السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الاحباء بارك الله فيكم قد عرض أحد الإخواة بارك الله فيه موضوعا طلب فيه من الاخوة أن يتكلموا في حكم النظر إلى وجه المرأة من غير شهوة وقد طلب ألا يتكلم الاخوة في حكم كشف الوجه لأنها ليس المسألة التي يردها ولكن قدر الله أن يتكلم بعض الأخوة في هذه المسألة وتوسع الكلام فيها فرأيت أن ذلك تعدي على حق اخينا صاحب الموضوع فرأيت أن نفرد لهذه المناقشه التي أرجو من الله أن تكون نافعه موضوعا خاصا بها فأبدء مستعيا بالله عز وجل قائلا
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وبعد :
ففي مسألة حكم كشف وجه المرأة خلاف ما بين اهل العلم مشهور ومعلوم
قال الإمام أبو حنيفه : كلها عورة إلا الوجه والكفين على تفصيل بين الجميلة وغيرها .
قال الإمام مالك والشافعي ورواية عن أحمد : كلها عورة إلا الوجه والكفين .
قال ابن حزم : إتفقوا على ان جسم المرأة وشعرها حاشا وجهها ويديها عورة ، وأختلفوا في الوجه واليدين حتى الأظافر .
قال أبن هبيرة : أختلفوا في حد عورة المرأة الحرة وحدها .
ونقل الإمام علاء الدين المرداوى (صاحب كتاب الإنصاف ) : الصحيح من مذهب أحمد أن الوجه ليس بعورة .
فليس في المسألة إجماع كما يقال وإلا فأين أذهب بكل هؤلاء العلماء !
المذهب الاول إستحباب النقاب دون وجوبه
وإليه ذهب جمهور اهل العلم بما فيهم من الأئمة الأربعة إلا من روية للإمام احمد رحمه الله أنه واجب وهو الذي اختاره شيخ الإسلام رحمه الله وشرط أبو حنيفة امن الفتنه ، وأما أدلة هذا المذهب فهى كالتالي :
الدليل الأول : قوله تعالى : (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) (النور : 31). ووجه الدلالة منها ما صح عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أنه تأول الآية ـ ما ظهر منها ـ وجهها وكفيها.
إلا ما ظهر من أبدانهن كالوجه والكفين
ما صح عن عائشة رضى الله عنها (إلا ما ظهر منها ، قالت : الوجه والكفين) ، وصح مثله عن ابن عمر رضى الله عنهما.
وهؤلاء هم أعلام الصحابة خاصه وفيهم ابن عباس وتفسير ابن عباس حجة
الدليل الثاني :حديث جابر عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وعظ النساء قالت الرواية : فقامت امرأة سفعاء الخدين ، وهو ظاهر الدلالة على عدم الوجوب بدلالة وصف الرجل لتلك المرأة بما كان في خديها من السفع يعني لم تكن تستر وجهها .
فإن قيل : لعل هذا قبل آية الحجاب .
قلت : ضع ( لعل ) عند هذا الكوكب وأقول أيضا لعله بعد آية الحجاب فلعل يقابلها لعل وليس هذا من الاحتمال الذي يطرد بيه دلالة النصوص فثبت العرش ثم أنقش .
فإن قيل : إن المرأة كانت كبيرة في السن لأن السفع (سواد في الخد) لا يكون إلا في الكبر.
قلت : وليس بلازم أن يكون السفع في الكبيرة ، وهو احتمال لا يرد به النص والرواية تقول : (من سيطة النساء).
فإن قيل : إن هذا كان في الصلاة ولا يجب على المراة ان تستر وجهها في الصلاة .
قلت : هذا القول رد بل كان في الخطبه بدلالة إنها قامت كلمت النبي صلى الله عليه وسلم .
الدليل الثالث : وهو من أقوى الأدلة على عدم وجوب النقاب ألا وهو حد يث ابن عباس وأصله في البخاري قال : كان الفضل رديف النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت امرأة من خثعم وكانت حسناء فأخذ الفضل ينظر إليها وتنظر إليه والنبي صلى الله عليه وسلم يحول وجهه عنها وفي البخاري أنها كانت في حجة الوداع و في رواية في أيام منى ، وفيه دلالة ظاهرة على مشروعية إظهار الوجه والكفين بدلالة نظر الفضل إليها ، وأن الإنتقاب لا يجب على الجميلة .
