تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: (تدبر آية) د/ رقية العلواني

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,244

    افتراضي (تدبر آية) د/ رقية العلواني


    تدبر آية:
    حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله




    القرآن الكريم على عكس ما قد يظنه البعض كتاب يعلم الإنسان أن يعيش متفائلًا، أن يعيش مقبلًا على الحياة بكل الأمل متيقنًا أن الغد يحمل أخبارًا سارة وأن العيش سيكون أفضل وأن اليوم ينبغي أن يكون أفضل من الأمس وأن الغد يحمل معه تباشير الأمل.

    هذه النظرة المتفائلة للحياة تجعل الإنسان يستقبل أحداث الحياة التي قد تعلوها في بعض الأحيان أشياء من الصعوبات والشدائد والمحن المعتادة التي هي لا تخرج عن طبيعة الحياة، الحياة لا يمكن أن تصفو بدون كدر لا يمكن أن تبقى على طبيعة واحدة، الحياة من طبيعتها إذا أردنا بالفعل أن نفهم طبيعتها، من طبيعتها أنها تحمل الكدر في ثنايا الصفاء والنقاء، أنها قد يعرض فيها للإنسان المرض وهو في كامل صحته وعافيته وقوته.

    السؤال كيف أستقبل تلك الأحداث بنفس متشائمة؟ بنفس مليئة بالإحباطات؟ بنفس لا ترى الغد إلا أنه يحمل الأسوأ؟ أم بنفس مطمئنة بنفس راغبة بالله سبحانه وتعالى متفائلة مقبلة عليه متيقنة أن الله سيكشف الضر والله سبحانه وتعالى منجز وعده للمؤمنين.

    تأملوا قول الله عز وجل في سورة التوبة

    (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ( التوبة))

    صحيح الآيات في سياق الحديث عن المنافقين في أثناء تقسيم الصدقات
    لكن العبرة في القرآن

    قاعدة:
    العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
    الآية في آخر كلماتها
    (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ)
    وبداية الآية
    (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)
    أن أعيش الرضا أن أستشعر معنى الرضا عن قضاء الله سبحانه وتعالى وقدره هناك أحداث تمر بي كإنسان لا أملك حيالها شيئًا، لا أستطيع أن أغيّر مجرى الأحداث فيها، ليس لي فيها كسب. ما يتعلق بكسبي وعملي وأخذي بالأسباب هذا أمر لا غبار عليه ولكن لا ينبغي أن يتعارض مع حالة الرضا النفسي التي ينبغي أن تبقى في أعماق القلب مستقرة الرضا والتقبل لما يأتي به القضاء والقدر
    يكفينا الله سبحانه وتعالى.


    واستشعار المؤمن بكفاية الله عز وجل له يعني الوثوق بما سيأتي به الله سبحانه وتعالى الوثوق بوعده، الوثوق بعطائه، الشعور أن ما أنا فيه الآن من نعم، نعم الله سبحانه وتعالى تكفيني وتدفع بي نحو الأمل وتستمطر رحمة الله عز وجل وتستجلب ذلك الرضا. الرضا عن الله سبحانه وتعالى في قضائه وقدره من أعظم ما تستجلب به الرحمة، من أعظم ما تستجلب به المغفرة من أعظم ما يستجلب به التفريج عن الكروب ورفع الضر عن الإنسان.

    هذه المعاني العظيمة تأملوها ونحن نقرأ هذه الآية
    (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)

    تأملوا معي هنا (السين) في المستقبل القريب، تأملوا في ثقة الإنسان المؤمن لو أن هؤلاء المنافقين قالوا واستشعروا حالة الرضا التي ينبغي أن يكون عليها قلب المؤمن وهو مستقبل لما عند الله سبحانه وتعالى واثق يأن الله سيؤتيه من فضله، بأن الله سيعطيه أحسن، بأن الأيام القادمة ستكون أفضل.

