لعلي وهمت لما قرأت قول الجاحظ:"نظرت في كتب هؤلاء النبغة الذين نبغوا فلم أر أحسن تأليفاً من المطلبي كأن فاه نظم دراً إلى در".
ولا يخفاكم أن الجاحظ صنو الشافعي ولدا في نفس السنة وتأخرت وفاة الجاحظ عنه
لعلي وهمت لما قرأت قول الجاحظ:"نظرت في كتب هؤلاء النبغة الذين نبغوا فلم أر أحسن تأليفاً من المطلبي كأن فاه نظم دراً إلى در".
ولا يخفاكم أن الجاحظ صنو الشافعي ولدا في نفس السنة وتأخرت وفاة الجاحظ عنه
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لم يخف علي شيء مما قلت بارك الله فيك، ولكن يبدو أنك لم تتأمل كلامي جيدا.
سأحاول أن أبسط الكلام حتى يتضح؛ لأن الإخوة مع طول ملابستهم لمسائل العلم قد يخفى عليهم الأصول التي بنيت عليها هذه المسائل.
لو قيل لك مثلا: إن المرتبة الأولى باطلة لا تصح إلا إن كان لدينا سند صحيح متصل إلى مؤلف الكتاب، فماذا سيكون جوابك؟
لا شك أنك ستجيب بأن هذا الكلام واضح الخطأ؛ لأن العلماء جروا على قبول مثل هذا من غير نكير (ما لم يعلم أن الكلام باطل لدليل آخر).
ولو قيل لك مثلا: إن العلماء يقبلون كثيرا من المرتبة الرابعة إن لم تكن في الحلال والحرام، وهذا مشهور عنهم لا أظنه يخفى على مثلك، فماذا سيكون جوابك؟
ولو قيل لك مثلا: عندنا مرتبة أخرى، وهي (التوثيق من كتاب منقول إلينا بسند ضعيف)، فأين ترى موضع هذه المرتبة من المراتب التي ذكرتها؟ وهل ترى أنها تختلف عن التوثيق من كتاب بغير سند أصلا؟
والآن تأمل الموضوع الذي معنا وطبق عليه ما سبق ذكره:
فمسألة سند صحيح وسند ضعيف وغير ذلك من القواعد التي وضعها المحدثون هي للتطبيق على النصوص النبوية في المقام الأول، ولا تطبق في جميع العلوم إلا بضوابط أخرى وطرق أخرى معروفة عند أهل كل فن، فمثلا: إذا جاءنا الأصمعي أو سيبويه ونقل كلاما عن العرب فإننا لن نسأله عن سنده إلى العرب، مع أنه لا شك من المحتمل جدا أن يكون سنده ضعيفا أو فيه كذاب، ولكن هذا الاحتمال غير معمول به عند أهل الفن؛ لأنهم لهم طرق وقواعد أخرى في التثبت والتوثيق.
وبالنسبة للكتب والمخطوطات، فللعلماء طرق وقواعد في التثبت والتوثيق منها خط المؤلف أو خط تلاميذه أو وجود السماعات أو نوع الخط والورق وغير ذلك من قواعد التثبت.
ولا يصح مثلا أن يأتي بعض المعاصرين ويقول: إن الراجح عدم حجية الرواية من الصحيفة، وبناء على هذا يسقط الاحتجاج بكتب الحديث مثلا.
فالمهم أن كل فن له طرقه في التثبت والتوثق بناء على كلام واستقراء أئمة هذا الفن.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي أبو مالك أسعد الله مساءك وأبهج لياليك ، دعنا نبدأ من جديد ونأخذ المسائل واحدة واحدة .
أولا : حين أحيل إلى كتاب سيبويه أو أي كتاب للجاحظ ، هل أنا أحيل إلى مرجع موثق ومقبول عندك بأنه لسيبويه أو للجاحظ .
وإن كان كذلك فهل هو من المرتبة الأولى السابقة أم من مرتبة أخرى ؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جوابي معروف يا شيخنا الفاضل، وأرجو أن تدخل في الموضوع مباشرة (ابتسامة).
ولا يمتنع أن نشكك في بعض المواضع دون بعض من أمثال هذه الكتب، بناء على قرائن وأمارات أخرى.
وأنت ترى المحققين يحكمون على بعض ما في هذه الكتب بأنه مقحم أو محرف أو أنه من إضافات النساخ، أو غير ذلك.
