(505) - حديث الحسن عن سمرة:" أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يسكت سكتتين إذا استفتح وإذا فرغ من القراءة كلها ". وفى رواية: " سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قراءة غيرالمغضوب عليهم ولا الضالين " رواه أبو داود (ص 126) .
قال الالباني إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
ضعيف.
أخرجه أبو داود (777 ـ 780) من طرق ستة عن الحسن به. وقد اختلفوا عليه.
الأول: أشعث عن الحسن به. بلفظ الكتاب.
أخرجه أبو داود (778) , وعلقه البيهقى (2/196) .
الثانى: قتادة , وقد اضطرب فى روايته وهى من طريق سعيد بن أبى عروبة عنه , فقال يزيد بن زريع حدثنا سعيد به بلفظ: " أن سمرة بن جندب وعمران بن حصين تذاكرا , فحدث سمرة بن جندب أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين: سكتة إذا كبر - الحديث مثل رواية الكتاب الثانية - فحفظ ذلك سمرة , وأنكر عليه عمران بن حصين , فكتبا فى ذلك إلى أبى بن كعب , وكان فى كتابه إليهما أو فى رده عليهما: أن سمرة قد حفظ ".
أخرجه أبو داود (779) وعنه البيهقى.
وأخرجه البخارى فى " جزء القراءة " (ص 23) عن يزيد نحوه بلفظ: " وسكتة إذا فرغ من قراءته ".
وكذلك رواه عبد الأعلى عن سعيد , إلا أنه زاد: " ثم قال بعد ذلك (يعنى قتادة) : وإذا قال: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) , وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه " أخرجه أبو داود (780) والترمذى (2/31) وابن ماجه (844) , وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: وفيه نظر لما سيأتى عن الدارقطنى.
وقد تابعه مكى بن إبراهيم عن سعيد به. عند البيهقى.
فهذه الرواية صريحة فى أن قتادة كان فى أول الأمر يقول: " إذا فرغ من قراءته "
, ثم قال بعد: " إذا قال غير المغضوب ... " والرواية الأولى أولى لموافقتها لرواية أشعب ورواية حميد , وهى:
الثالث: حميد عن الحسن به بلفظ: " كان للنبى صلى الله عليه وسلم سكتتان: سكتة حين يكبر , وسكته حين يفرغ من قراءته , فأنكر ذلك عمران بن حصين ... " الحديث.
أخرجه البخارى فى جزئه والدارمى (283) وأحمد (5/15 و20 , 21) وابن أبى شيبة (1/117/2) .
الرابع: يونس بن عبيد , وقد اختلف عليه على وجوه (1) :
أـ فقال إسماعيل عنه مثل رواية حميد بلفظ:" وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسكتة عند الركوع ".
أخرجه أبو داود (777) وعنه البيهقى , وابن ماجه (845) وأحمد (5/21) والدارقطنى (128) .
ب ـ وقال يزيد بن زريع عنه بلفظ: " وإذا فرغ من قراءة السورة سكت هنية ".
أخرجه أحمد (5/11 و23) .
ج ـ وقال هشيم عن يونس بلفظ: " وإذا قال (ولا الضالين) سكت أيضاً هنيهة "
. أخرجه أحمد (5/23) والدارقطنى. وأرجح هذه الروايات عن يونس هى الأولى لمتابعة الرواية الثانية. واتفاق إسماعيل ـ وهو ابن علية - ويزيد بن زريع عليها.
الخامس: منصور بن المعتمر عن الحسن مثل رواية هشيم عن يونس.
أخرجه أحمد (5/23) مقروناً برواية يونس من طريق هشيم عنهما.
السادس: عمرو عن الحسن قال: " كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سكتات: إذا افتتح التكبير , حتى يقرأ الحمد , وإذا فرغ من الحمد حتى يقرأ السورة , وإذا فرغ من السورة حتى يركع ".
أخرجه ابن أبى شيبة (1/117/2) : حدثنا حفص عن عمرو ...
قلت: وحفص هو ابن غياث وهو ثقة , وأما عمرو , فهو إما ابن ميمون الجزرى الرقى وهو ثقة أيضاً , وإما عمرو بن عبيد المعتزلى المشهور وهو ضعيف متهم بالكذب وخاصة على الحسن البصرى , وهذا هو الذى يترجح عندى أنه ابن عبيد , لأن مثل هذه الرواية به أليق , وهو بها ألصق لما فيها من شذوذ ومخالفة لرواية الجماعة عن الحسن من جهة الإرسال وجعل السكتات اثنتين والله أعلم.
وإذا اتضحت هذه الطرق الست وألفاظها , فأرجحها هو اللفظ الأول (وإذا فرغ من القراءة كلها) لاتفاق أشعث وحميد عليها , دون أن يختلف عليهما فيه , وأما الألفاظ الأخرى فقد اختلف فيها على رواتها عن الحسن غير رواية المعتمر فهى مرجوحة , للاختلاف أو التفرد. وأيضاً فإن اللفظ الأول فيه زيادة على الروايات التى اقتصرت على ذكر الفاتحة فقط , وهى زيادة من ثقة فيجب قبولها كما هو مقرر فى " مصطلح الحديث " , فهو مرجح آخر , وبالله التوفيق.
على أن الحديث معلول , لأن الطرق كلها تدور على الحسن البصرى , وقد قال الدارقطنى عقب الحديث: " الحسن مختلف فى سماعه من سمرة , وقد سمع منه حديثاً واحداً وهو حديث العقيقة , فيما زعم قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد".
على أن الحسن البصرى مع جلالة قدره كان يدلس , فلو فرض أنه سمع من سمرة غير حديث العقيقة , فلا يحمل روايته لهذا الحديث أو غيره على الاتصال إلا إذا صرح بالسماع , وهذا مفقود فى هذا الحديث , بل فى بعض الروايات عنه ما يشير إلى الانقطاع فإنه قال فيها: قال سمرة: وهى رواية إسماعيل ولذلك فالحديث لا يحتج به , وقد قال أبو بكر الجصاص فى " أحكام القرآن " (3/50) ." إنه حديث غير ثابت ".
__________
(1) وقول ابن القيم في رسالة الصلاة: أنه لم يختلف عليه فيه , خطأ كما سنرى.