    هذه النظرة التفاؤلية التي تصنعها في نفسي هذه الآية العظيمة وتأملوا في قوله
    (إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)
    ولذلك في تفسير هذه الآية يقول بعض المفسرين من المعاصرين كذلك:
    لو أن العبد إذا أصابته ضائقة في رزق، في مرض، في همّ، نزل به غم من أكدار الحياة المعتادة قال
    (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)
    فإن الله سبحانه وتعالى يكشف عنه ما قد نزل به من ضرّ.
    وعلى قدر يقين الإنسان وإيمان الإنسان وثقة المؤمن بعطاء الله ورحمته على قدر ما يعطيه الله سبحانه وتعالى، إحسان الظن بالله، استشعار تلك النظرة التي تحمل الأمل، تحمل الطمع والرغبة بما عنده سبحانه فالرب عز وجل خزائنه ملأى عطاياه لا تنفد عطاياه مستمرة علينا، نعمه سبحانه وتعالى تنزل علينا بالليل والنهار إن أخذ شيئًا فلربما أراد أن يعطينا ما هو أفضل ولربما أراد بحكمته سبحانه وتعالى أن يشعرنا بعظمة النعم التي نمتلك حتى يتجدد الإحساس بتلك النعم. بعض النعم حين يبدأ الإنسان يعتاد عليها وتصبح وكأنها شيء مألوف في حياته تفقد الطعم العجيب الذي يجعل فعلًا النعمة تُستقبل بالرضى، تُستقبل بالراحة، بالسعادة، بالحمد والشكر للمنعم الواهب سبحانه وتعالى. هذه النعم ربي سبحانه وتعالى يعالج عباده بين الحين والآخر يعالج عباده لكي يدعوهم إليه من جديد لتتجدد معاني الرضا والرحمة في قلوبهم وفي نفوسهم من جديد ولذلك في كل ما ينزل بنا من حوادث الدهر حكمة لله سبحانه وتعالى. هذه المعاني العظيمة إذا استشعرها المؤمن عاش حالة الرضا، عاش حالة الرضا غير المشروط، لأن رضاي عن الله سبحانه وتعالى رضاي عن قضائه وقدره لا ينبغي أن يكون مشروطا بالنعم فإن أخذ سبحانه لسبب أو لآخر وهو مالك الملك وهو الملك وأنا العبد وهو الرب الخالق الرزاق الوهاب المنعم وأنا عبد لا أملك لأمر نفسي من شيء، هذه المعاني إذا حدثت ينبغي أن يكون الرضى عن الله سبحانه وتعالى متواصل في الرخاء وفي الشدة، في المرض وفي الصحة، في إقبال الدنيا وفي إدبارها، في الأخذ وفي العطاء، هذه المعاني تتجدد معي وأنا أقول وأدعو الله سبحانه وتعالى بهذا الدعاء العظيم

    (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)

    يتبع











  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,244

    افتراضي رد: (تدبر آية) د/ رقية العلواني



    تدبر آية

    (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (الطلاق))

    د. رقية العلواني
    موقع إسلاميات


    (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ)

    التوازن في الإنفاق، أن لا تنفق من المال فوق طاقتك، فوق سعتك، فوق ما تستطيع أن تقدّمه أو يكون من مدخولك.

    وليس من العجب أبدًا، كل شيء في كتاب الله عز وجلّ له مناسبة واضحة، له حكمة حتى في موقع الآيات وفي موقع السور بل في موقع الآيات من السور، هذا التناسب العظيم يبين أنه فعلًا من أعظم أسباب الطلاق الذي يحدث بين الأزواج الطلاق الذي يحصل خاصة الذي يحصل في عصرنا الحاضر في بعض الأحوال خلال السنوات الأولى من الزواج وربما الكثير من الزيجات تتعرض لهذه الإشكالية في السنة الأولى من الزواج.

    واحدة من أعظم الأسباب قضية الإنفاق، قضية أن الإنسان ينفق ويكلف نفسه فوق طاقتها، فوق ما آتاه الله عز وجلّ.

    صحيح كلنا يرغب في أن يوسّع على نفسه وعلى أهله وأسرته، كلنا يرغب في أن يتوسع في مجال أو دائرة الرزق وخاصة مع التوجهات المعاصرة التي حولت الحياة المعاصرة إلى حد كبير في جانب استهلاك بحيث أننا نستطيع أن نقول دون تردد أن الإنسان المعاصر أصبح إنسانًا استهلاكيًا بامتياز بمعنى ليس بالضرورة أنه يستهلك ما يريده أو ما يحتاج إليه أبدًا، ليس بالضرورة أن يقتني شيئًا هو بحاجة حقيقية إليه ولكنه أصبح يقتني الأشياء لمجرد الاقتناء لمجرد الاستهلاك فقط ليس لأنه بحاجة إليها.

