فقهُ الذَنْبِالله سبحانه وتعالى قد خلق الخلق على أكمل وجه وصورة ، إلا أن هذا الكمال يعتريه النقص بالإساءة والمعصية ((ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير))
وإذا تقرر هذا ، تقررَ معه أمرٌ حتمٌ لابد منه ، وهو أن الإنسان يعصي ربه ويخالف أمره ونهيه – أياً كان هذا الإنسان – إلا الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام- ، بل قد جاء في حديث الشفاعة المشهور : وهو أن الناس يأتون إلى الأنبياء يطلبون منهم الشفاعة ، فيقولون : إن ربي غضب غضباً لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله ، فآدم يقول : إني أكلت من الشجرة وقد نهيت عنها ، وإبراهيم يذكر كذباته ، وموسى يندم على قتله نفساً لم يؤمر بقتلها .. عليهم الصلاة والسلام.
قد يفهم من رقمي لهذا الموضوع بـ" فقه الذنب " التهوين من أمر المعاصي والتسويغ لها ، وهذا ما جعلني أتردد كثيراً . ولكني لما علمت ونظرت إلى خطاب الله إلى خلقه ، وكيف وعدهم بالمغفرة عند الإساءة ، والرحمة عند المعصية إذا تبعت المعصية والخطأ التوبة الصادقة .
لقد تربينا في مجتمعاتنا على التخويف بالذنب إلى حد اليأس ، وكان الأولى أن نربى على الرجوع إلى الله ، والإنابة إليه في كل هفوةٍ نرتكبها .
فما أعظم قول ربنا (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم )) فانظر كيف ناداهم الرحمن ، والرحيم بهم بمقام العبودية مع وقوعهم واقترافهم بالمعـاصي ، ثم انـظر كيف فتح الباب أمـامهم ووعـدهم بالمغفرة والرحمة .
إن فقه هذه المسألة أنه قد يتوهم متوهمٌ أن هذا النداء لمن وقع بالذنب للمرة الواحدة . فجاء الشفاء النبوي ليوضح هذا الأمر غاية الإيضاح ، ويزيل اللبس على من التبس الأمر عليه أو لمن لَبِس ثوب المعاصي ووقع في تلك الذنوب والأخطاء وتكرر منه الذنب ... ((إن عبدا أصاب ذنبا فقال: رب أذنبت فاغفره فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ به ؟ غفرت لعبدي ، ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا فقال:ربي أذنبت آخر فاغفر لي ،قال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ به ؟ غفرت لعبدي ثم أصاب ذنبا فقال: رب أذنبت آخر فاغفر لي قال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ به ؟ قد غفرت لعبدي ، فليعمل ما شاء)) رواه الشيخان
إن الوقوع بالذنب ليس عيباً كله ، وإنما الاستمرار عليه هو العيب ، وليس الخطأ أن تكرر المعصية من الشخص ، ولكن الخطأ أن ييأس المرء من الاستغفار ويمل من التوبة .
إن ما ينتظره منا عدو آدم وذريته وهو اليأس والقنوط ، ويرسل الإشارات لنا أنه لا يعقل أن نتوب مع كل ذنب ، وهذا بزعمه هو النفاق والاستهتار ، بينما ربنا ينادينا ((لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ))..ورسولنا يعلمنا ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها ..))
وإن بيت القصيد ومكمن المسألة يستقر بالآتي..
• إذا أذنبت فتب ..
• وإذا تكرر منك فاستغفر ...
• أتبع السيئة الحسنة تمحها ...
• لا تجاهر ... ولا تعير ...
• وأعظمها ... تب إلى الله ولا تيأس أو تقنط ، تب إلى الله ولا تيأس أو تقنط ، تب إلى الله ولا تيأس أو تقنط .
زياد بن عبد العزيز الطرباق
Ziad_321@hotmail.com