من خلال ممارستكم العملية، للاستذكار، ما هي الفوائد التي تفرَّد بها دون التمهيد ؟
من خلال ممارستكم العملية، للاستذكار، ما هي الفوائد التي تفرَّد بها دون التمهيد ؟
الشيخ عبدالله الحمادي من الخبراء في ذلك ، فقد أمضى وقتاً ممتعاً أحسبه في جنبات تراث أبي عمر الأندلسي وفي البقية خير وبركة ، وننتظر جوابه.
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم
كنت سأذكر أسماء، لكني تدبرت، فأعرضت
وبمشاركتكم الكريمة
أقول:
من الخبراء - فيما أحسب -
المشايخ الكرام:
الباجي، وابن السائح، والحمادي، ...
بارك الله فيكما وشكر لكما حسن الظن
ولعل الأخ الباجي يفيدنا بما في جعبته، وكذا الأخ ابن السائح وفقهما الله
وإلى أن يفيدا أقول:
الفوائد التي تفرد بها كتاب الاستذكار عن التمهيد كثيرة ومتنوعة
فقهية وحديثية ولغوية وغيرها
والفروع الفقهية فيه أكثر من التمهيد
هذا جواب سؤالك أخي (وشوشة) باختصار
وأما التمثيل فيحتاج إلى وقت ومراجعة
وهنا ألفت النظر إلى خطأ القول بأنَّ الاستذكار مختصرٌ للتمهيد
فهذا خطأ ظاهر، بل الاستذكار شرح مستقل عن التمهيد، وفيه ما ليس في التمهيد، ويكفي أنه شرحٌ لكامل الموطأ بخلاف التمهيد
وكذلك في التمهيد ما ليس في الاستذكار
وكثير من إحالات ابن عبدالبر في التمهيد على الاستذكار متعلقة بالأسانيد، وهناك إحالات متعلقة بفقه الحديث وغريبه
أحسن الله إليكم،
قال في الاستذكار
(أما بعد:
فإن جماعة من أهل العلم وطلبه، والعناية به، من إخواننا - نفعهم الله وإيانا بما علمنا -، سألونا في مواطن كثيرة مشافهةً، ومنهم من سألني ذلك من آفاق نائية مكاتبةً، أن أصرِّفَ لهم كتاب «التمهيد» على أبواب «الموطإ» ونسقه، وأحذف لهم منه تكرار شواهده وطرقه، وأصل لهم شرح المسند والمرسل = اللذين قصدت إلى شرحهما خاصة في «التمهيد»، بشرح جميع ما في الموطأ من أقاويل الصحابة والتابعين، وما لمالك فيه من قوله الذي بنى عليه مذهبه، واختاره من أقاويل سلف أهل بلده - الذي هم الحجة عنده على من خالفهم -، وأذكر على كل قول رسمه وذكره فيه، ما لسائر فقهاء الأمصار من التنازع والاختلاف في معانيه، حتى يتم شرح كتابه «الموطإ» مستوعبًا مستقصى بعون الله - إن شاء الله -، على شرط الإيجاز والاختصار، وطرح ما في الشواهد من التكرار؛ إذْ ذلك كله ممهَّد مبسوط في كتاب «التمهيد»، والحمد لله
وأقتصر في هذا الكتاب من الحجَّة والشاهد على فِقَر دالَّة، وعيون مبيَّنة ونكت كافية؛ ليكون أقرب إلى حفظ الحافظ، وفهم المطالع - إن شاء الله -).
وعليه، قد بان لنا من هذا النص المهم = جدا
ما هي الفوائد التي انفرد بها الاستذكار، دون التمهيد.
والله الموفق
لا شك عندي، أن الشيخ الحبيب قد اطّلع، من قبل على النص الذي أوردته، سابقا، لا سيّما وأن له عناية خاصة بابن عبد البر – رحمه الله – ، والنص إنما هو تدعيم وتأكيد لما ذَكر، وهذه قراءتي لنص ابن عبد البر – رحمه الله - :
أقول:
إنّ كتاب الاستذكار كان نتاج الخطوات التالية:
• قام ابن عبد البر بإعادة ترتيب التمهيد، فبعد أن كان ترتيبه على حروف المعجم في أسماء شيوخ مالك، رتبه ترتيبا فقهيا على أبواب الموطأ ونَسَقِه.