فإن قيل : إن المرأة كانت كبيرة .
قلت : أن في بعض الرويات كانت شابه ثم وصفها بالحسن هنا يرد هذا خاصه مع نظر الفضلإليه على تلك الصفة .
فإن قيل : إنها كانت محرمة والمحرمة لا ترتدي النقاب .
قلت : والرواية تقول أنها كانت في أيام منى وهى حلال إلا من الجماع.
فإن قيل : إن هذا كان قبل أية الجلباب .
قلت : وهذا باطل لأنه في حجة النبي صلى الله عليه وسلم وهى حجة واحدة وقعت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بثمانين يوماً.
الدليل الرابع : ما صح أن امرأة دخلت تعرض نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم (فصوب النظر إليها حتى قام رجل من المؤمنين فقال انكحينها يا رسول الله )
ووجه الدلالة منه أن الراوي رآها ووصفها بأنها قامت وجلست وأن النبي صلى الله عليه وسلم نظر وصوب النظر إليها ورأه الصحاب أخر والذي يظهر أنها كانت كاشفة لوجهها.
فإن قيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان خاطباً فله أن ينظر.
قلت : فما بال الجلوس ألهم أن ينظروا ولها أن تكشف وجهها أمامهم وهم ليسو خطاب .
الدليل الخامس :ما أخرج البخارى وأحمد وغيرهما من حديث سبيعة بنت الحارث الأسلمية (أنها كانت تحت سعد بن خولة فتوقي عنها في حجة الوداع وكان يدريا فوضعت حملها قبل أن تنقضي أربعة أشهر من وفاته فلقيها أبو السنابل بن يعكك ، حيث تعلت من نفاسها طهرت وقد اكتحلت واختضبت وتهيئت فقال : أربعى على نفسك لعلك تريدين النكاح إنما أربعة أشهر وعشراً من وفاة زوجك ، قالت : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما قال أبو السنابل (فقال : قد حللت حين وضعت) ، وفي رواية الزهري قال ( مالي أراك تجملت للخطاب) وفي رواية(أنها جمعت عليها ثيابها قلت : وفية دلالة ظاهرة على أن الوجه والكفين ليس بعورة أما دلالة الحديث على اليدين فمن قوله اختضبت أما دلالة الحديث على الوجه فمن قوله ـ اكتحلت وتجملت وتهيئت).
وهى ألفاظ بمجموعها تفيد أن الوجه ليس بعورة ، فيكون قوله تجملت يعنى في وجهها. وأنهم كانوا يعرفون الجمال والتهيئ لهذا المعنى وأن أصله في الوجه.
فإن قيل : إنها إنما تجملت للخطاب .
قلت : وهل يكون التجمل للخطاب الذي تقصدونه بأن تبرز وتخرج هكذا حتى يراها أبو السنابل.
الدليل السادس : ما أخرج الشيخان من حديث عبد الله بن عباس ـ أنه قال لعطاء : (ألا أريك امرأة من أهل الجنة)، قال : هذه المرأة السوداء وفيه دلالة ظاهرة على أن ستر الوجه ليس بواجب وإلا كيف وصفها بأنها سوداء وقد جاء في بعض الروايات تسميتها وهى أم ظفر.
واستدل اصحاب هذا القول بأدلة كثيرة اخرى وصلت إلى ثلاث عشر دليلا إلا انها من العمومات والمفهوم فأرى ان ما ذكرت فيه كفيه .
ملحوظه فرق بين قولنا عدم وجوب النقاب وبين القول بتحريم النقاب فنحن لا نحرم النقاب وأصحب هذا المذهب يفتون بلبس النقاب وأنا أهلي جميعهن منتقيبات فليس معنى قولي أن النقاب ليس واجب أنبي أمنع النساء من لبسه
فأرجو من أصحاب المذهب الثاني أن يأتوا بأدلتهم على مذهبهم لكي ننتفع بها ونناقش أنفسنا مع الإلتزام بأخلاق طلبة العلم خاصة السلفين وجزاكم الله خيرا