قال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (ط. الجامعة الإسلامية بالمدينة):

٣٥٣٦- قال إسحاق [بن راهويه]:
وَأَمَّا الْعَالِمُ يُفْتِي بِالشَّيْءِ يَكُونُ مُخَالِفًا لِمَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّٰهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَوِ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ - لِمَا يَكُونُ قَدْ عَزَبَ عَنْهُ مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ الَّذِي قَدْ جَاءَ فِيهِ -؛ فَإِنَّ عَلَى الْمُتَعَلِّمِي نَ أَنْ يَهْجُرُوا ذَٰلِكَ الْقَوْلَ بِعَيْنِهِ مِنَ الْعَالِمِ الَّذِي خَفِيَ عَلَيْهِ سُنَّتَهُ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَى الرَّادِّ ذَٰلِكِ نَقْضُ مَا رَدَّ عَلَىٰ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ.

لِيَتَّبِعْ فِي ذَٰلِكَ مَا أُمِرَ؛ لِمِا قَالَ رَسُولُ اللَّٰهِ - صَلَّى اللَّٰهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي اتِّبَاعَ زَلَّةِ الْعَالِمِ»، ثُمَّ فَسَّرَ النَّجَاةَ مِنْ ذَٰلِكَ، فَقَالَ: «أَمَّا الْعَالِمُ إِذَا زَلَّ فَلَا تَتَّبِعُوا زَلَّتَهُ»، فَهَذَا يُصَدِّقُ مَا وَصَفْنَا.

ولقد قال ابن المبارك - وجرى ذكر من بُلِيَ بِالرأي في عصر سفيان - فقال: "ما رأت عيناي قط أعلم من سفيان"، ثم ذُكر لابن المبارك مسائل كثيرة قالها سفيان يخالفه، من ذَلِكَ رفع الأيدي في المكتوبات إذا ركع وإذا رفع رأسه، فقال: "ما يمنع هؤلاء الذين لا يرفعون إلا الكسل؟!!!"؛ حتى أنه قال يومًا للشيخ - قال أبو محمد: يعني أبا حنيفة، وذكر [أبو حنيفة] أنه من رفع يديه عند الركوع يريد أن يطير -، فقال ابن المبارك: "إذا كان إذا رفع عند الركوع يطير، فإنه في الاستفتاح كذلك".
أخبرني بذلك وكيع عنه حتى أنه قال: "ما رأيت جوابًا أحسن من جواب ابن المبارك".

فلم يمنع عبد اللَّه ما قال في سفيان من أنه أعلم أهل الأرض أن يرد عليه خطأه؛ لقول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، ويظن به الظن الحسن أنه قد فاته، وكذلك من اقتدى بابن المبارك يلزمه مثل ما لزمه.

٣٥٣٧- قال إسحاق [بن راهوية]: أخبرني أبو وهب، أن ابن المبارك، قال: حاجَّني أهل الكوفة في المسكر، فقلت لهم: إنَّه حرامٌ، فأنكروا ذلك، وسموا من التابعين رجالًا مثل إبراهيم ونظرائه، فقالوا: ألقوا اللَّه عز وجل وهم يشربون الحرام؟!.

فقلت لهم ردًّا عليهم: لا تسموا الرجال عند الحجاج.

فإن أبيتهم؛ فما قولكم في عطاء وطاوس نظرائهم من أهل الحجاز؟، فقالوا: خيار.

فقلت: فما تقولون في الدرهم بالدرهمين؟، فقالوا: حرام.

فقلت لهم: أيلقون اللَّه عز وجل وهم يأكلون الحرام؟!!!.

دعوا عند الحجاج تسمية الرجال
.