• قام بحذف المكرر من الشواهد والطُرق.
• احتفَظ بشرحه للمسند والمرسل، ثم جمع إلى ذلك شرح جميع ما في الموطأ من أقاويل الصحابة والتابعين، وما لمالك فيه من قوله الذي بنى عليه مذهبه واختاره، ثم تعهّد بأن يذكر ما لسائر فقهاء الأمصار من التنازع والاختلاف.
وكان الاستذكار
فبعد سرد هذه الخطوات لا أستطيع أن أقرّر أن الاستذكار إنما هو محض اختصار للتمهيد، فهذا خطأ بيّن، كما صرّح بذلك شيخنا من قبل.
ولكن في الوقت نفسه، لا أستطيع أن أغمض عيني، بأنه ثمة اختصار.
أيضًا لا أوافق على أن (الاستذكار شرح مستقل عن التمهيد)، بل هما متمازجان متوائمان مكمّلان لبعضمها البعض = لا غنى لأحدهما عن الآخر.
هذه وجهة نظري، والله يحفظكم ويرعاكم.
تنبيه:
قال الشيخ الحمادي، وفقه الله:
(وكثير من إحالات ابن عبدالبر في التمهيد على الاستذكار متعلقة بالأسانيد، وهناك إحالات متعلقة بفقه الحديث وغريبه)
هنا سبق قلم – غير مقصود -، والعكس هو الصحيح = (وكثير من إحالات ابن عبدالبر في الاستذكار على التمهيد متعلقة بالأسانيد).
طبعا نسيت أن أقرّر أنني لست خبيرا
ولكنها الفائدة
أولاً: أشكر أخي الحبيب أشرف على نقل كلام الإمام ابن عبدالبر في مقدمة الاستذكار، وكلامُه معروف، وقد نقلتُه في حوار سابق مع أحد الأحباب
ثانياً: كلامي عن الاستذكار والتمهيد هو من واقع تجربة طويلة مع الكتابين، وليس من خلال فهم كلام ابن عبدالبر في مقدمته بمعزلٍ عن ممارسة كتابه، فإن العالم قد يذكر في مقدمة كتابه منهجَه في الجملة، ويُغفِل ذِكرَ التفاصيل، وقد ينفي أشياء هي موجودةٌ فيه، وإنما كان نفيُه لها بالنظر إلى الأغلب
ولذا فكون الإمام ابن عبدالبر:
فإنما هو من حيث الغالب، وإلا ففي الاستذكار أسانيد مذكورة في التمهيد من الطريق نفسها، ولكنها قليلة
كما أنَّ في الاستذكار من الأسانيد ما ليس في التمهيد
بل تجد ابن عبدالبر في التمهيد أحياناًَ يحيل على الاستذكار، وهي مواضع قليلة، وقد كان رحمه الله يتعاهد كتابه، فيضيف إليه؛ كما يتبين هذا من كلامه في بعض المواضع
لكن الأغلب –كما ذكرت سابقاً- تميُّز التمهيد من هذه الحيثية
ثالثاً: ما ذكرتَ وفقك الله من كون ابن عبدالبر:
فلا أدري ما مقصودك بهذا؟
إن كان المقصود أنه نقل ما في التمهيد من شرحٍ للمسند والمرسل نقلاً محضاً ووضعه في الاستذكار= فهذا خطأ قطعاً، ومخالف لواقع الكتاب
وإن كان المقصود شرحَها إضافةً إلى شرح باقي الكتاب؛ من موقوفات ومقطوعات وآراء مالك وفقهه= فهذا هو واقع الكتاب
رابعاً: قلتَ وفقك الله:
وللتوضيح أقول:
قولي (الاستذكار شرح مستقل عن التمهيد) ليس مرادي به نفيَ الارتباط بين الكتابين؛ فمثل هذا غيرُ خافٍ على أحد يعرف الكتابين
وإنما أردتُ وفقك الله أنه ليس تلخيصاً للتمهيد كما قيل، بل هو شرحٌ له معالمه وطريقته، وفيه من الإضافات العلمية والفوائد الكثيرة المتنوعة ما ليس في التمهيد، سواء الفوائد الحديثية أو الفقهية أو اللغوية أو غيرها، وعرضَ فيه للاختلاف بين أحاديث لم يَعرِض لها في التمهيد
وذكر فيه فروعاً فقهية كثيرة ليست في التمهيد
ومن هنا قلت إنه شرح مستقل= أي: ليس تلخيصاً محضاً
