قال الإمام ابن القيِّم رحمه الله في زاد المعاد (3/303) عند ذكر فوائد قصَّّة صلح الحديبية:
((ومنها أنَّ
المشركين، وأهل البدع، والفجور، والبغاة، والظلمة، إذا طلبوا أمرًا يعظِّمون فيه حُرْمَةً من حرمات الله تعالى
أُجِيْبُوا إليه، وأُعْطُوه، وأُعِيْنُوا عليه، وإنْ مَنَعُوا غيره؛ فيُعَاونون على ما فيه تعظيم حرمات الله تعالى،
لا على كُفْرِهم وبَغْيِهِم، ويُمْنَعون ممَّا سوى ذلك.
فكل من التمس المعاونة على محبوب لله تعالى مُرْضٍ له أُجِيْب إلى ذلك
كائنًا من كان؛ ما لم يتَّرتب على إعانته على ذلك المحبوب مبغوضٌ للهِ أعظم منه.
وهذا من أدقِّ المواضع وأصعبها وأشقِّها على النفوس.
ولذلك ضاق عنه من الصحابة من ضاق، وقال عمر ما قال، حتى عمل له أعمالًا بعده، والصِّدِّيق تلقَّاه بالرِّضى والتَّسليم حتى كان قلبه فيه على قلب رسول الله
، وأجاب عمر عمَّا سأل عنه من ذلك بعين جواب رسول الله
، وذلك يدلُّ على أنَّ الصِّديق ررر أفضل الصَّحابة وأكملهم وأعرفهم بالله تعالى ورسوله
، وأعلمهم بدينه، وأقومهم بمحابِّه، وأشدِّهم موافقةً له، ولذلك لم يسأل عمر عمَّا عرض له إلَّا رسول الله
، وصديقه خاصَّةً دون سائر أصحابه)).