بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله تعالى الذي أكرمنا من فضله وعطائه ووفقنا للخير و مرضاته
إن كتاب ( رياض الصالحين ) من أوسع كتب الحديث النبوي انتشارا , وأكثرها تداولا و اقتناءا , فشهرته بلغت الخافقين , و محبته سكنت القلب و العينين .
فقد اعتنى به الإمام النووي عناية كبيرة , جمع ما يحتاج إليه السالك في سائر الأحوال , واشتمل على ما ينبغي التخلق به من الأخلاق , والتمسك به من الأقوال و الأفعال , مغترفا له من عباب الكتاب والسنة النبوية , فانتقى أحاديثه من دواوين السنة المطهرة , وجمع شملها في كتب وأبواب , فأحسن الترتيب , لذلك احتل منزلة عالية لدى أهل العلم وطلابه , والخطباء والعامة , لهذا قد كان ولا يزال أهل العلم يوصون بهذا الكتاب , ويدلون عليه , ويحثون على قراءته , والإستفادة منه : * قال الإمام الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) " .... فعليك – يا أخي – بتدبر كتاب الله ,و بإدمان النظر في الصحيحين , وسنن النسائي و رياض الصالحين و الأذكار , تفلح وتنجح ....." * وقال الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى ( ....كما أوصي بمراجعة كتب أهل العلم المفيدة , مثل المنتقى للمجد ابن تيمية , ورياض الصالحين ) * وكان محدث العصر الشيخ الإمام محمد ناصر الدين الألباني يوصي بقراءته و الإستفادة منه , لهذا تجد لا يكاد يخلو منه بيت أو مكتبة مسجد أو مدرسة , فهو- بحق – كتاب جليل لا يستغنى عنه , وهو – بصدق – مختصر جامع , اشتمل على ما يكون طريقا لصاحبه إلى الآخرة , جامعا للترغيب والترهيب والزهد ورياضات النفوس .
ولقد إلتزم الإمام النووي ألا يذكر فيه إلا ما ثبت من أحاديث سيد المرسلين , ولقد وفى رحمه الله تعالى بالتزامه , إلا أحاديث قليلة تبين أنها ضعيفة , فلذلك كان لا بد من إخراجها من هذا الكتاب الجليل , ليتم انتفاع الأمة به : علماء وطلاب علم وخطباء وعامة .
قال الإمام النووي من بين ما قاله في مقدمة كتابه ( فرأيت أن أجمع مختصرا من الأحاديث الصحيحة ) قال الإمام محدث زمانه فريد من نوعه الشيخ الألباني : ( ولعل عذر المؤلف – رحمه الله – في وقوع هذه الأحاديث الضعيفة في كتابه – مع حرصه على الإقتصار على الأحاديث الصحيحة – إنما هو اعتماده غالبا على تصحيح أو تحسين الترمذي , وسكوت أبي داود على الحديث , وقد صرح بذلك في مقدمة كتابه ( الأذكار ) فقال ( ص 65 ) ( روينا في سنن ابي داود بإسناد جيد لم يضعفه ) , ولم يتفرغ هو بنفسه لأجراء التحقيق عليها , فاعتمد عليهما , وهو طريق أكثر المشتغلين بالحديث من الفقهاء المتأخرين , وقل منهم من يحقق بنفسه الكلام عليها حديثا حديثا , كما هو صنيع الحافظ ابن حجر في بعض كتبه , ويندر أن يضاهيه في ذلك أحد من المتأخرين الذين جاؤوا من بعده , وإلا فلو أن النووي – رحمه الله – توجه أو تيسر له النظر في أسانيد تلك الأحاديث , لتبين له – إن شاء الله – عللها وضعفها .
ويحتمل أن له عذرا آخر , وهو : ما يصرح به – هو نفسه – في مقدمة ( الأذكار ) : ( وأما ما كان في غير الصحيحين , فأضيفه إلى كتب السنن وأشباهها , مبينا صحته وحسنه أو ضعفه – إن كان فيه ضعف – في غالب المواضع , وقد أغفل عن صحته وحسنه وضعفه ) .
قال الشيخ الجليل ( سليم الهلالي ) وقد بلغ عدد الأحاديث الضعيفة في كتاب رياض الصالحين – حسب نقدي – 64 حديثا , وكنت – والحمد لله – حريصا على ذكر من ضعفه من أهل العلم , وكنت في جلها مسبوقا في هذا التضعيف , ولم أتفرد في تضعيف حديث واحد منها . ص 10
وعملي إن شاء الله تعالى في هذه السلسلة هو نقل تلك الأحاديث الضعيفة – وسأنقل كلام واحد ممن ضعفها للإختصار أو أذكر حكمه على الحديث فقط ومن أراد أن يعرف ذلك بإسهاب فلينظر للكتاب الأصل وهو صحيح رياض الصالحين للشيخ سليم الهلالي - وإظهارها للطلاب الكرام لينتبهوا لها وينبهوا منها .
و جزاكم الله تعالى كل خير