب النظرية التي تجعل الكتاب ينتشر ويشتهر دون غيره إضافة إلى أمر الإخلاص، وهو عناية التلاميذ، وكثرة الأصحاب والأتباع، وفي عصرنا الحاضر الدعاية الإعلامية، وحسن الطباعة والإخراج وغير ذلك من الأمور الظاهرية التي في الحقيقة وحدها ليست بشيء إذا انعدم معها الإخلاص، بل لا أبالغ إذا قلت إن وجود الإخلاص وحده كاف في إشهار الكتاب وبقاءه على مدار التاريخ، ولو بدون دعاية أو حسن طباعة، بل ربما تصير أقوال العالم كتباً على مدار التاريخ لم يسطرها بيده، ولكن سطرها الإخلاص لله، والصدق معه، والجهاد باللسان، فيقيض الله لكلامهم من يدونه فيكون كتاباً ينفع الله به المسلمين أجمع، وقد حفظ لنا التاريخ شيئاً كثيراً من ذلك، وتراثاً ضخماً من أقوالهم.)
قلتُ : ولا يعني أن من اشتهر كتابه وذاع صيته بالخير يدل على إخلاصه ، فقد اشتُهرت كتب وتجد مؤلفيها غير إسلاميين بل لم يمتثلوا ما ألفوا، مثل كتاب ( دع القلق وابدأ الحياة ) لمؤلفه : ديل كارنيجي ، فقد مات منتحرا ، والكتاب من أكثر الكتب مبيعا في البلدان الإسلامية ، كذلك اشتُهِر حاتم الطائي بالكرم وهو مشرك ، ومن الأمثلة المعاصرة موقف الرئيس التركي اردوغان واشتهاره بموقفه في أحداث غزة وأنه مخلص في القضية وأشتُهِر أنه اسلامي وأجواء بلده مفتوحة لإسرائيل .
لكن لايلزم من ذلك أن نسيء الظن بأحد ، بل نتمسك بالأعمال الصالحة، ومنها إحسان الظن في المسلم وفي تأليفه سواء اشتهر أم لم يشتهر، فما دام أنه مسلم نحسن الظن فيه مادامت تصرفاته الظاهرة شرعية ولم يرتكب ما يخل بالشرع .
فها هي اللجنة الدائمة للبحوث الاسلامية تحذر من كتب معينة ومن أصحابها دون الدخول في نية أصحابها على التعيين مع ان الكتب خطيرة .
- ثم إني أرجو منكم أيها الاخوة عرض مسائل أخرى متعلقة بالموضوع، وسأذكر إن شاء الله شيئاً منها .