    ولذلك ملاحظ جدًا أن وسائل الإعلام قد لعبت دورًا واضحا في الإيحاء والإيعاز للإنسان بأنك بحاجة إلى هذا الغرض بحاجة إلى هذه المسألة الحياة ستكون أسهل وأعظم وأجمل وأسعد حين تقتني تلك الحاجة وما إن يقتني ذلك الشي إلا يأتي بشيء آخر وتستمر الدوامة والنتيجة أن الإنسان إذا لم يتنبه ويستيقظ من هذه الغفلة ومن هذه الموجة سيقع فريسة للديون، ديون متراكمة متراكبة تُثقل كاهله وتؤرق ليله وتُدخل عليه عشرات المشاكل النفسية والاقتصادية التي من الطبيعي جدًا أنها تنعكس على حياته وطريقة أسلوبه ومعيشته وتعامله مع الزوجة أو الأسرة والتعامل مع محيط العمل والشعور بأن هناك دائمًا ثمة نقص حقيقي نقص في النواحي المادية يجعله لا ينتبه ولا يتنعم ببقية الأشياء التي يمتلكها يركز فقط على الشيء الذي لا يستطيع أن يتوسع فيه.

    ولو أخذنا مثالًا بسيطًا في حياتنا المعاصرة قضية السفر للخارج في أثناء الصيف خاصة وأننا بعد فترة يسيرة من الزمن بإذن الله يأتي موسم الإجازات ومعه الأعياد ومعه الإجازات الصيفية هذا الأمر قضية السفر إلى الخارج لا شك أنها من الأمور التي تحتاج إلى ميزانية محددة، ميزانية ليست بالقليلة خاصة مع الإشكاليات الاقتصادية التي تعصف بالعالم بأسره.


    وهنا يأتي التساؤل وهنا يأتي مساءلة الشخص ومساءلة الأسرة فيما بينها لإمكانياتها الحقيقية: هل أستطيع توفير هذا الشيء فعلًا دون أن يؤثر على الميزانية المادية والمالية للأسرة لعام أو لأعوام قادمة؟ هل أنا فعلًا بحاجة إلى هذا الأمر؟ أم أنني أستطيع أن أواصل حياتي وأن أتنزه وأن أرفّه عن نفسي وعن أسرتي وأستمتع بوقتي وبإجازتي دون الحاجة للدخول في دوامة الديون؟

    مؤسف أن هناك عددًا من الأشخاص والأُسر في مجتمعاتنا يحتاجون للاستدانة والاقتراض من البنوك لأجل السفر إلى الخارج. والسفر للخارج ما عاد قضية الغرض منها احتياجية أو قضية نفسية بقدر ما عادت هي مجال للمباهاة وللتفاخر وللشعور بعدم النقص تجاه الآخرين فالكل يسافر لِمَ أنا لا أسافر ؟ هذا الشعور بالنقص النابع من قلة الثقة بالإنسان ذاته فلو أن الثقة وجدت فعلًا واستطاع الإنسان أن يغير من وجهة نظره للأمور والقضايا المختلفة وأصبح يدرك أن قيمته فيما ينجزه، قيمة الإنسان الحقيقية في الإنجاز في العمل الذي يقوم به في العمل الذي يقدمه في الممارسات الاجتماعية والأسرية والعلاقات الناجحة التي يؤسسها وليس في شيء آخر وليس في سفر للخارج إلى مكان اشتُهر بين الناس السفر إليه، المسألة ليست هكذا!

    لِمَ أنفق فوق طاقتي؟ لِمَ لا أعيش الحياة فعلًا كما هي كما ربي علمني

    (فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ)؟

    لمَ لا أنظر أن الحياة هي مراحل متنوعة لا تقف على حال، اليوم ربما أكون محدودًا في دخلي وغدًا بإذن الله سيكون أفضل سيجعل الله بعد عسر يسرًا ثم إن المال بعد ذلك ليس باختيار وإنما هو عبارة عن اختبار في واقع الأمر ثم إن هناك قضية الربط بين السعادة والسكينة والاستقرار الأُسري والنفسي والراحة والهدوء والطمأنينة والزيادة في المال.

