بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
في يوم من الأيام حضرت دورة من الدورات العلمية ، وفي أثناء إحدى محاضرات الدكتور محمد بن الهادي أبو الأجفان رحمه الله تعالى، أشار إلى أننا في بعض الأحيان قد نجد بعض المعلومات في غير مظانها أو مصادرها ، فسمي هذه المصادر التي لا تخطر على البال المصادر الدفينة.
ويعرف كثير من أهل العلم أننا نحتاج إلى إخراج كل جهود علمائنا الأفاضل في شرح سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ولذلك فقد تنبهت ،وربما تنبه غيري إلى أن التفاسير تعتبر من الشروح أو مصادر شرح السنة الدفينة ،وخاصة تفاسير علماء كالعلامة ابن كثير –رحمه الله تعالى – فابن كثير مثلا قد شرح صحيح البخاري لكن الشرح مفقود إلى الآن للأسف، ولكن هل يتصور طالب العلم أن ابن كثير لن ينقل من شرحه ذاك بعض الإشارات والنكت اللطيفة ليزين بها تفسيره الرائع الماتع!
لذلك فقد حاولت أن أتأكد بنفسي ، وإليكم النتيجة:
قال البخاري:
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ:
"قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ."
قال ابن كثير:
قوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله آكل الربا وموكله، وشاهديه وكاتبه". قالوا: وما يشهد عليه ويكتب إلا إذا أظهر في صورة عقد شرعي ويكون داخله فاسدا، فالاعتبار بمعناه لا بصورته؛ لأن الأعمال بالنيات، وفي الصحيح: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"
وقوله: { وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } أي: ومن خرج من منزله بنية الهجرة، فمات في أثناء الطريق، فقد حصل له من الله ثواب من هاجر، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من الصحاح والمسانيد والسنن، من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وَقّاص الليثي، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" .
وهذا عام في الهجرة وفي كل الأعمال. وقوله: { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ } قد استدل طائفة من العلماء بقوله: { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ } على وجوب النية في الوضوء؛ لأن تقدير الكلام: "إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم لها"، كما تقول العرب: "إذا رأيت الأمير فقم" أي: له. وقد ثبت في الصحيحين حديث: "الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"
والله أعلى وأعلم وأحكم.