وأما اختصار الأسانيد فهذا معروف، ولا حاجة لنقل مثل هذا عن مقدمة الاستذكار، فإنه لايكاد يمرُّ على القارئ بِضعَ صفحات في الاستذكار إلا ويحيل فيها على التمهيد، وأنه استوفى ذكر الأسانيد فيه
فهذا أمر ظاهر
خامساً:أما تقييمك للكتابين بقولك:
فهذا غير صحيح
بل يمكن الاستغناء عن كثير مما في الكتابين بالآخر
ففيهما تكرارٌ كثير، كما أنَّ ما تفرد به كلٌ منهما كثيرٌ أيضاً
وفي النصِّ الذي نقلتَه من مقدمة ابن عبدالبر ما يفيد هذا
سادساً:
سؤال الأخ (وشوشة) كان عن الفوائد التي تفرد بها الاستذكار عن التمهيد، ومقدمة ابن عبدالبر في الاستذكار لم تستوف تلك الفوائد
فقد تفرد الاستذكارُ بفوائد لغوية، وحديثية وغيرها؛ كما ذكرت في أول مشاركة لي في هذا الموضوع، وهذه لم يُشِر إليها الإمام ابن عبدالبر في مقدمة الاستذكار، ولا يلزمه ذلك، لأنه يذكر منهجه من حيث الجملة
ولذا لا يكفي النظر المجرد إلى مقدمات الكتب لوصف منهج المؤلف، أو ما حواه من فوائد، بل لابد من ممارسة الكتاب، والنظر فيه تفصيلاً، حتى يقف الباحث على ما قد يخرج عن المنهج العام المنصوص عليه، وما قد يضاف إلى ذلك المنهج مما لم يُنصَّ عليه
سابعاً:
أشكرك أخي الغالي أشرف على تنبيهك، فهو -كما ذكرت- خطأ غير مقصود
كما أشكرك على أسلوبك المميز في الاستدراج (ابتسامة)
الشيخ الحبيب الحمادي،
أنا قلت:
(هذه قراءتي لنص ابن عبد البر - رحمه الله - : )
وإلا
فكل ما ذكرته أوافقك عليه
إلا
خامسا
فأنا قلت: (لا غنى لأحدهما عن الآخر)
ثم عقبت بقولك: (بل يمكن الاستغناء عن كثير مما في الكتابين بالآخر)
وبينهما فرق لا يخفى
ثم - أحسب - أنك أكّدت قولي بقولك: (كما أنَّ ما تفرد به كلٌ منهما كثيرٌ أيضاً)
(ابتسامة)
إذا كنتَ تريد بقولك (لا غنى لأحدهما عن الآخر) نفيَ الاستغناء من حيث الجملة فحسن
المهم أن يكون المعنى واضحاً، وأحسبه كذلك إن شاء الله
وفقك الله وبارك فيك
لقد أجدتم وأفدتم
فجزاكم الله خيرا ونفع بفوائدكم
وأول من نقب النقْب وتكلم عن هذه المسألة أبو محمد بن أبي عمر الفارسي:(
فقد ذكر بعض تصانيف أبي عمر النمري ثم قال: ومنها كتاب الاستذكار، وهو اختصار التمهيد المذكور:(
فمن ينبري لتوثيق موضع كلام ابن أبي عمر (الفارسي لا العدني:(
وجزاكم ربي خيراً أخي الغالي، وبارك فيكم
يبدو أنَّ الإمامَ ابنَ حزم هو أول من ذكر أنَّ الاستذكار اختصارٌ للتمهيد
وقد وقفتُ على هذا قبل مدة؛ أثناء البحث في ترجمة الإمام أبي عمر ابن عبدالبر
وأما عبارة ابن أبي عمر الفارسي فلم أقف عليها
ولعلكم تفيدون بها سلمكم الله من كل بأس
أثابك الله وبارك فيك أخي العزيز
أكرمك الله وسلّمك
ابن أبي عمر الفارسي هو أبو محمد علي بن أبي عمر أحمد بن سعيد بن حزم (وأصله من فارس)
وابن أبي عمر هذا يُستفاد مع ابن أبي عمر العدني (محمد بن يحيى نزيل مكة)
وإنما كنت أمزح إحماضا وإطرافا وإلغازا
ولعلك لم تلحظ الإشارة المقلوبة لأيقونة الابتسامة
قلبتها اجتنابا للصورة
وأُراه من جنس المقلوب السائغ:(
ولعله من المفيد التذكير بقول ابن أبي عمر الفارسي في رسالته في فضل الأندلس وذكر رجالها:
كتاب التمهيد لصاحبنا أبي عمر يوسف بن عبد البر لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلا فكيف أحسن منه؟!