    المال قد يزيد في قدرتك على اقتناء الأشياء ولكنه قطعًا لا يزيد في قدرتك في الحصول على السعادة، السعادة قرار لا يرتبط ارتباطًا وثيقًا منتهيًا أبديًا بقضية المال. المال يشكل جزءًا يسيرًا وطبيعة المال وكمية المال وما نفعله في المال تحدد أجزاء متنوعة.

    الشاهد، آن لنا الأوان أن نتوقف عند قراراتنا وأن نفكر أكثر من مرة قبل أن نعيش ما يريده أو ما يراه الآخرون أنه سعادة وأنه راحة. نحتاج أن نعيد النظر في قراراتنا التي تأتي فعلًا مخالفة لإمكانياتنا المادية، نحتاج أن نلبس لباسًا بقدر مقاساتنا الحقيقية وليس شيئا أكثر من ذلك المقاس. نحتاج أن ندرك تمامًا أن الراحة والهدوء والسعادة لا تعني أبدًا أن أثقل كاهلي لأجل أيام أو لحظات أعيشها وأنا في الأصل قد أثقلت كاهلي وأسرتي بمزيد من القروض أو الديون في شيء لا حاجة إليه فيمكنك أن تسافر حين تسافر بقلبك وأفكارك ومشاعرك بعيدًا عن كل المنغّصات وبعيدًا عن كل الترّهات

    يتبع


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,244

    افتراضي رد: (تدبر آية) د/ رقية العلواني

    يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الجمعة

    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )





    القرآن العظيم حين يحدثني عن السعي وعن الابتغاء وعن طلب الأشياء يأتيني بمفاهيم عدّة، يرشّد وينظِّم لي مسيرتي في الحياة.

    ففي الآيات التي ذكرنا حين يكون الأمر متعلقًا بذكر الله سبحانه حين يكون الأمر متعلقًا بالحقيقية التي لأجلها خلِقت، التي لأجلها خلق الله سبحانه وتعالى السموات والأرض التي لأجلها خلق هذه الأرض يقول (اسعوا) ولذلك لم تأت كلمة السعي إلا إذا كان ذلك السعي مقرونًا بالعمل للآخرة الحقيقة التي لا ينبغي أن تغيب عن أذهاننا حتى ونحن نباشر أعمالنا اليومية لأن السعي فيه حرص شديد هو ليس مجرد طلب أبدًا، حرص نفسي وعملي شديد جدًا في طلب الشيء وابتغائه، حرص على تحققه. ولذلك ربي سبحانه في قضية النداء للصلاة من يوم الجمعة

    (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)

    كن أشد ما تكون حرصًا على طلب ذلك الأمر ذكر الله قلبًا وعقلًا وفكرًا وروحًا ولسانًا وجوارحًا، اطلب طلبًا شديدًا طلب تتأهل معه كل قدراتك النفسية والذهنية لأجل تحصيله. اجعله طلب ذكر الله سبحانه وتعالى اجعله شغلا لك اجعله من القائمة التي تكون على رأس همومك وأولوياتك في اليوم والليلة، اهتمّ به.




    ولكن تدبروا حين يحدثني عن السعي في الأرض أو عن طلب الأشياء الأخرى،

    طلب المعاش يقول
    (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
    والابتغاء في الحقيقة هو لا يُخصّ إلا بالاجتهاد في الطلب حين يكون الطلب محمودًا بمعنى أن الإسلام والقرآن لا يدعو الناس إلى الكسل ولا يدعو الناس إلى التعطّل بالعكس القرآن لا يعترف بشيء اسمه تعطّل أو بطالة، القرآن لا يقبل من الإنسان أن يكون عاطلا أو معطِلا أو معطَلا لا يقبل بهذا المفهوم لأنه يخالف أولى القواعد التي أقام عليها الحقائق كل الحقائق في النفس البشرية، الإيمان، قضية الإيمان في حدّ ذاتها لا يمكن أن يكون مكتملة بدون عمل صالح نافع ولذلك جاء التلازم في كتاب الله بين الإيمان والعمل الصالح.