فليست الثقة بها مطلقة كما تحسب.
سأدخل في الموضوع مباشرة لكن إذا سمحت لي ياشيخنا بهذا الاستفسار وهو شبه دخول مباشر :
افترض أن أبا هلا ـ وهو الثقة الثبت ـ نسب كلاما موجودا في كتاب سيبويه للشافعي ، ثم أتاك أبو هلا بسند متصل منه إلى الشافعي ولكن فيه رجل متهم فبأيهما تأخذ بكتاب سيبويه أم بسند أبي هلا ؟
لن أقبل أيا منهما، فتأمل (ابتسامة)
إذن فأنا سأنسب الكلام السابق للجاحظ لثقتي في نسبته إليه ( لم أقل ليقيني ) ، وستنسبه أنت لشخص مجهول لا تعرفه !!!
أما من ينسبه للشافعي فعليه الإتيان ببينة توازي بينتي .
طيب أجبني عن أسئلة المشاركة (23)
شيخنا الكريم أظنك تقصد هذه الأسئلة فإن كان هناك غيرها فأخبرني :
هذه الأسئلة مذيلة بإجابتها :
وجوابي هو :
والسؤال الثاني :
وجوابي هو :
ولعلك تتساءل الآن عن سبب عدم قبولي المرتبة الرابعة هنا في مسألتنا ، والجواب لوجود المعارض وهو المرتبة الأولى أي كتاب المؤلف نفسه .
والسؤال الثالث :
أصدقك القول أني شعرت أنه سؤال زائد في كلامك مذ قرأته في المرة الأولى ، لأنه لم يتبين لي الفرق بينه وبين السؤال الأول !!! لذا سأجيب بنفس جواب السؤال الأول :
اعذرني إن لم أفهمك جيدا ، أو لم أبين جيدا .
ولماذا لا أقبله ؟؟؟؟؟
طيب ممتاز.
الآن لو افترضنا أن الجاحظ قال في كتابه (قال بعض العلماء .....)
فهل هذا في رأيك يعارض القبول أو يؤيده؟
ألم أقل لك إنك داهية ، والجواب سأقول : لعل المقصود بإشارة الجاحظ هنا هو الشافعي . ولعله غيره ( الخليل ، الأصمعي ، أبو عبيدة .... )
أما أن أنكر نسبته للجاحظ . فلا أظنك تقول بذلك بل صرحت في مشاركة سابقة بأنك تميل إلى كونه للجاحظ !!!
لكني على الرغم من قولي ( لعل ) سأبقى في شك من نسبته للشافعي ، لأمور : منها ضعف هذا الخبر ، ومنها عدم وجوده عند غير ابن عساكر على الرغم من كثرة من ترجم للشافعي ، ومنها أن رواة هذا الخبر شافعية كلهم ، ومنها اعتمادهم على الذاكرة في نسبة كثير من الأقوال في هذا الباب .....
ولا زال موقفي هذا أفضل ممن ينكر نسبة القول لأحد الرجلين !!!!!( ابتسامة)
مقبولة منك يا شيخنا الفاضل (ابتسامة)
هذا صحيح، ولكن ليس عندنا أدنى إشارة إلى تسمية واحد من هؤلاء، فمجرد الظن والتخمين هنا لا يجدي.
ويمكن أن يقال: إن كلام الجاحظ شاهد للمنقول عن الشافعي، فهو يقويه ولا ينفيه؛ إذ لا تعارض بينهما.
فلو كان المذكور في تاريخ دمشق عن الخليل مثلا، أكنت ستقبله؟
أنا أميل لكونه للجاحظ بناء على معرفتي بأسلوب الجاحظ، ولكن المسألة تبقى محتملة.
وكل مناقشتي معك في عموم المسألة وليس في خصوص هذا الموضع.
ويمكن أن نكشف في يوم من الأيام أن هذا الكلام قاله أرسطو ثم ترجم إلينا.
يبدو أنك فهمت كلامي السابق على غير وجهه، فأعد النظر في كلامك الذي رددتُ عليه بهذا.
أشكرك أخي أبو مالك على هذا الحوار الممتع ، والهدوء في الطرح ، وقلة الحز وإصابة المفصل كما يقول الجاحظ ( يارب يكون للجاحظ ) .