ومنها كتاب الاستذكار وهو اختصار التمهيد المذكور
ولا تلم أخاك أخي الحبيب
فقد تأثر قليلا ببعض مُلْغِزي أهل الحديث
ولعلك تذكر أن مغلطاي ذكر في إكمال تهذيب الكمال 3/303 أبا محمد بن حزم الفارسي
فقال المعلقان على كتابه: كذا بالأصل، وهو سبق قلمه [كذا!] من المصنف، وصوابه: الفاسي! والله أعلم.
ولم يصيبا إلا في قولهما: الله أعلم
أما تخطئتهما ما في الأصل، وما زعماه صوابا، فلم يخلق الله من ذاك شيئا
بل قد خطّآ الصواب وصوّبا الخطأ
وخفي عليهما أن ابن حزم لم يبرح بلاد الأندلس ولم يحظ بدخول فاس ولا رؤيتها
اللهم إلا إن كانت تراءت له في المنام
فالله أعلم
والشيء بالشيء يذكر
أود أن أفتح باب المذاكرة في الصلة بين أبي عمر النمري وابن أبي عمر الفارسي
فقد كانا متصاحبين متآلفين
وقد استفاد ابن أبي عمر من أبي عمر فوائد عظيمة
وقد نوّه به
وروى عنه في بعض تصانيفه كالإحكام
لكن هل طرأ على أُلفتهما ما كدّرها بعض الكدر؟
وهل غمز أحدهما صاحبه (وما بدٌّ من ذكر المصدر)
وأيهما ظهر وفاؤه لصاحبه وتنويهه بشأنه وشأوه
ولا يقولن قائل: لقد خرجت عن الموضوع
لأن لما ذكرته هنا بعض صلة بالعنوان لا تخفى على النابه اللبيب الأريب
لغز طريف:
تقدم أن مسلما قد روى عن ابن أبي عمر:(
فهل ثبتت رواية البخاري عن أبي عمر النمري؟
ما شاء الله
لم أفطن لهذا الإلغاز، شكر الله لكم هذه الإفادات
وكلام ابن حزم الذي أعنيه هو ما ذكره في رسالته في فضل الأندلس، وتفضلتم بالإشارة إلى ذلك
وصحبة الإمامين، فهي مشهورة
ووجدت بعض المعاصرين ينقل عن الحافظ السِّلفي أنه جرى بين الإمامين مناظرات ومنافرات
وابن عبدالبر -فيما ظهر لي من كلامه- غمزَ ابنَ حزم في أوائل الاستذكار؛
وإن لم يسمِّ ابنَ حزم إلا أنَّ الغالب على ظني أنه أراده
وأما ابن حزم فقد اشتُهِرَ عنه ثناؤه على ابن عبدالبر، وذكر أنه ممن يُعتدُّ به في الاختلاف
وأثنى على التمهيد خاصة، وروى عنه في الإحكام
وأما اللغز الأخير فيحتاج لتأمل طويل، وإن كان هناك جوائز مغرية فجزاك الله خيراً : )
(تقدم أن مسلما قد روى عن ابن أبي عمر: ) = (ابن أبي عمر العدني (محمد بن يحيى نزيل مكة)
(فهل ثبتت رواية البخاري عن أبي عمر النمري؟)
حفص بن عمر، أبوعمر النمري.
وعلى فكرة أخي العزيز ابن السائح
بعد استيعاب الصدمة الأولى
فطنت لما ألغزت به = بالنسبة لابن أبي عمر الفارسي
قبل أن تبينه!
(ابتسامة)