    إذن لا سبيل إلى أن أتوهم مطلقًا أن القرآن يقلل من شأن العمل أو من شأن كسب المعاش أو من شأن طلب الأمور التي لا تستقيم حياتي أو حياة أسرتي ومجتمعي بدونها، بالعكس تماما فالقرآن يقول في هذه الآية تحديدا

    (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)

    والابتغاء خصّ بالاجتهاد بالطلب عندما يكون الطلب لشيء محمود فالابتغاء فيه محمود، ولذلك في آيات أخرى قال

    (ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا) [الإسراء: 28]

    (إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى) (20) الليل)

    إذن القضية محمودة، أن تطلب الرزق الحلال أن تطلب من فضل الله لكن هذا لا يعني أبدًا أنك حين تطلب تذهب بعيدا بقلبك وجوارحك وفكرك عن الله سبحانه لا ذكرا ولا كذلك استبعادا لتلك الحقائق التي ينبغي أن تبقى مستقرة في قلبك ونفسك أنك تبتغي من فضل الله لا من فضل البشر، هذه حقيقة لا ينبغي أن تخفت في حياتنا، (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) اطلب واجتهد في الطلب، افعل كل ما يمكن أن تفعله، افعل أقصى ما تستطيع أن تفعله في حياتك استثمر في كل ما يمكن أن يكون حلالا طيبا نافعا، ابذل قصارى جهدك ولكن لا تنسى أبدا وأنت تفعل كل هذا أنك تطلبه من فضل الله لا تجعل الحقيقة الأكبر تغيب عن ذهنك وأنت في خضم الحياة المعاصرة الحياة اليومية التي تأخذنا أحيانا كثيرة بتفاصيلها وجزئياتها. وفي مباشرة تلك الأعمال احرص حرصا شديدا على ذكر الله سبحانه ذكرا كثيرا لا تنشغل عنه، لا نتنشغل بتفاصيل الكلام عنه، لا تنشغل بالكلام مع هذا وهذا والأوراق والأمور والكلام عن الجزئيات اليومية التي نعيشها من طعام شراب أخذ بيع شراء ذهاب إياب كل هذه التفاصيل والجزئيات لا ينبغي أن تشغلنا فعلا عن الغاية الأهم عن ذكر الله سبحانه وتعالى.

    وتدبروا في نهاية الآية قال
    (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
    بمعنى سبيل الفلاح سبيل التوفيق سبيل النجاح في حياتنا العملية والعلمية الدنيوية والأخروية لا فصل بينهما، هو بهذه الآلية، بتحقيق ذلك التوزازن في حياتنا، أي نوع من التوازن؟
    أن لا أُشغل أبدًا في تفاصيل الحياة وجزئياتها وأعمالي اليومية

    وأنا أزاولها عن ذكر الله.
    جزء من الذكر هو التسبيح والتحميد والاستغفار والتهليل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بكل تأكيد ولكن ليس فقط ذكر اللسان المطلوب الأكبر أن يصبح ذكر اللسان متواطئًا مع ذكر القلب والعقل والفكر، أن تُشغَل به سبحانه، تشغل به وأنت تزاول العمل وأنت تبتغي من فضل الله إقامة التوازن في حياتنا اذكر الله كثيرًا سبّحه واستغفره لا تأخذك ولا تستغرقك تفاصيل الحياة بعيدًا عن الغاية الأهم وكن متيقنًا تمامًا أن مفتاح التيسير لأمورك مفتاح النجاح مفتاح الفلاح مفتاح التوفيق والتيسير والتسهيل لكل الأمور المتعطلة في حياتك إنما هو ذكر الله والحرص على ما عند الله سبحانه وتعالى وطلب العون والمساعدة فكم من مشروع تعطل تنفيذه لأجل أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يردك إليه يريدك أن تذكره وهو الغني عن ذكرك يريدك سبحانه وتعالى أن تطلب منه المعونة أن تشعر بفقرك واحتياجك إليه وتُظهر ذلك الاحتياج ولا تغتر بما آتاك الله لا تغتر بكل ما لديك من قوة موهومة فقوة البشر مهما بلغت في نهاية الأمر هي موهومة غير حقيقية عارية قابلة لأن تؤخذ في أي وقت وفي أي لحظة قابلة لأن تضعف أما القوة الوحيدة على وجه الأرض فهي قوة الواحد الأحد الفرد الصمد الذي ينبغي أن نتوجه إليه سبحانه وتعالى طالبين منه العون وعندها فقط يفتح الله سبحانه وتعالى لك أبواب الفلاح والتيسير والنجاح والتوفيق الذي لا يملكه سواه مهما بلغت بنا الأسباب ومهما قويت واجتمعت لدينا المسببات تبقى في نهاية الأمر مفتاح كل هذه الأمور من أسباب ومسببات بيده سبحانه وتعالى.


    د. رقية العلواني










  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,244

    افتراضي رد: (تدبر آية) د/ رقية العلواني






    يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الجمعة

    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )






    القرآن العظيم حين يحدثني عن السعي وعن الابتغاء وعن طلب الأشياء يأتيني بمفاهيم عدّة، يرشّد وينظِّم لي مسيرتي في الحياة.

    ففي الآيات التي ذكرنا حين يكون الأمر متعلقًا بذكر الله سبحانه حين يكون الأمر متعلقًا بالحقيقية التي لأجلها خلِقت، التي لأجلها خلق الله سبحانه وتعالى السموات والأرض التي لأجلها خلق هذه الأرض يقول (اسعوا) ولذلك لم تأت كلمة السعي إلا إذا كان ذلك السعي مقرونًا بالعمل للآخرة الحقيقة التي لا ينبغي أن تغيب عن أذهاننا حتى ونحن نباشر أعمالنا اليومية لأن السعي فيه حرص شديد هو ليس مجرد طلب أبدًا، حرص نفسي وعملي شديد جدًا في طلب الشيء وابتغائه، حرص على تحققه. ولذلك ربي سبحانه في قضية النداء للصلاة من يوم الجمعة

    (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)

    كن أشد ما تكون حرصًا على طلب ذلك الأمر ذكر الله قلبًا وعقلًا وفكرًا وروحًا ولسانًا وجوارحًا، اطلب طلبًا شديدًا طلب تتأهل معه كل قدراتك النفسية والذهنية لأجل تحصيله. اجعله طلب ذكر الله سبحانه وتعالى اجعله شغلا لك اجعله من القائمة التي تكون على رأس همومك وأولوياتك في اليوم والليلة، اهتمّ به.




    ولكن تدبروا حين يحدثني عن السعي في الأرض أو عن طلب الأشياء الأخرى،

    طلب المعاش يقول
    (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
    والابتغاء في الحقيقة هو لا يُخصّ إلا بالاجتهاد في الطلب حين يكون الطلب محمودًا بمعنى أن الإسلام والقرآن لا يدعو الناس إلى الكسل ولا يدعو الناس إلى التعطّل بالعكس القرآن لا يعترف بشيء اسمه تعطّل أو بطالة، القرآن لا يقبل من الإنسان أن يكون عاطلا أو معطِلا أو معطَلا لا يقبل بهذا المفهوم لأنه يخالف أولى القواعد التي أقام عليها الحقائق كل الحقائق في النفس البشرية، الإيمان، قضية الإيمان في حدّ ذاتها لا يمكن أن يكون مكتملة بدون عمل صالح نافع ولذلك جاء التلازم في كتاب الله بين الإيمان والعمل الصالح.

    إذن لا سبيل إلى أن أتوهم مطلقًا أن القرآن يقلل من شأن العمل أو من شأن كسب المعاش أو من شأن طلب الأمور التي لا تستقيم حياتي أو حياة أسرتي ومجتمعي بدونها، بالعكس تماما فالقرآن يقول في هذه الآية تحديدا

    (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)

    والابتغاء خصّ بالاجتهاد بالطلب عندما يكون الطلب لشيء محمود فالابتغاء فيه محمود، ولذلك في آيات أخرى قال

    (ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا) [الإسراء: 28]

    (إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى) (20) الليل)

    إذن القضية محمودة، أن تطلب الرزق الحلال أن تطلب من فضل الله لكن هذا لا يعني أبدًا أنك حين تطلب تذهب بعيدا بقلبك وجوارحك وفكرك عن الله سبحانه لا ذكرا ولا كذلك استبعادا لتلك الحقائق التي ينبغي أن تبقى مستقرة في قلبك ونفسك أنك تبتغي من فضل الله لا من فضل البشر، هذه حقيقة لا ينبغي أن تخفت في حياتنا، (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) اطلب واجتهد في الطلب، افعل كل ما يمكن أن تفعله، افعل أقصى ما تستطيع أن تفعله في حياتك استثمر في كل ما يمكن أن يكون حلالا طيبا نافعا، ابذل قصارى جهدك ولكن لا تنسى أبدا وأنت تفعل كل هذا أنك تطلبه من فضل الله لا تجعل الحقيقة الأكبر تغيب عن ذهنك وأنت في خضم الحياة المعاصرة الحياة اليومية التي تأخذنا أحيانا كثيرة بتفاصيلها وجزئياتها. وفي مباشرة تلك الأعمال احرص حرصا شديدا على ذكر الله سبحانه ذكرا كثيرا لا تنشغل عنه، لا نتنشغل بتفاصيل الكلام عنه، لا تنشغل بالكلام مع هذا وهذا والأوراق والأمور والكلام عن الجزئيات اليومية التي نعيشها من طعام شراب أخذ بيع شراء ذهاب إياب كل هذه التفاصيل والجزئيات لا ينبغي أن تشغلنا فعلا عن الغاية الأهم عن ذكر الله سبحانه وتعالى.

    وتدبروا في نهاية الآية قال
    (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
    بمعنى سبيل الفلاح سبيل التوفيق سبيل النجاح في حياتنا العملية والعلمية الدنيوية والأخروية لا فصل بينهما، هو بهذه الآلية، بتحقيق ذلك التوزازن في حياتنا، أي نوع من التوازن؟
    أن لا أُشغل أبدًا في تفاصيل الحياة وجزئياتها وأعمالي اليومية

    وأنا أزاولها عن ذكر الله.
    جزء من الذكر هو التسبيح والتحميد والاستغفار والتهليل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بكل تأكيد ولكن ليس فقط ذكر اللسان المطلوب الأكبر أن يصبح ذكر اللسان متواطئًا مع ذكر القلب والعقل والفكر، أن تُشغَل به سبحانه، تشغل به وأنت تزاول العمل وأنت تبتغي من فضل الله إقامة التوازن في حياتنا اذكر الله كثيرًا سبّحه واستغفره لا تأخذك ولا تستغرقك تفاصيل الحياة بعيدًا عن الغاية الأهم وكن متيقنًا تمامًا أن مفتاح التيسير لأمورك مفتاح النجاح مفتاح الفلاح مفتاح التوفيق والتيسير والتسهيل لكل الأمور المتعطلة في حياتك إنما هو ذكر الله والحرص على ما عند الله سبحانه وتعالى وطلب العون والمساعدة فكم من مشروع تعطل تنفيذه لأجل أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يردك إليه يريدك أن تذكره وهو الغني عن ذكرك يريدك سبحانه وتعالى أن تطلب منه المعونة أن تشعر بفقرك واحتياجك إليه وتُظهر ذلك الاحتياج ولا تغتر بما آتاك الله لا تغتر بكل ما لديك من قوة موهومة فقوة البشر مهما بلغت في نهاية الأمر هي موهومة غير حقيقية عارية قابلة لأن تؤخذ في أي وقت وفي أي لحظة قابلة لأن تضعف أما القوة الوحيدة على وجه الأرض فهي قوة الواحد الأحد الفرد الصمد الذي ينبغي أن نتوجه إليه سبحانه وتعالى طالبين منه العون وعندها فقط يفتح الله سبحانه وتعالى لك أبواب الفلاح والتيسير والنجاح والتوفيق الذي لا يملكه سواه مهما بلغت بنا الأسباب ومهما قويت واجتمعت لدينا المسببات تبقى في نهاية الأمر مفتاح كل هذه الأمور من أسباب ومسببات بيده سبحانه وتعالى.


    يتبع



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •